ثورة الفكر (1)

٭ عندما أصدر دكتور لويس عوض كتابه ثورة الفكر في عصر النهضة الاوربية عام 7891 التهمته حرفاً حرفاً إذ كنت اعيش نوعاً من الفراغ المفروض وجدت نفسي فيه عقب احداث أبريل 5891 الانتفاضة فقد كنت من السدنة الذين يطالبوننا بأن نطلع برة.. ولا ادري اين هؤلاء وقد جاءت ذكرى أبريل ولم نسمع لهم صوتاً.. عفواً أرجع لكتاب ثورة الفكر الذي قلت التهمته حرفاً.. حرفاً اقبلت على كتاب ثورة الفكر في عصر النهضة ورحت اعقد المقارنات بين العهود وحركة الانسان داخلها.. إذ كان دكتور لويس عوض كعادته دقيقاً في تناوله للمسائل عميقاً في تحليلها.
٭ اخذتني شخصيات كثيرة تحدث عنها كرموز لثورة الفكر في تلك الفترة الكالحة السواد ولكن عند ارازموس وقفت أكثر.
٭ ارازموس عاش ما بين 9641-6351 والذي قال ان نهر الراين لا ينبغي ان يفصل المسيحي عن المسيحي.
٭ كان ارازموس عند الكثيرين هو أمير الانسانيين بسبب قوة دعوته للاخاء الانساني في زمن مزقت فيه الخلافات الدينية اوربا باسرها وكان الاحتكام إلى العقل عند ارازموس هو الطريق إلى الدين والطريق إلى حكم الاولين على حد سواء كذلك ترك ارازموس نحو 0003 خط نشر اكثرها في مجموعات للصراعات الفكرية التي شغلت المثقفين في عصر النهضة وحركة الاصلاح الديني.
٭ كان ارازموس مثل كافة دعاة الانسانية (الهيومانزم) في عصره يبحث عن الانسان ولا يكتفي بالبحث عن الله وكان يدعو لاكتشاف الدنيا ولا يكتفي باكتشاف الاخرة.
٭ ومع ذلك فقد تميز أدبه بظاهرتين فريدتين في عصره هما أنه كتب كل ما كتب باللغة العالمية في العصور الوسطى الا وهى اللغة اللاتينية بدلاً ان يكتب باحدى اللغات القومية المستقلة التي فتنت بها المذاهب البروتستانية المختلفة وحدة العالم المسيحي.
٭ والكتاب محل وقفتنا هذه هو الدفاع عن الحماقة أو في مدح الحماقة اهداه ارازموس إلى صديقه السير توماس مور بنوع من الدعابة قائلاً ان اسم توماس مور باللاتينية نذكره بالحماقة (مورياي) فكأنه في الواقع يكتب كتاباً في مدح توماس مور لا في مدح الحماقة.
٭ بهذه الدعابة يبدأ ارازموس كلامه مستخلصاً ان نهجه هو إصلاح اخطاء البشر وحماقاتهم بالتهكم والسخرية التي مهما كانت لاذعة لا ينبغي ان تكون جارحة فاذا ضحك الناس من اخطائهم كان هذا بداية الاصلاح.
٭ فهناك مثلاً المسرفون إلى درجة تدعو للسخرية هؤلاء نجدهم على استعداد لاحتمال أي تعريض مهما كان قاسياً بالمسيح نفسه على الا تمس شعرة من رأس الباب أو الامير ولا سيما اذا كان هذا النقد ينتقص من مكاسبهم فمن انتقد حياة الناس على هذا النحو دون ان يخصص بالاسم أحدا فهل يقال عنه انه يجرح أو يهدم ام يقال عنه انه يعلم ويعظ وبناء عليه فلو قال أحد أنه المقصود بهذا النقد فهو المريب الذي لا يفضح ذلك بنفسه ويقول خذوني.
٭ وقبل ان نعيش مع ارازموس في دفاعه عن الحماقة ومبدأ معالجة المسائل بالسخرية المفيدة.. نذكر انه وجد نفسه موضع سخط الكاثوليك والبروتستانت جميعاً في ذلك الزمان الذي كانت محاكم التفتيش تحرق فيه المصلحين بتهمة الزندقة وكانت مجامع البروتستانت تعدم الكاثوليك بتهمة العمالة لروما واوشك ارازموس ان يدفع حياته ثمناً لاعتداله وبغضه للعنف والتطرف.
اواصل مع تحياتي وشكري
الصحافة