يلا وتعال يلا ..نهاجِر في بِلاد الله

كلما آخيت عاصمةً/ رمتني بالحقيبة
لعل الشاعر ـ محمود درويش، في حالة مخاض النص وقتها لم يك في حسبانه أمة غير بني جلدته من الفلسطينيين من يعانون وطأة التسفار والترحال وهم في حالة نزوح مستمر … كلّما آخيتُ عاصمةً رمَتني بالحقيبة
فالتجأتُ إلى رصيف الحُلم والأشعار
كم أمشي إلى حُلُمي فتسبقني الخناجرُ
آه من حلمي ومن روما ..
وحيفا من هنا بدأتْ
وأحمدُ سُلَّمُ الكرملْ
وبسملة الندى والزعتر البلدي والمنزلْ
بيد انا لم نكن يوما نرى في أبيات درويش مآل حالٍ ورداء يليق بنا نتقمصه فتلتقطنا المطارات البعيدة والمواني القصية تتصيدنا الغربة ويستبد بنا الحنين فنجتر من روائع مصطفى سيد احمد المقبول ..سافر…مطارات الوداع ضجت قدامك وراك… والدنيا ليل غربة ومطر ..
وطرب حزين.. رجع تقاسيم الوتر
شِرب الزمن فرح السنين .. والباقى هداه السهر
يا روح غناى .. الغربة ملت من شقاى
وغربتى وبقيت براى .. حاضن أساى
الوحشة ملت من أساى .. ووحدتى
لاغنوة لا موال يبدل حسرتى .. غير الدموع يا ملهمة..
الغربة مرة و مؤلمة
ورغم مرارة الغربة فلا خيار أمام ـ السوداني ـ سوى الهجرة منتحلاً سياقاً لا يمت لسودانيته بصلة بيئة أو ثقافة ..مثله مثل ـ نخلة ـ أجتثت من أقاصي الشمال، ووجدت نفسها مرغمة في سياق الشعارات الكذوب فعافت القماري. حتى القماري ـ دفيفيقها ـ ومضت عابرة الى موطن النخيل توقِّع ـ قوقاياً خالدا ..هي السياسة بقذارتها ووقاحتها أرغمنتا على الفرار من أمنا وأبينا وصاحبتنا وبنينا ، فتقاسمتنا المهاجر واستعرنا من نصوص الشعر ودفء الحنين وطنا بعد ان ضيق علينا ضيقي الأفق ـ واسعة احتوتنا ذات سودان جميل متسعا للجميع حتى غدت كخرم إبرة بل أضيق كثيرا… وما حيلة الشباب سوي الهجرة عبر البحار والمحيطات يمتطون قوارب الموت منهم من بلغ أرض الأحلام ومنهم من إلتقمه الحوت قبل ان تلامس أشواقه شفاه أحلامه ..ما حيلة الشباب في فرارهم من طواغيت وبقايا تتار أحالوا البلاد الى مقبرة كبرى ومحرقة لا تبقي ولا تزر ما حيلتهم هؤلاء الشباب سوى الفرار كما حُمرٍ مستنفرة، فرت من قسورة! .. وما حيلة المفردة أمام الخبرالصادم والرقم الذي لا يكذب أو يتجمل ـأعلنت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير لها، أن أعداد المهاجرين في ليبيا خلال الفترة التى ما بين ديسمبر 2016 ومارس من العام الجاري 2017 قد بلغ 381 الفا و 463 مهاجراوذكر تقرير للمنظمة أمس، أن رحلة المهاجرين الأفارقة وبخاصة من السودان ونيجيريا اصبحت تكلف المهاجر مبالغ أكبر، حيث قال 60 بالمئة من النيجيريين و 41 بالمئة من السودانيين من بين 1314 مهاجرا شملهم الاستقصاء بانهم يدفعون مابين الف دولار إلى خمسة الاف دولار لرحلتهم إلى ليبيا ، وأضاف التقرير أن المهاجرين الموجودين فى ليبيا يشملون 38 جنسية مختلفة مشيرا إلى أن المناطق التى تستضيف اكبر الأعداد من بين هؤلاء هي مصراته 66 الفا و 660 مهاجرا ثم طرابلس 53 الفا و 755 مهاجرا وسبها 44 الفا و 750 مهاجراونوه التقرير بان المهاجرين لديهم وثيقة إقامة صالحة أو تصريح عمل في أقل من 20 بالمئة من الحالات فى حين ان المهاجرين المقيمين فى ليبيا لعام أو اكثر لديهم الإمكانية للحصول على تصريح للإقامة في 17 بالمئة من .
وكما للمواطن هجرته وثق لها ب(يلا وتعال يلا ..نهاجر في بلاد الله) للرعاة كذلك هجرتهم الى الله !!
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]