دروس ليست للمقارنة ..

المانيا التي توحدت بعد أن فصل بين شقيها جدار برلين الذي ذاب في سخونة الرياح التي اخذت في غضبتها سطوة المعسكر الشرقي الذي بنى دولاً على سياسة فرض الفكرة بالقبضات وفشل في الحفاظ على تماسكها كأمم تتعايش بالتجانس الإختياري ..هاهي الآن تصبح القوة الإقتصادية الضاربة في أروبا و تقودها السيدة أنجيلا ميريكل بتفويض قام على ثقة الأمة فيها لنجاعة إنجازاتها وحكمتها السياسية و عاطفتها الإنسانية على من لفظتهم أوطانهم الطاردة لهم مقابل أن يبقى الحكام على أنقاض تلك البلاد المنكوبة بهم طويلاً!
وهناك حيث تحاول بريطانيا أن تلملم بقية أشعة شمسها الغائبة تحت غيوم خيبات تحرر مستعمراتها التي لم تكن تغب عنها تلك الشمس ..نجد أن السيدة تريزا ماي التي ورثت بقية ولاية حزب المحافظين وقد تركها لها الشاب ديفيد كامرون الذي ذهب إيفاءا لوعده للشعب بالإنزواء بعيداً عن المشهد السياسي برمته إذا ما خالف الناخب البريطاني رغبته في الإستمرار ضمن منظومة الإتحاد الأوروبي .. وترك لها معها دولة تضع أولى خطواتها نحوذلك الإنسحاب الذي بات حتميا ..ولان تلك السيدة رأت أن تكملة عملية الخروج من ذلك المسبح العام الى حمامها الخاص ليست كالدخول اليه .. رأت أن تعود الى الناخب في إنتخابات مبكرة تُجرى في يوينو القادم مرة أخرى ليفوض بأرادته الحرة من يراه أكثر أهلية للخروج ببريطانيا الى مرحلتها الجديدة الدقيقة والحساسية !
مصر والسودان في هذه الزاوية الشرق شمالية من القارة الأفريقية وهما الجسر الرابط بينها و العالم العربي .. والمفروض بمساحاتهما ومواردهما البشرية والطبيعية أن يكونا في ذات مقام بريطانيا و المانيا من منطلق ذلك الموقع والمساحة ..فمن يحكمهما الآن وكيف وصلا بهما الى درك سحيق من إنحطاط الحالة الإقتصادية و إحتقار إرادة شعبيهما و التراجع الى حالة تكفف القمح و دلق ماء الوجه وبيع الكرامة والإنكسار !
فمصر يحكمها رئيس لا يليق بمكانتها و تاريخها ولايملك ابسط مقومات الخطاب السياسي.. وقد أتت به المؤسسة العسكرية رافعة إياه كخيال مأته يملؤه هواء النقمة الجماهيرية على نظام الإخوان الذي أراد أن يختزل مشوار التمكين في اقل من عام قفزا فوق تفويض ماكان له أن يؤهل مرشحهم للرئاسة لولا تكتل بقية القوى لصالحه ضد مرشح الدولة العميقة التي خرجت من الأبواب لتعود في عهد السيسي من النوافذ !
أما مصيبة السودان بكل ترابه الواسع و عراقة شعبه في الفهم السياسي والممارسة الديمقراطية المبكرة والسبق الجماهيري في تفجير الثورات .. فقد أصبح مرتهنا لسلامة رجل واحد سارق لسلطته و متربعا على أكتاف أهله على مدى ثلاثة عقود لازال يخطط للديمومة من خلال محاورة أحزاب العجوة التي صنعها بيدة ليتغذى بها في بقية مشواره الى الموت ..حيث لا يفكر في أن ينال لقب رئيس سابق خوفا من أن يقضي بقية حياته خلف قضبان خزيه وعار أفعالة التي قسمت الوطن و أذلت شعبه !
هي دروس ليست للمقارنة الجندرية بين بلا د تحكمها بارادة شعوبها إمراتان سيكتب التاريخ إسميهما في سجله الوضي بأحرف النور .. وبين رجلين يتحكمان في شعبي بلدين سيزفانهما طال الزمن أم قصُر باللعنات الى مكبات الجيف ومحارق العفن !

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..