جامعة كردفان والصعود خطوات في المطالبه بالحقوق

كان العالم الإيطالي “جاليلو” يتمتع بذكاء حاد مكنه من التوصل الي حقيقة علميه هامه و مغايرة لعالمه انذاك عندما إكتشف كرويه الأرض،الذي يهمنا من القصه هنا ليس الحقيقة العلمية ولكن توابع ما توصل إليه في وقت يمنع فيه التفكير و التعبير حيث ان الكنيسة عن طريق ديوانها قد قدمت العالم “جاليلو”لمحاكمه و ارغمته علي تكذيب إكتشافه،
ممارسه الضغوط جعلته يجاهر بعد حقيقة الإكتشاف في الوقت الذي ظل يؤمن بحقيقه الأمر،فعل جاليلو حركته الشهيرة عندما دار حول نفسه و ركل برجله علي الأرض قائلا:و مع ذلك فهي تدور..
القراء الأفاضل:
ما تقدم ينطبق مع ما أثبته طلاب كردفان (ومع ذلك فنحن نناضل) مع الرصاص يطالب الطلاب بحقهم النقابي،مع الإستدعاء يقاوم الطلاب لإنتزاع حقهم الثقافي،مع الإعتقال يؤمن الطلاب بحتمية معاودة نشاطهم السياسي-لا أظن ان هناك جامعة سودانية شهدت تلاحق لمستجدات احداث كما هو الحال بالنسبه لجامعة كردفان في الفترة منذ العام 2015 وحتي اللحظه،
خصوصا مع وصول الحراك لذروته في تشيرين الثاني نوفمبر من العام المذكور عندما قاد طلاب الجامعة حراك كاسح القوة يطالب بضرورة إعادة تأهيل الطريق الرئيس المؤدي الي مجمع (خورطقت) الذي يقع علي بعد عدة كلمترات شرق مدينه الأبيض المقر الرئيس للجامعة حيث مجمع الوسط (السنتر)،مجمع الطب و العلوم الصحية ،و مجمع التربية ،ما يجدر التذكير به ان الحراك الطلابي كان بمثابه شعلة اضاءت درب النضال للطلاب و كان بمثابه البروفة للعود ثانية،
فبعد إتخاذ اسلوب المباغته لسلطة الولاية في ما لا تسمح بمسه رصخت السلطة و ركعت لجحافل الطلاب و عبدت الطريق المؤدي الي مقر العلم و قلعة النضال (طقت)، النجاح الباهر في إنجاز مشروع الطريق فتح شهية الطلاب علي توسيع قاعدة مطالبهم و ذلك بعد الترتيب
حيث قام ذات الطلاب في شهر أبريل من العام 2016 بالتهديد في الدخول في حاله إضراب مفتوح عن الدراسة او الخروج الي الشوارع و ذلك بعد ظهور حادثة (تسمم) لدي بعض الطلاب بسبب عدم صلاحية المياه للإستخدام الأدمي،و بعد عدة مخاطبات طلابية رسي الرأي الجمعي علي آلية الصدام علي الطريق الأولي رافعيين شعار (هاا مرة اخري سنخرج للشوارع ..)-و تحقق و عدهم وذلك في اخر ايأم شهر مارس عندما نزلت ذات المواكب الي الشوراع مطالبة بمياة تليق بالأنسان الطالب او الطالب أمل الأمة،
في هذه المرة شعرت السلطة بضرورة كبح الشعور الثوري الذي يمتلئ به هولاء الشبان عندما قابلتهم القوات الشرطية والأمنية بالقمع البشع و خلف ذلك عدد عشرات المصابين بعد ركلهم بأعقاب البنادق و جلد للطلاب و الطالبات كذلك بالسياط في مشهد يعكس حقيقة السطة و وجهها القذر في التعاطي مع أمل الغد (الطلاب) و لم تكتفي الأجهزة الأمنية و الشرطية بما فعلتهم و لكنها ارادت زيادة حدة القمع الموجه ضد طلاب الجامعه حتي تعاد الكرة ثانية،و كان عليها ان تقوم بأكبر عملية إعتقال في تاريخ الجامعة و لربما الجامعات السودانية علي السواء
حيث وصلت حصيلة ما تم إعتقال من الطلاب (أمل الامة) الي اكثر من أربعين طالب،موزعين بين أقسام الشرطة و مخابئ الأمن مع تعرض البعض منهم لتعذيب مؤثر،
لكن الأمر الذي يؤكد ان طلاب الجامعة قد توشحوا بالإيمان و الوعي و كان يرون اهمية التعبير عن المعرفة بالعمل-
كان الأمر فوق التخيل هذه المرة الصورة كانت تفصح عن بعض البشر العزل إلا من الإيمان بقضيتهم لحظة ساروا في ظلام يضرب سوداه كل شئ،لم يكن أي منهم علي دراية بما يخبئ القدر ،تخطو عشرات الأمتار وطئ كل طالب ارض جامعة الحبيبة،تتموا علي بعضهم البعض،تقدموا الي مقار الترشيح والترشح،و في اثناء المسير،سمعوا وابل من الرصاص يصوب نحوهم ،لم يكن اي منهم قد تدرب علي مواجهه الموت بالطريقة العسكرية،لم يركنوا الي ما يسمي بالساتر،صاح بعضهم:انهم يحاولون إخافتنا-قال اخرون،هذا طلق مطاطي،و الموكب لا يزال يصر علي التقدم،القاتل يتراجع و بعضهم الطلاب يسمع بأم أذنيه توجيهات قيادة الشبيحة:اثبتوا و الخطاب هنا موجه الي القتلة الذين فزعوا من إستبسال الطلاب،
الرصاص يطلق بكثافة،و رأئحة البارود تملأ سماء المكان،الرصاص يتسرب بين ذرات الهواء ليستقر بين ارجل و قلبوب الطلاب،رصاصه الشؤوم تستقر أعلي قلب طالب في السنة الأولي ،تعلن لنا عن شهيد جامعة كردفان الأول(ابوبكر حسن محمد طه) روحه تعانق روح القرشي التي سمت منذ خمسين عاما،السابقين من الطلاب زملاء(محمد الحسن فضل الله،و سومين،و التاية) استقبلوا الروح الثائرة بهدوء،
ما سبق تلخيص ليوم البؤس،او الثلاثاء الأسود،حيث الموت غير المحصور الي المساء،والدماء التي جعلت كل شئ لونه احمر،كان ذلك فصلا جديدا في الصعود خطوة علي سلم المقاومة و الإنتصار داخل أسوار جامعة كردفان.
العسكر كما هي عادتهم لا يمتلكون الحذاقة التي تؤدي الي ايجاد الحلول القرار المتوقع صدر:-اغلاق الجامعة الي اجل غير مسماه،الطلاب يتوزعون في بلاد الله الواسعة، 14 أغسطس،
وضع الرقيب الفني الخطة الملائمة لفتح ابواب الجامعة و قاعاتها،الفتح كان هذه المرة جزئ،الخريجين فقط هم المستهدفون،الطلاب الذين اصبحوا امام خيار لا ثاني له،الجامعة ستعاود الدراسة،عملوا علي اعادة القضية الي السطح،إبتدعوا فكرة تقوم علي تقديم الرسالة من خلال (فانيلات) تحمل صورة الشهيد،الجهات الامنية تحبط المحاولة هذه المرة،
طلاب كثر اطر بعضهم للتعبير عن مشاعره بشكل فردي،وهنا بدأت حلقات من مسلسل أخر بإسم (لجان محاسبه،و استدعاء) الحلقة الجهنمية مستمرة الي اليوم-الطلاب يحاصرون الإدارة من كل فج-
ممارسة العمل الثقافي بشكل جماعي،الإستدعاءات تتواصل،و كثرتها تؤدي الي الخطط البديلة،إعتقالات من داخل الحرس الجامعي و تسليم الطلاب الي حراسات الشرطة،حيث يودع هناك المجرمين، الأمر يثير الغرابة،الإدارة تفشل في إيقاف المد الطلابي،والرقيب يبتكر هذه المرة (وثبه) داخل الجامعة بغرض اللعب علي الوقت و كسب ذوي اللا موقف.
بعد الحراك الاخير لطلاب (جامعة كردفان) كان ثمة اشياء تبدو قد طرأت علي طلاب الجامعة مما ادت بدورها الي تغييرات في سياسات الجامعة إضافة الي رفع تيرمومتر الوعي الطلابي الذي أصبح ثمه إساسية لطلاب الجامعة عن من هم سواهم و بإمكاني إبراز ذلك في عدة إلتماعات كالأتي:-
الإلتماعه الاولي-
إنتهجت إدارة الجامعة إسلوب في غاية الغرابة بحيث انها اصبحت تلجئ الي أسر الطلاب و ذويهم من اجل إيقاف نشاط أي طالب صعب تحجيمه بالطرق المجربه من قبل إدارة الجامعة،الامر الذي يثير هنا التهكم و السخريه في ذات الوقت هو ان بعض الأسر قد أدخلت إدارة الجامعة في موقع الحرج و ذلك من خلال ردودها القاسية والمعنفه لسوء تصرف الإدارة،و هو أمر اقرأه انا تحت طائلة العجز و إفتقار الحلول من إدارة الجامعة.
الإلتماعه الثانية-
إستحداث ظاهرة دخيلة علي الوسط الطلابي منذ الأزل و تمثل هذا الشئ في إقدام مليشيا الشرطة الجامعة،و هي في حقيقة الامر جسم غير قانوني تم إبتداعه بعد ما عرف (إنتفاضه الجامعات) في شهري إبريل و مايو من العام 2016 وذلك بعد المؤتمر الصحفي الذي أكد من خلاله المسؤليين علي ضرورة إنشاء قوة شرطية من إناس أشداء غلاظ كما جاء أنئذ،و قد تحولت مهام الجسم الغير نظامي هنا الي العمل علي تسهيل إصطياد الطلبة الناشطين و تحوليهم الي أقسام الشرطة او مخافر الأجهزة الأمنية و تكرر الامر هنا بصورة تثير المخاوف من أن تتحول جامعة كردفان الي مصيد للطلاب و تحويلهم الي الإعتقال.
الإلتماعة الثالثة-
نلحظ شروع الإدارة و منسوبيها الأمنيين الي الوصول الي بعض أسر الطلاب و تهديدهم بتصفة أبنائهم إن هم لم يكفوا علي مواجهه الإدارة،اسلوب الإدارة هذا المرة ينم علي خروج الأحداث و مجرياتها من سيطرتها،فأتخدت أساليب العصابات و المافيا في سبيل صد العناصر الفاعلة في قيادة الحراك.
الإلتماعة الرابعه-
تأكيد إدارة الجامعة علي ان الذي يسود هنا قانون الغابة و ليس القوانيين و اللوائح الصوريه،فمثلا عندما يتم إعتراض او إستدعاء طالب قام بنشاط قانوني حسب اللوائح-غير قانوني حسب هوى إدارة الجامعة يتم التعامل معه بالعقلية التي تفصح عن حقيقه التعسف و حكم اللا قانون،مخيرين الطالب بين أن يكف عن نشاطه هذا أو يقام عليه التعزير اللاجم.
القرأء الأفاضل في خاتمة الحديث أريد ان اعمل علي تلخيص مقاصدي من خلال إبراز الوجه الكامل لجامعة كردفان-طلابها وانشطتهم-و إدارتها و عسفها-تأريخها القريب و حاضرها-نضالات أماجدها و ايمانهم بعدالة قضيتهم من خلال صدقهم في التفاني من اجل التضحيه حتي يسجل التأريخ لهم عهد البطولة و ذلك أمر سيلامسه هؤلاء الشبان عما قريب.
[email][email protected][/email]