حكومة الجنرال أو.. البكْرِزم! (1)

قبيل انطلاق المؤتمر الصحفي للسيد النائب الأول للرئيس رئيس مجلس الوزراء، أمسية الخميس، كنا نتداول بدهشة حول السرية التي أحاطت بالحكومة الجديدة.. وكيف أنه كان من الميسور.. سابقاً.. أن تعلم كل شيء قبل الإعلان الرسمي.. كان جلياً أن بكري كان مسيطراً على كل شيء.. لذا كان مثيراً ما حدث عشية الأربعاء.. وسائل الإعلام تتلقى دعوة من إعلام المؤتمر الوطني لحضور تصريحات صحفية سيقدمها نائب رئيس الحزب عقب اجتماع المكتب القيادي للحزب أمسية الخميس.. ورغم غرابة الدعوة.. تصريحات صحفية.. فالتصريحات الصحفية لا يُدعى لها عادة.. إنما الدعوة تكون للمؤتمرات والمنابر.. أما التصريحات فيتلقاها من حضر.. كان جلياً أن جهة ما لم تكن لها الجرأة للدعوة لمؤتمر صحفي.. ولكنها أيضاً كانت مصرة على فعل شيء.. والذين تلقوا الدعوة لحضور التصريحات الصحفية.. لم يكونوا في حاجة لمن يشرح لهم أن تلك التصريحات ذات صلة بالحكومة الجديدة.. إن لم يكن كلها فبوزراء المؤتمر الوطني على الأقل.. وما الذي كان ينتظره الناس أصلاً..؟
ثم أطلت دعوة جديدة.. تدعو الإعلام للتوجه نحو قصر الرئاسة في العاشرة من ذات المساء.. ولأكثر من اثني عشر ساعة ظلت الأسافير تنقل الدعوتين.. بدا لي شخصياً.. ولكثيرين غيري.. أن ثمة أمراً غير طبيعي.. حتى إنني تساءلت.. ما إذا كانت أصابع الجنرال قد تراخت في اللحظات الأخيرة.. ولكن.. فجأة ينهار فسطاط الحزب الإعلامي.. بتوجيه رئاسي.. مصحوب بتوجيه آخر.. أن الأمر هناك في القصر.. ليس للحزب ما يقوله الليلة.. للتوضيح فقط.. فسطاط هذه من مخرجات المؤتمر الصحفي استخدمها الأستاذ الصحفي إمام محمد إمام..!
عقب توحيد المنصة الإعلامية لإعلان الحكومة الجديدة.. لصالح السيد رئيس مجلس الوزراء على حساب الحزب.. تذكرت أمرين مهمين.. الأول.. في منتصف يناير الماضي.. وفي حواره الشهير مع هذه الصحيفة، قال الفريق طه عثمان مدير مكتب السيد رئيس الجمهورية إن ?مركز تشكيل حكومة الوفاق الوطني سيكون رئاسة مجلس الوزراء.. وليس الحزب..?.. ثم أضاف.. ?إن الإنقاذ الثالثة تتشكل الآن?.. وحقاً هي إنقاذ ثالثة تلك التي تضم (حاتم السر)..!
أما الأمر الثاني.. فما آن أوان نشره بعد.. ولكن دعونا نعود لحكاية السرية التي أحاطت بمفاوضات تشكيل الحكومة.. في المؤتمر الصحفي كنت أجاور أربعة من كبار رؤساء التحرير.. يتوسطهم الزميل النور أحمد النور.. ملك المعلومات.. ورغم ذلك كانت المعلومات شحيحة جداً.. عن التشكيل الحكومي الذي كان على بعد دقائق منا.. ماذا يعني هذا..؟ يعني أن السيد النائب الأول رئيس مجلس الوزراء.. الذي اعتاد على قضاء حوائجه بالكتمان.. والذي يزهد في الظهور بوسائل الإعلام.. والذي اعتاد على النأي عنها.. لم يكتفِ بممارسة فضيلة الصمت هذه على نفسه فحسب.. بل فرضها.. لا أدري كيف.. على كل من كانت له صلة بهذا الملف..!
ذكرني هذا بحكاية (1024) قراراً أصدرها سسيادته في عامه الأول في منصب النائب الأول.. وفي مختلف القطاعات.. السياسية منها والاقتصادية والإدارية الخ? وجلها لم تكن متاحة للتعاطي الإعلامي.. هذه الحقيقة تقودنا لسؤال كبير.. وخطير.. نطرحه غداً..!

اليوم التالي