وحدة ما تبقى من السودان و انموذج “فن” (Venn Diagram)

عودة الى حق تقرير المصير لشعب اقليم جبال النوبة/جنوب كردفان الذى نادى به مواطنى جبال النوبة منذ عام 2002 و اكده مجلس التحرير الاقليمى /جبال النوبة فى قراراته الاخيرة ، وهو أنه حق انسانى و ديمقراطى يحق لاى شعب ممارسته ، وقد اسس لهذا الحق و يجد له اصلا فى كثير من المواثيق الدولية و الاقليمية و ممارسات الشعوب . الامر الذى ينبغى له ان يكون مفهوما لمن يتحدثون عن مطلب شعب الاقليم فيما يتعلق بالحق فى تقرير المصير و هم خارج الاقليم ولا اهتمام ولا احساس لهم بمعاناة شعب الاقليم جراء سياسات النظم التى توالت على حكم البلاد منذ خروج المستعمر الى يوم الناس هذا ، هو أن حق تقرير المصير قد صار قضية مركزية و مصيرية بالنسبة لشعب الاقليم ، فالانتهاكات الواسعة التى اوقعها النظام على شعب الاقليم التى تستعصى على الوصف بدءا بالابادة الجماعية ، الاضطهاد و التطهير العرقى و الحرمان من ضروريات الحياة و المجاعات التى من صنع النظام نفسه جعلت انسان المنطقة خارج حسابات من حسب انه حكومته ، وكذلك جموع الشعب السودانى الذى لم يبدى ادنى تعاطف معه فىى محنته كأنه لم يعد اخيه فى الوطن ، فلم لا يطالب بالحق فى تقرير مصيره بحثا عن وضع يساويه مع بقية البشر فى الكرامة و الانسانية .
و ما يدهش المرء هو موقف “بعض” الذين و فدوا للاقليم من بقارة و فلاتة واصبحوا جزءا من مكونات شعب الاقليم و اثروا تنوع المنطقة فوق ثرائه و قد طالهم الظلم و التهميش ايضا مثل البقية لكنهم رضوا ان يكونوا وكلاء للمركز فى تنفيذ سياساته الاقصائية و الابادية ، و أدوات للتصدى للمواطن الاعزل فى تشكيلات المجاهدين و الجنجويد .و سياسات عدم الاعتراف و قبول الاخر شاخصة و لا تحتاج الى بحث ، فتأمل قول رأس النظام و طريد العدالة فى عيد الحصاد بالقضارف عام 2010 عندما قال : (الدستور سوف يعدل … سنبعد منه العبارات المدغمسة … فلا مجال للحديث بعد اليوم عن دولة متعددة الاديان و الاعراف و الثقافات ). فلم من يفرق بين البقارى و ثقافته و التى ارتبطت بنمط حياته أو النوبوى الذى يدين بكريم المعتقدات .
قد تجلى حكمة و عبقرية القائد الملهم الدكتور جون قرنق ديمبيور عندما استعان بأنموذج “فن” (Venn) كأداة لحل معضلة سودان ما قبل اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 ، و انموذج (فن) هو رسم بيانى يوضح جميع العلاقات المنطقية و الممكنة بين مجموعات مختلفة . استعان د. جون قرنق بهذا الرسم البيانى افترض فيه خمس احتمالات لمستقبل السودان و كيفية الحل . النموذج الثالث يقوم على فرضية السودان العربى الاسلامى فقط و الذى يسيطر على بقية الكيانات و القوميات ، اما النموذج الرابع فيقوم على فرضية قيام دولة افريقية علمانية يتم فيها اقصاء كل من هو غير افريقى و اسلاموى و هذا نموذج نظرى بحت لم و لن يرى النور فى الواقع العملى للسودان . اما النموذج الثانى فهو نموذج دولة بنظامين كالذى نصت عليه اتفاقية السلام الشامل و يحكم به خلال فترة انتقالية يقود بعدها الى النموذج الاول هو نموذج السودان الجديد الديموقراطي . النموذج الثالث هو حالنا اليوم بعد انقضاء الفترة الانتقالية و استقلال جنوب السودان و تاسيس دولته ، و كلا النموذجين الثالث و الرابع لا يمكنهما كما دلت التجربة ان يؤسسا دولة قابلة للحياة بل دولة فاشلة كما نرى اليوم ، اما النموذج الخامس فهو تفتت البلاد الى عدة دول أو انضمامها الى دول اخرى .
السودان الجديد لا يهدف الى هدم السودان القديم بالكامل و تأسيس السودان الجديد على انقاضه بل ينحو الى احداث تغييرات جوهرية و اعادة الهيكلة و اجراء عملية تحويلية تستصحب كل عناصر السودان القديم الايجابية و الصالحة لبناء سودان جديد ، فاذا استحال ذلك فالنموذج الخامس هو الخيار الوحيد المتبقى و هو تشظى السودان الى دول و كيانات سياسية متعددة .
خيار السودان الجديد الذى يضم كل مكونات الشعوب السودانية بتنوعهم التاريخى و المعاصر هو الخيار المنطقى و الممكن ، أقول هذا و انا على يقين ان الكيان المسمى بالسودان (القديم) لم يكن يوما من الايام شعبا واحدا بل هم مجموعة شعوب و ممالك جمعهم الاستعمار التركى لاغراضه الخاصة فى كيان واحد سماه السودان بالرغم من اختلافهم و تنوعهم من حيث التجربة التاريخية و الثقافة و من حيث الجغرافيا و غيره . عليه فالوحدة التى نريد هى الوحدة القائمة على الارادة الحرة لشعوب السودان كافة فى اطار حل النزاعات و اجراء تسوية عادلة و دائمة ترسى الاعتراف الكامل بتنوع السودان ووضع الضمانات التى تكفل المساواة الكاملة بين جميع المواطنين فى الحقوق السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الالتزام بكل مواثيق حقوق انسان و الاقرار بعلمانية الدولة و الحكم الديموقراطى و عدالة تقاسم الثروة و استغلال الموارد فى اطار حق تقرير المصير الداخلى بترتيبات دستورية و قانونية كان ذلك حكما ذاتيا او فيدرالية متماثلة و غير متماثلة او حكما كونفدراليا ، و الا فلا مناص للمهمشين سوى الانفصال .
ادريس النور شالو (كموكى شالوكا)
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مع إحترامنا لك ، لكن المناداة بحق تقرير المصير فيها نوع من السلبية ، او ان ذلك ناتج عن اليأس من عدم تحقيق الهدف من التمرد و هو إسقاط النظام كما كنتم تقولون ، كان يجب الإستمرار في نضالكم حتى تحقيق الهدف الرئيسي بدلاً من المطالبة بحق تقرير المصير ، مافي حلاوة بدون نار ، يا دووووب حربكم بدأت في ٢٠١١ ، و هذا عام ٢٠١٧ ، الجنوبيين حاربوا اكثر من خمسون عاماً حتى حققوا هدفهم ، نصيحتي للإخوة النوبة عدم محاكاة الجنوبيين ، عليهم بالمناداة بوحدة السودان و ليس تقسيمه أكثر ، تقرير المصير سيفضي إلى الإنفصال و هو ليس في صالحكم خاصة و لا في صالح السودان عامة ، السودان ليس ملكاً للإنقاذ حتى تتركوه من اجلهم ، هذه روح سلبية ، إعملوا من أجل وحدة السودان فحسب .

  2. مع إحترامنا لك ، لكن المناداة بحق تقرير المصير فيها نوع من السلبية ، او ان ذلك ناتج عن اليأس من عدم تحقيق الهدف من التمرد و هو إسقاط النظام كما كنتم تقولون ، كان يجب الإستمرار في نضالكم حتى تحقيق الهدف الرئيسي بدلاً من المطالبة بحق تقرير المصير ، مافي حلاوة بدون نار ، يا دووووب حربكم بدأت في ٢٠١١ ، و هذا عام ٢٠١٧ ، الجنوبيين حاربوا اكثر من خمسون عاماً حتى حققوا هدفهم ، نصيحتي للإخوة النوبة عدم محاكاة الجنوبيين ، عليهم بالمناداة بوحدة السودان و ليس تقسيمه أكثر ، تقرير المصير سيفضي إلى الإنفصال و هو ليس في صالحكم خاصة و لا في صالح السودان عامة ، السودان ليس ملكاً للإنقاذ حتى تتركوه من اجلهم ، هذه روح سلبية ، إعملوا من أجل وحدة السودان فحسب .

  3. أرى أن الكاتب يخلط بين حنقه على الحكومات أو الأنظمة وبين الوطن. الحكومات تذهب وتجيء لكن الوطن باقٍ بوحدته وتعاضده. التفرقة ضعف والاتحاد قوة.

  4. أرى أن الكاتب يخلط بين حنقه على الحكومات أو الأنظمة وبين الوطن. الحكومات تذهب وتجيء لكن الوطن باقٍ بوحدته وتعاضده. التفرقة ضعف والاتحاد قوة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..