لا ضمانات «شخصية» للبشير..لا استفتاء للانفصال.!!.الباقون في كنف هذا النظام سيواصلون الرحلة الى المجهول.. الى مزيد من التمزقات..

مع الاستفتاء السوداني، ولو مؤجلاً بعض الوقت، ستؤرخ 2011 لسقوط موجع ومدوٍ، لكن غير مأسوف عليه، لتجربة حكم أو بالأحرى لفشل نظام في الاحتفاظ بأهله. الذاهبون الى الانفصال سيتخلصون منه، وليس مضموناً أن ينالوا حكماً أكثر رشداً وديموقراطية، لكن هذا خيارهم. أما الباقون في كنف هذا النظام فسيواصلون الرحلة الى المجهول، الى مزيد من التمزقات، من دون أن يكون هذا خيارهم.

رموز ومفاهيم كثيرة ستواجه مع انفصال الجنوب السوداني مساءلة ومحاكمة ستبقيان ممنوعتين على أي حال، وهذا المنع من سمات هذا النمط من الحكم الذي يبدأ بركوب الدبابة مقتحماً السراي، ثم يكمل بركوب أي موجة أو تيار، لا سيما القومية العربية أو الإسلام السياسي، من أجل هدف واحد هو التمسك بالسلطة حتى لو أدى ذلك به الى إنكار حقائق المجتمع والبلد. ما كان يمكن أن يحكم السودان إلا بنمط أقرب الى احترام التعددية والرضوخ للتوافقات الاجتماعية، لكنه عومل بأسوأ ما في الأداءين العسكري والمدّعي الاسترشاد بالدين.

عقدان من الحروب، فضلاً عن خلافات وإحباطات سابقة استشرت منذ أعوام الاستقلال، ثم «اتفاق السلام» وقع عام 2005 ويفترض إدارة هادئة وداعية الى مرحلة انتقالية يصار بعدها الى تخيير الجنوبيين بين الوحدة والانفصال… هذه الأعوام الخمسة خصصت عملياً لإدارة الاتجاه الى الانفصال، برغبة معلنة من قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، وبتنفير منهجي من قيادة المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال. مع جون قرنق، الزعيم التاريخي للجنوبيين، كان يمكن الأمل في بذل أقصى جهد ممكن للبقاء في إطار وحدة مفيدة للسودانيين كافة، وإن كان الرهان على عمر البشير بدا دائماً مخيباً للآمال. ومع الزعيم الأمني سلفاكير ميارديت جنوباً والبشير شمالاً انتفت كل الآمال ليس في استمرار الوحدة فحسب وإنما أيضاً بانفصال هادئ وسلس وحضاري.

اقترب الاستحقاق وها نحن نشهد استيقاظات صغيرة ومتفرقة وعاطفية من سبات عميق، لكنها متأخرة وغير مجدية، خصوصاً أن انفصال الجنوب وضع على الأجندة الدولية، الأميركية تحديداً، كحدث محسوم. واقع الأمر أن الانفصال حصل نفسياً، بل تأكد في الإرادة السياسية الجنوبية استباقاً للاستفتاء، لكن هذه الجراحة الخطيرة التي سيتعرض لها البلد تتطلب الكثير من العناية في التحضير ليغدو شطرا السودان جاهزين لتقبّل الأمر الواقع بأقل قدر ممكن من التداعيات السلبية. من الواضح أن هذه الجاهزية لا تزال بعيدة المنال، وفقاً لواحد من أكثر تصريحات هيلاري كلينتون واقعية حين قالت إن على الجنوبيين أن يتوصلوا الى «بعض التسويات» مع الشمال.

قبل نحو عام قدمت مراكز بحث عدة، وتقارير حكومية، أميركية وبريطانية، تقويماً لاستحقاق الانفصال يرجح تأجيله أو حتى استبعاده، مستندة الى أسباب تتعلق تحديداً بـ «مقوّمات الدولة» العتيدة في الجنوب. كان مفهوماً أن هناك شكوكاً بتوافر تلك المقوّمات. ونقل كثيرون آنذاك انطباعات نسبوها الى المبعوث الأميركي سكوت غرايشن مفادها أن الأفضل هو التأجيل. بعد شهور قليلة، ومع بدء التحضير لانتخابات نيسان (أبريل) الماضي، انقلب التشكيك الى تصميم واستعجال. حتى أن قبول المخالفات والانتهاكات في تلك الانتخابات وضع في خانة تشجيع عمر البشير وتسليفه الدعم، شرط أن يجدّ في تسهيل الاستفتاء فالانفصال.

ما إن استتب الحكم للبشير، المنتخب، حتى بدأت المساومة الكبرى. فهو مستعد لمنح الدول الغربية هذا الانفصال الجنوبي، لكنه يريد أن يتعرف الى الثمن وأن يراه، بدءاً – وقبل كل شيء – بتجميد ملاحقته كمتهم بجرائم حرب وحتى بطي الملف في المحكمة الجنائية الدولية. تأتي بعد ذلك «الجوائز» الأخرى التي يمكن الدول المانحة أن تقدمها للشمال. ولا بد من أن تنطوي الصفقة أيضاً على إنهاء النزاع في دارفور. ولا يعارض الأميركيون ما يسمونه حوافز لنظام البشير، إلا أنهم لن يقدموا الآن سوى الوعود والتعهدات، على أن يكون الإيفاء بعد الاستفتاء. وبالطبع لا تستطيع الإدارة الأميركية ولا سواها وقف الملاحقة للبشير، ما يعني أن الأخير سيفقد بعد الاستفتاء الورقة الأهم في يده للدفاع عن نفسه باعتبار أن الدول الغربية لا ترى إمكاناً لنشوء الدولة الجنوبية إلا بتعاون تام من هذا الرئيس السوداني. غير أن هذه الدول بالغت في اعتقادها أنه سيسلّم الجنوب بسهولة.

طوال العامين الماضيين كان البشير يؤكد التزامه الاستفتاء في موعده، وبلا عقبات، لكنه كان يلفت الجنرال غرايشن وسواه الى ضرورة تفكيك النزاع (الدولي) في دارفور وإعادة الإقليم الى سلطته. لكن الآخرين استخدموا دارفور لابتزاز الخرطوم، التي بادرت بعدئذ الى استخدام الانفصال لابتزازهم. وإذ يبدو الأمر كأنه لعبة منطقية ومتوازية، فإنه انطوى على مخاطر كثيرة تبدو ماثلة الآن بعدم وجود حل في دارفور، وعدم المعالجة المسبقة لمتاعب الانفصال، وعدم تحضير الشمال نفسه لتداعيات هذا الانفصال. فمع وجود دولة جديدة – لم يعرف اسمها بعد – في الجنوب سيزيد عدد الأطراف الإقليمية التي تريد أن تتدخل في السودان لإدامة القلق والاضطراب في أنحائه مع استعداد جماعات عدة للمطالبة بإنصافهم كما سينصف الجنوبيون.

كان الانفصال خياراً معلناً، وكان الأجدى أن يواجه بعقلية جريئة وخلاّقة، لكن للأسف طرح هذا الخيار في وقت عزّ وجود الحكماء في مكانهم المناسب، بل عزّ اللجوء إليهم. فلا الوحدويون ولا الانفصاليون فكروا في مواطنيهم، فإذا بهم يبلغون اليوم أبشع الانفعالات العنصرية كما في قول وزير الإعلام الشمالي إن الجنوبيين لن يحصلوا على «حقنة في المستشفى» إذا صوتوا للانفصال وبقوا من سكان الشمال. كان الصراع أودى بنحو مليوني سوداني بين قتال وجوع ومرض، لكنه ينذر اليوم بتجدد الحروب، مع أن الطرفين وجدا كل الوقت ليبحثا في تقاسم السلطة والثروة وترسيم الحدود، أو ليبلورا صيغة كونفيديرالية ذات خصوصية تلبي مصالح السكان والحفاظ على حد أدنى من طبائع التواصل الإنساني في ما بينهم. ليس الخبير الأميركي برينستون ليمان ونظراؤه ممن سينصحون السودانيين بالتعامل بشيء من «الأريحية» في ما بينهم، لكن يؤمل بأن ينصحوهم بمشاريع مشتركة.

عبدالوهاب بدرخان

* كاتب وصحافي لبناني
دار الحياة

تعليق واحد

  1. صدقاّ وعدلاّ: اناتفاقية نيفاشا كانت هي التسوية( الصحيحة) في الزمن( الخطأ)…زمن عزّ فيه (الابداع) الخلاق وعزّت فيه( الحكمة) العميقه!!!

  2. بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    خدعة المفاهيم ما بين اليسار واليمين العربي

    شبكة البصرة

    د. قيس النوري

    خلال حقب الخمسينات والستينات طفت إلى السطح تصنيفات أيدولوجية مضللة وضعت الأحزاب القومية العربية في مصاف اليمين، وأخرى سميت أحزاب يسارية ديمقراطية مقرونة بصفة التقدمية، مما عنى أن الأحزاب والتيارات القومية هي رجعية بمضامينها الفكرية وأرتباطاتها وتكويناتها الطبقية ما دامت الأحزاب الأخرى قد أحتكرت صفة التقدمية..
    وأذى كان المفهوم الضمني لليسار يعني الثورة والجذرية والنزوع نحو التقدم لبناء أنموذج يتجاوز واقع الأمة المتخلف، فأن جوهر الفكر الملتزم للأحزاب والتيارات القومية تمركز حول خطاب يحرض على الثورة وصولا لبناء الدولة الأمة بديلا لواقع التجزئة الذي شل القدرات العربية ووضع أجزائها القطرية في موضع العجز.. أذا فالتيار القومي لم يكن يتعارض مع جوهر فكرة اليسار أذا قبلنا بمفهوم ثورية اليسار، وأذا كان هذا صحيحا فما هو المغزى أن يوصم التيار القومي باليمين ومن ثم الرجعية؟ سؤال لا بد منه وتقتضيه ضرورات الجدل طبقا لما ألت إليه مجريات الأحداث منذ نكسة حزيران 1967 ولغاية إحتلال العراق في 2003 وما أعقب ذلك من أصطفافات بدت للوهلة الأولى تناقضات صعبة الفهم طبقا للتصنيفات العقيمة ما بين يسار ويمين، تلك التصنيفات التي ولدت جراء زيفها نوعا من التيه في صفوف النخب الفكرية العربية مما أضعف بعضها على حساب القضية الكبرى، قضية التحرر والوحدة..
    أن فشل وهزيمة النظم العربية ومؤسساتها السياسية والعسكرية في حرب 1967 مع العدو الصهيوني لم يصنعها ويتحمل مسؤوليتها الفكر القومي بأحزابه وتياراته، وأنما يتحمل وزر نتائجها بالمشاركة مع النظم العربية ذلك التيار الذي صنف نفسه بأنه اليسار العربي، فذاك اليسار المزعوم ساهم إلى حد بعيد في شرذمة وتشتيت النسيج السياسي العربي من خلال طفوليته وعن قصدية في أحيان غالبة عندما تحالف مع أحزاب وتيارات تحسب على اليسار العالمي لكنها تناهض التيار العروبي التحرري، من هنا فأن وضع القومية بأحزابها وتياراتها في موضع اليمين كان بقصدية واضحة، الغرض منها أضعاف حركة التحرر العربي من خلال العبث بالمفاهيم ومن ثم المواقف من داخل البنية السياسية الشعبية العربية، أنها بهذا المعنى مارست دورا تأمريا شكل أحد أذرع الهجمة الغربية ضد العرب كأمة..
    البعض من تلك الأحزاب المتسربلة باليسار تضليلا ذهب بالشوط بعيدا فتموضع مع حركات أنفصالية وأخرى تحالفت مع دعوات وأحزاب طائفية، وبهذا الموقف فأن اليسار العربي ألتحق بمعسكر اليمين الغربي المناهض للمشروع القومي العربي التحرري الذي تتبناه فكرا وممارسة التيارات والأحزاب القومية.. أنها أصطفافات مريبة بقدر ما هي متحركة طبقا لحركة الصراع المحتدم بين مشروعين متقابلين، الغربي بمفرداته المعروفة وأمتداداته النظمية العربية وقاعدته الصهيونية من جهة وبين تيار عروبي بأحزابه وقواه الوطنية ومشروعه القومي..

    لقد أفصحت تداعيات إحتلال العراق عن واقع أبان بشكل لا يقبل التأويل زيف دعوات ما أطلق على نفسه اليسار العربي، حتى أصطفت العمامة وخطابها الأقصائي الفاشيستي الديني مع أحزاب وتيارات طالما صنفت نفسها زيفا باليسار الوطني التقدمي، والأنكى من هذا أن هذا الأصطفاف التأمري كان بصياغة وقيادة أميركية أستعمارية مباشرة..

    لقد أدركت الدوائر الغربية الأستعمارية ومنذ وقت مبكر أن من بين الوسائل لأختراق الحراك السياسي العربي أعتماد وسائل التضليل وتداخل الخنادق من خلال ألباس عناصر وحركات سياسية عربية لبوس الوطنية والثورية لتشكل في حركتها داخل أطار الحراك السياسي طابور خامس، مارس في الماضي دورا تخريبيا مقصودا و تمارس اليوم دورا سافرا في مساندة القوى الإحتلالية تحت شعارات ديمقراطية أكثر زيفا من أبشع دكتاتورية طائفية، أنه أصطفاف مفضوح أفصح عن هويته ومكنوناته الحقيقية بالواقع العملي الممارس في الساحة العراقية منذ 2003..
    وأذا كان اليسار كمفهوم يعبر عن الثورة والرفض والمقاومة، فأن الأحزاب القومية وطبقا للممارسة هي وحدها التي تستحق أن توصف باليسار الثوري، كونها هي وحدها من يرفع ويمارس المقاومة، وهي وحدها من تتعرض للمطاردة وحتى الأجتثاث، ليس فقط من حق الممارسة السياسية وحرية العمل وأنما من حق الحياة.. أن ما يتعرض له حزب البعث العربي الأشتراكي في العراق من مطاردة وقتل منظم لقواعده وكوادره على يد الفاشية الدينية واليسار الزائف المتحالف معها كشف بوضوح مدى الإيهام المقصود الذي مارسته ولعقود طويلة ما كانت تطلق على نفسها قوى اليسار التقدمي، رغم أن هذا الكشف يأتي في المحصلة لمصلحة قوى التحرر القومي وعنوانها الرئيس حزب البعث العربي الأشتراكي الذي يواجه مع القوى الوطنية والأسلامية وفي خندق واحد أشرس وأعتى هجمة أستعمارية عسكرية ضد الأمة في ساحتها المفصلية الأكثر تأثيرا في العراق المقاوم.

  3. الانفصال ات لامحالة ولو تاخر ما دام هذا النظام يتمسك باجندته ويحكم السودان بالدسائس والموامرات وبنفس العقلية التي كان يدير بها الاتجاه الاسلامي اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، وياليت سوف يقف الامر عند الجنوب ، لا فالغرب يسير وبخطي ثابت في اتجاه الانفصال وحياء دولته التي ضمها الانجليز للسودان بحدوده الحالية ، والواضح ان هذا النظام لن يتنزال ولن يتراجع عن السلطة واجندته في الحكم ويفتح الباب للغير للمشاركة حتي لو تمزق السودان وصارت العاصمة المثلثة دويلات مستلقة.

  4. و اللبنانى ده مالو ومال السودان يعنى خلالالالاص خله حسن نصر الله وموت الحريرى ووليد جمبلاط واسرائيل والخونة اللبنانيين المدسوسين فى صفوفهم ولا نسا انكم طردتو السودانيين واى طردة .. وجاى ناطى لينا هنا ؟؟؟
    امرحى يا مهازل وافرحى .. ما طردنا سفيرهم ولا ملحقهم ولا سفيرنا سألهم بأى ذنب طرد السودانيين وضربوا من قبل البوليس والامن اللبنانى ؟؟؟

    والله بقينا اليسوة والما يسوة يتكلم عن شعبنا وبقينا معروفين دوليا يا ريت معروفين بشى كويس لالا معروفين بدارفور والحرب والجنوب والانفصال فالينفصل الجنوب ولتذهب ارفور الى الجحيم ولتذهب حكومة الانقاذ الى مفرمة الشعب التى جاعت عن الفرم لسنين عجاف وحان لها ان تفرم كل الخونة بس المواطن برتاح ريحونا يا ناس الله يريحكم

    لله درك يا وطن

    ابــــــــــــــــــــــــوعـــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــر

  5. الجاءتنا جاءت من الارض ما من طال السماءسونا ناس ضرب البحر نكشح تيراب الغضب صعب الميراث نوبة وزنوج بجع وحلب عربان ورتانا اليوم شلو شلتكم وتقسمو الميراث اكل اموال اليتامى يساوي نار الان الجنوب انفصل والاقبال لدارفور
    *تبت يدا البشير تبت يدا حكومة الدمار(الانغاذ) اللهم اجعل نساءهم يحملون الحطب
    امين يارب ياناصر المظلمين ومعذب الظالمين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..