فضيحة دولية

في يوم السبت الثامن من ابريل الجاري بخطوٍ رتيب ممل، ربما ليثبت أنه أقوى شخصية من فبراير المبتور، شهدت عاصمتنا عاصفة ترابية، لا تستحق مسمى «كتاحة»، وبحلول المساء كانت العاصفة قد توقفت، إلا أن التراب ظل عالقا في الجو، وكشعب خَبِر التكتح بجميع أنواعه، وأكل القرنتية، فإننا نستطيع التمييز بين الهواء «الشديد» والعاصفة والكتاحة والهبوب
المهم أنه وفي مساء السبت ذاك، وفي بواكير فجر اليوم التالي، كان مسافرون إلى وجهات خارجية مختلفة، قد تدفقوا على مطار الخرطوم، وفوجئوا بأن المطار «مقفول»، وحراس أمن يسدون المنافذ المؤدية الى داخله وخارجه، وكان مشهدا مهولا، لو التقطته كاميرا قناة تلفزيونية، لحسب الناس أنه تم نقل مزارعي القضارف إلى مداخل صالة المغادرة في المطار، بعد أن تعذر توفير سجون تتسع لهم، وبعد أن تجاهلت السلطات مقترحا من نائب برلماني بتحويل استاد القضارف الى سجن للمزارعين، لأن بقاءهم قيد الحبس سيطول، بعد أن تعرضوا للخذلان، وصارت أطنان الذرة التي زرعوها ورعوها على مدى أشهر «ما جايبه همها»، بعد تدني أسعارها بفعل فاعلين غير مستترين تقديرهم «هم»
جلس أكثر من ألف شخص، كان من المفترض ان يسافروا عبر شركات الطيران السودانية والسعودية والقطرية والتركية والمصرية والبوركينافاسوية، على الأرض أمام بوابة المغادرة في المطار، ثم احتلوا مواقف السيارات، ولا أحد يعرف عن أمر إغلاق المطار سوى أنه بسبب التراب العالق في الجو، ولكن قلة قليلة علمت بأن هناك نافذة 50X50 سنتيمتر مخصصة للاستعلامات، ولكن الشخصين العاملين في المكتب كانا «علمي علمك»، بمعنى أنهما كانا يعرفان سبب عدم إقلاع الطائرات، ولكنهما لا يعرفان متى ستقلع رحلة هذه الشركة أو تلك، لأن مندوبي الشركات الذين كان يفترض أن يكونوا في استقبال المسافرين، سمعوا بأمر إغلاق المطار، ولم يكلفوا أنفسهم عناء الوجود فيه لإبلاغ الركاب بأمر إلغاء الرحلات، وتوضيح متى وكيف سيتم تنظيم رحلات لتوصيلهم الى وجهاتهم.
وفي نحو الرابعة من فجر الأحد، بقي في ساحة المطار بضع مئات توسدوا حقائبهم وكراتين الحلو مر، لأنهم «مقطوعو الرأس» وأتوا للخرطوم من الفاشر وبربر وكوبر والدامر، والفضيحة ليست فقط في أن مطارنا الدولي ليس فيه متر مربع واحد مظلل لمودعي المسافرين، بل في أنه لم تفكر جهة ما داخل المطار في استخدام المايكرفون الداخلي لإبلاغ الناس، بأن الرحلات الجوية تعرضت للتأجيل، وأن على كل مسافر أن يتواصل مع مكتب الشركة التي حصل منه على تذكرة السفر، وقد ينبري لي مسؤول في هيئة المطار ويقول إن هناك صالة في الطابق العلوي لمودعي المسافرين، ولكن «المسافرون يستخدمون الطابق الأرضي، وبالتالي فالوداع ينبغي أن يكون في الطابق الأرضي.» الصالة العلوية هذه مكتوب عليها «فيوارز هول Viewers Hall»، وتعني «صالة المتفرجين»، ومكان بمثل هذا الاسم في مطار يزعم أنه دولي، يوحي بأن سلطات المطار تعتبر المسافرين قرود، ربما لأن المسافرين يجدون أنفسهم مضطرين لسحب أمتعتهم عبر ممر ضيق، لوضعها على جهاز الكشف بالأشعة، وبعد هذه النقطة ممنوع استخدام التروللي لتوصيل الأمتعة الى الميزان
ويترتب على هذا مشهد مؤسف ويكسف: يتبارى عاملون في المطار على تقاسم أمتعة المسافرين لتوصيلها الى حيث الموازين، وحتى لو كنت تحمل حقيبة واحدة يزفك ثلاثة أشخاص حتى الميزان، وعلى بعد أمتار من الميزان هناك حاجز أمني، وتتخطاه بثلاثة أمتار «إلا ربع»، لتقف في حاجز الجوازات، وتتجه الى بوابة الصعود، وتضع امتعتك مجددا على جهاز الكشف بالأشعة «حتى مرضانا لا يحظون بهذا السخاء الإشعاعي عندما يحتاجون اليه»، وعند بوابة الصعود الى الباص الذي سيوصلك الى الطائرة عليك أيضا أن تبرز كمشة أوراق
حالة مطارنا البائسة معروفة والضرب في الميت حرام، ولكن أن يتجاهل مندوبو شركات الطيران المسافرين، ولا يكلفوا أنفسهم عناء إبلاغهم هاتفيا أو شفهيا بإلغاء الرحلات، فهذه «حقارة عديل».

الصحافة

تعليق واحد

  1. انا مرة طلب مني دفع ١٠٠ دولار ولكن لدي ١٠٠يورو .مشيت محل تبديل العملة الحكومي ولكن الموظف قال لي ماعندنا دولار قلت ليهو اديك ١٠٠ يورو علما انها تعادل اكثر من المبلغ..قال لابس داير يورو؟؟ في الاخر دلني علي سمسار بتاع عملة؟؟؟
    الموظف قال لي ماعندنا دولار قلت ليهو اديك ١٠٠ يورو علما انها تعادل اكثر من المبلغ..قال لابس داير يورو؟؟ في الاخر دلني علي سمسار بتاع عملة؟؟؟

  2. والعجب استمارة وصول مواطن البتعبيها في الطيارة دي!!! بالله ما تنساها ونأمل أن تكون هذه بداية سلسلة عن المتاعب التي يواجهها المواطن السوداني خلال يومه – شهره – حياته ، عمدا ًاو نتيجة للغباء أو حباً للاذلال وطأطأة الرؤوس ، مما يجعل حياته تتحول لجحيم حتى يفقد الاحساس بمتعها ويظل يلهث حتى القبر وجلاديه يلهثون لاحكام قبضتهم فلاهذا اسمتع ولا ذاك، والله من وراء القصد،

  3. أستاذنا الكريم / أبوالجعافر ماتنسي إنك فى السودان بلد العجائب والغرائب والمحن كان للكتاحة هينة وممكن تلقاها فى أى بلد بس فى بلاد تحترممواطنيها وأخرى تمسخر المواطنين وقس على ذلك

  4. على ذكر viewer hall كمان توجد لافته بمدخل صاله المغادرين مكتوب عليها no exit after this point يقصد لا يسمح بالخروج من الصاله بعد الدخول من البوابه وناسين انو المسافر اصلا جاء للمطار عشان يعمل ُexit
    الرجاء يا استاذ تطالب من عمودك المقرؤ بأن تكون هنالك جهة متخصصه(معهد الترجمه بجامعة الخرطوم مثلا) يوكل اليها كتابه اللافتات في الاماكن العمه والدور الرسميه

  5. اضحكتني عبارة فيوار هول على اعتبار أن المسافرين قرود…… إذا لم نتخلص من المدراء لابسي البدلات السفاري …. فلن ينصلح المطار……… لا توجد رؤية ولا عقلية منفتحة لهؤلاء المدراء………….. لاحظت أن موظفات الجوازات الشابات لا هم لهن غير البحلقة في الشبان الوسيمين………. تاركات أعمالهن الأصلية……
    وفي هذه الحالة يجب على إدارة المطار تحويلهن إلى الفيوار هول لكي يتمتعن بالفرجة الحقيقية على عريس ضائع حسب مخيلتهن المريضة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..