المثقف أين هو؟؟ (1)

٭ المثقف والوضع الراهن محوران وقفت عندهما كثيراً.. المثقف من هو؟ وما هي مواصفاته.. وما هو دوره؟ تساؤلات لا تحتمل الاجابة العجلى ولا تقتل بحثاً.
٭ بالقطع المثقف ليس هو المتعلم الذي حصل على اعلى الدرجات الاكاديمية.. قد يكون المرء متعلماً ولكنه غير مثقف ان كان تعريف الثقافة هو توظيف المعرفة لخدمة قضية الانسان في سعيه لتمكين قيم الخير والمحبة على ظهر الارض.. والثقافة ذاتها هي جماع المعرفة النافعة هي حصيلة التجارب الانسانية في بقعة بعينها ومناط المعايير السلوكية وهي الاطار الذي تقوم فيه حياة الجماعة والنواة التي تدور حولها وبذا فثقافة شعب من الشعوب هي نمط حياته فكراً وممارسة في الوسائل والغايات.
٭ فالحديث عن الثقافة في السودان هو في واقع الامر حديث عن القيم والاتجاهات السائدة في المجتمع وهي بهذا تكون موضع العمل الوطني كله تعبيراً او تطويراً او تعويلاً او دعماً فهناك جوانب من ثقافتنا ينبغي ان تدعم وتجلي فآثارنا العظيمة بفنونها التشكيلية الفذة ومعمارها الشامخ جزء من ثقافتنا.. وفنوننا القولية الاحاجي والاساطير والامثال جزء من ثقافتنا وادياننا بقيمها العليا وآدابها جزء من ثقافتنا ولغاتنا جزء من ثقافتنا وقوام الشخصية السودانية بسجاياها النبيلة من الشجاعة والاباء والايثار والعطاء من ثمرات ثقافتنا.
٭ ولما كانت الحياة متطورة والمعرفة متطورة فدائماً تكون هناك جوانب سلبية في الثقافة وجوانب اخرى معوقة لانها فقدت وظيفتها الفعالة في كيان المجتمع وتستمر كتقاليد وعادات ترمز الى وظائف قديمة اختفت من حياة الناس.
٭ ومن هنا تتجدد المهام وتتجدد التساؤلات حول الموقف من التراث.. التعامل مع التاريخ فالثقافة بالضرورة ليست هي الابراج العاجية التي يعتليها المتعلمون وليست الآداب والفنون وحدها ولكنها بجانب ذلك هي المعايشة اليومية الواعية للحياة على مستوى الاهداف الانسانية الشريفة النبيلة الخيرة الثقافة هي اضافة النافع والجميل من الفكر والفن والانتاج الثقافة هي الحياة على مستوى الامل بالقدرة على العمل هي استنباط افضل ما في الحياة بافضل ما في الانسان لخير الانسانية.
٭ ان كان هذا هو مفهوم الثقافة عموماً يكون الشخص المتعلم المثقف هو القادر على قراءة تاريخ الشعب وحمل همومه والعمل على تغيير حياته الى الافضل من خلال اقامة الحوار النافع ما بين الامس واليوم من اجل الغد.
٭ ولما كان جوهر الحديث حول دور المثقف في الوضع الراهن فهذه معضلة المعضلات.. معضلة المعضلات لان اهل السودان يسكنون قطرا قاري المساحة ينفرد بنماذج متباينة من حالات الوجود القبلي والعشائري.. البدوي.. الرعوي.. الحضري وشبه الحضري ومظلة معتقداتهم الروحية والدينية تمتد من الوثنية حتى الاسلام بكل مذاهبه وتياراته واصولهم تمتد من الزنوجة الخالصة مروراً بالتداخل والتمازج العرقي حتى السودانية بالتجنس.
٭ وما تفرضه هذه التباينات والاختلافات من سلوك تجاه العمل او تجاه الحياة لاجتماعية يحتاج الى احداث ثورة ثقافية تتفجر من خلال الواقع.
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة