موسم تغيير الحرباء للون جلدها!ا

موسم تغيير الحرباء للون جلدها!!
تيسير حسن إدريس
[email protected]
لسنا في معرض الدعوة في هذه المساحة لإقصاء أحدٍ؛ ولكننا بكل صدقٍ نسعى للتحذير من مغبة استمرار تجربة الإسلام السياسي في السودان، التي يعلم الجميع كم المرارات التي خلقتها في واقع البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وما تزال تصرُّ على إحداث مزيدٍ من الأزمات الوطنية رغم سقوط ورقة التوت عن مشروعها الفكري الذي تجملت بشعاراته البراقة وهي تواصل التشبث بنهجها القديم في محاولة لإنتاج ذاتها من جديدة كالحرباء في موسم تغيير جلدها.
لقد تعب شعب السودان من فرط نزق الحركة الإسلامية وما عاد يحتمل أن تغرس فيه أنيابها الحادة وتطحن عظامه في كل دورة من دورات حياتها السياسية حتى إذا ما حانت نهاية الدورة وانجلى غبارها عن خيبة من خيبات برنامجها الظلامي عادت تلتف على ميس النهاية وتغيير جلدها لتبدأ دورة حياة طفيلية جديدة عبر إستراتيجية انتهازية لا يمكن القبول باستمرارها فقد ملَّها المواطن وتكفيه معانات دورتي نظام مايو المقبور ونظام الإنقاذ الحالي الذي حطم الرقم القياسي وتفنن في إعادة إنتاج الفشل ففقد الوطن في عهده ثلث مساحته وغدى مسخًا مشوهًا وأضحوكةً في العالمين برئيس مطارد من العدالة الدولية واقتصادٍ منهارٍ وسيادة ٍوطنية مستباحة من بغاث الطير .
وفي هذه الأيام وتجربة الإسلام السياسي تلفظ أنفاسها الأخيرة، وقد طفح على السطح كل ما كانوا يخفون من فساد نخر عظم الوطن حتى النخاع، وأوصل كعكة الموارد المنهوبة لنهاياتها المنطقية فجفت ونضبت، واندلع الصراع على فتاتها وعَلَتِ الأصواتُ بلا استحياء -كالديوك الاسبانية- عبر وسائل إعلام الجماعة التي تَشَيَّعَتْ وغَدَتْ هي الأخرى طرفًا في هذا الصراع المخزي.
وبينما الساحة السياسية تعج إقليميا وعالميا بمتغيرات جمَّة، أخذنا نشهد نشاطًا محمومًا في دهاليز الحركة الإسلامية، يهدف إلى إنقاذ قاربها المترنح، وآخر هذه (الفرفرة) كانت بولاية نهر النيل بمدينة (عطبرة) التي اجتمع فيها لفيف من شيوخ وشباب الجماعة الإسلامية بشقيها ? الوطني والشعبي- في محاولة لرَأْب الصَّدْع بعد أن استشعرَ القومُ الخطرَ، وباتوا قاب قوسين أَوْ أَدْنَى من الغرق.
لقد خرج اجتماعُ نهر النيل بتوصياتٍ مهمة على رأسها؛ ضرورة إطلاق سراح شيخ الجماعة حسن الترابي، وهو الشيء الذي حدث أخيرًا مما يشير إلى أن توصيات نهر النيل قد وجدت قبولا وآذانا صاغية لدي طرفي الصراع ?الوطني والشعبي- رغم نفي دكتور الترابي لذلك -فالرجل ثعلبُ سياسةٍ وسبق أن رمى الشعب بدائه في بداية انقلاب الإنقاذ حين دفع (بالبشير إلى القصر رئيسا وذهب هو إلى المعتقل سجينا) وخدع بذلك كل القوى السياسية وحكومات الدول المجاورة.
فالمنتظر والمرجح في المرحلة القادمة أن تتم الترجمة العملية لبقية توصيات لقاء نهر النيل ومن أهمها إعلان كبار شيوخ (الشعبي) العودة المباركة لحضن (الوطني) لتبدأ عملية ترميم وترتيب البيت من الداخل فتتجاوز الحركة الإسلامية بهذا أخطر مراحل الشقاق لتدخل المرحلة الأهم المتعلقة بإجراء مراجعة عامة ونقد ذاتي لمجمل سياستها في الفترة الماضية وتحاول إرساء علاقة جديدة مع بقية القوى السياسية كما جاء في وثيقة التوصيات .
ستشهد أوساط الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة حالةً من الشد والجذب بين تيار الصقور والحمائم داخلها وسينتهي حتما في نهاية المطاف بغلبة تيار على آخر لتنجلي الصورة ويتضح المشهد الإسلامي المقبل على المسرح السياسي خاصة والطرفان في الشعبي والوطني قد باتا على قناعة تامة بأن المشروع الفكري المسمى (بالحضاري) قد أضحى (جنازة بحر) ولابد من الإسراع بدفنه، وهذا واضح في الكتابات الصحفية لبعض الرموز الإسلامية المعتدلة مثل الدكتورين عبد الوهاب الأفندي والطيب زين العابدين؛ ولكن رغم عنف المقالات المطروحة ونقدها اللاذع لتجربة الحركة الإسلامية الماضية إلا أنها لا تكفي، لإزالة مرارات فترة حكمهم التعيس ، وستظل القوى السياسية ورجل الشارع ينظران بعين الحذر والشك خوفا من أن تكون الحرباء الإسلامية في موسم تغيير لونها تستعد لدورة جديدة من التطفل على جسد الوطن المنهك.
فهل يا ترى سيكون مسعى الجماعة في هذا الاتجاه موفقا ومخالفا لنهجها الانتهازي القديم؟ يشكك معظم المراقبين السياسيين في هذا انطلاقا من مجمل معطيات تاريخ الحركة الإسلامية المليء بالتناقضات والتحالفات مع الأنظمة العسكرية والشمولية ، عموما الأيام حبلى بكل جديد في هذا الشأن والساحة السياسية ستظل تراقب وتحصي على الجماعة أنفاسها المتلاحقة للمِّ الشمل وتغيير النهج جوهريا وليس شكليا وفق منطق الحرباء الفسيولوجي.
تيسير حسن إدريس 04/05/2011م.
لك التحية مقال ممتاز يا عزيزي تيسير .
في موسم تغيير الثعبان جلده وليس الحرباء لأن الحرباء غير ضار لكن الإنقاذ كانت و ماتزال سامة كما السعابين علي جسد الشعب السوداني .
هؤلاء المجتمعون في عطبرة أو دامرها لن يستطيعوا تدوير عجلة التأريخ للوراء مطلقا بل سيفرملون قليلا تفكك الإنقاذ و لكن لن يتوقف هذا التشرزم في هذه الحركة التي ضاق منها الشعب الويل و الثبور في عهدي بعد سبعينيات مايو وكل مواسم الإنقاذ كما ورد في مقالك الرائع .
لأن القوم تقسموا مثل الصحن الصيني الذي سقط علي صخر بين من قلوبهم بالخارج و جيوبهم بالداخل و أصلابهم علي الكراسي .
التاريخ الأسلامي حافل بالإنقسامات و الإنشقاقات و ليس التوحد و التماسك منذ خلافة الراشد عتمان و حتي تاريخه إلا من بعض النهوض وليس التوحد .
و الحركة الإسلامية السياسية السودانية الحديثة من جبهة الميثاق مرورا بالأخوان و الجبهة الإسلامية و المؤتمرين وطني وشعبي لم تحفل بالتوحد ، لأن الخلاف دائما ليس مبدئيا و دينيا بل مصلحيا علي الثروة و القروش و ملأ الكروش و كذلك عبدالله قوش ، علي مبدأ ( نحن للدنيا قد عملنا لسنا للدين فداء ) و ( نعم للسلطة و نعم للجاه ) و ( للعمارات السوامق و المزارع و الأبقار الحلوب ومص الدماء ) .
لذا هذا المؤتمر لن يحصد لهم إلا عودة من فقد القروش لأصلاب الوطني بعد تجربة قوش … ولك التحية صديقي العزيز ….