لن تفلح البندقية حارسة لضمير القلم

بسم الله الرحمن الرحيم

بون شاسع بين العسكرية في احترافيتها وقواعد ضبطها وربطها وجودة أدائها وكفاءة منسوبيها..وبين تحويلها من حارسة للأوطان إلى حارسة للنظم الديكتاتورية..فالأولى تنال احترامها من كونها شرف الوطن وعزته وحراسة كرامته واحترام تقاليدها الداخلية في الضبط والربط والترقي وما إلى ذلك..أما الأخرى فكما يعلم الجميع..فتبدأ بخرق كل القواعد والأصول الخاصة بها في البداية..حيث يصعد ضابط أقل رتبة من قادته مع مجموعة مغامرة على سدة الحكم..وبالضرورة ..يتم إفراغ الجيوش من قياداتها وكبار ضباطها خاصة غير الموالين..وما حدث لدى النظام القائم…معروف لدى كل من عايش سنوات النظام المظلمة..وهو ليس بدعاً من النظم الديكتاتورية..ولكنه للمفارقة..ولد في زمان رحيل الديكتاتوريات ..والتيقن من عدم مناسبتها للعصر وطبيعة التطور في وسائل الاتصال ..ما جعل أحد اهم أدواتها بلا قيمة تذكر ..وهو التعتيم الإعلامي وفرض نمط من من إعلام الدعاية للنظام..ذلك في ظل تحول الكرة الأرضية إلى قرية كونية.
وإذا كانت النظم العسكرية الديكتاتورية العسكرية..تبدأ عهدها بتحطيم قواعد المؤسسة التي خرجت من رحمها..فإن الخدمة المدنية فيها من باب اولى أقل خاطراً لديها..لذلك تحاول
أن تخضعها بفرض قواعد الضبط والربط وتعيين العسكريين في قيادة وزاراتها..وتمتد فيها الأذرع الأمنية والعملاء وكتاب التقارير من المدنيين المجندين..لكن نظام الإنقاذ ..تفوق في سوءه على الباقين ..كونه بني على أيديولوجية تتخذ الدين واجهة.. وأن العصبة فيها تؤمن بالقوة فأتت ببناء أذرعة ذات الشوكة..والتي تغولت على كل شئ..ورغم فضح الكثيرين من الكتاب من خارج النظام للأمر بمجهودات مضنية في الاستقصاء ..مثل الاستاذ فتحي الضو..أطول المعارضين باعاً..إلا ان شهادات الأفندي الباكرة..ومبارك الكودة المتأخرة..بأن ذوي المناصب السياسية ..لم يكونوا غير واجهات تنفذ من يرسم لهم من هذه الأجهزة. تعتبر أدلة مهمة.
ومشكلة الناس مع مثل هذا النمط من السيطرة العسكرية..أنها تفترض في ظل مجهوداتها في الحفاظ على نظامها..أن الضمير الوطني قد غادر كل فرد او جماعة ..وطار وحلق عالياً ليختار بعين الصقر .. ضمائرهم فقط..فيصبح ضمير بندقية النظم ..حارساً على ضمير القلم..مع ما يستتبع ذلك من وضع القوانين التي تجعل لعسكرييها ..وضعاً مراقباً لا تستكمل إجراءات العمل إما بأخذ التصديقات منها ووضع أختامها على كل الأوراق ..أو عبر المراقبة اللصيقة للمدنيين ..ظانة أنه وبذلك فقط..تُسير الأوطان..ثم تزداد عملية معايشة الدور..بزيادة الامتيازات والرفاهية على حساب بقية الشعب.. وهذا يعني ان تنحصر الثقة تدريجياً في دائرة ضيقة…ونظامنا القائم قد وصل إلى هذه النقطة..ورئيسه يمهد بتخوفه من تحول الحزب يوماً كما الاتحاد الاشتراكي..ويسحب سلطات الحزب ويحوله إلى مجرد محلل أنكحة له ولقراراته..خبيراً ذليلاً بمذاق القرارات التي يستسيغها..
لكن النهاية ستكون معروفة..وبدأت ملامحها في الظهور ..فالدائرة الضيقة..لن ترهن نفسها لجهاز مكشوف مثل الأمن الشعبي ..لذلك فإن حله ليس مستغرباً..أما إصلاح القوانين التي تجعل للأجهزة العسكرية موقعاً في المصادقة والأختام في كل مجال..لا محالة آتية للتغيير ..إما بفعل ثورة تقتلع النظام من جذوره وتعيد صياغة الوطن من جديد..أو بالرضوخ من تلقاء نفسها لضغط الواقع عليها..لأن كل النظم والقوانين في كل المجالات..لا يمكن بناءها مهما كان سبكها..إلا من خلال الثقة في ضمير القلم في مواقعه..والبندقية في مواقعا..حتى لا يوضع السيف في موقع الندى..فيزداد الخراب.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أولا تبصرون يا قوم! البندقيه تحرس كل قرطاس وقلم .. ألا ترون شرطة الجامعات وحراسة المدارس والامتحانات .. وكمان تشارك فى اتخاذ قرارات ايقاف كبار مراقبى امتحان الشهاده..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..