تمويل منظمات المجتمع المدني ..

بقلم/ د. أمين مكي مدني
معروفة هي منظمات المجتمع المدني غير الحكومية NGOs التي ينشئها ناشطون في الشأن العام المتصل بأوضاع المواطنين الاجتماعية، أو الاقتصادية، شاملة حقوق المأكل، والمأوى، والمسكن، والتنقل، وحقوق الفئات المهمشة كالنازحين، واللاجئين، والنساء، والأطفال، وذوي الحاجات الخاصة من المعاقين، حركياً، أو المحرومين من حواس السمع، أو البصر، أو من الحريات الأساسية في التنظيم، أو التعبير، أو الرأي، أو النشر، أو المعرضين لقمع النظام الحاكم من خلال القوانين العسفية، أو ممارسات أجهزة الأمن في التفتيش، أو الإيقاف، أو الاحتجاز، في السجون العلنية، أو السرية، حيث يتعرضون لأبشع صنوف التعذيب، والمعاملة اللاإنسانية، والحاطة بالكرامة. وتعمل تلك المنظمات، عن طريق أعضائها، في مد يد العون، بشكل طوعي، للفئات المستضعفة والمقهورة، دون أن تتلقى، بطبيعة الحال، أي دعم حكومي، إذ من غير المتصور أن نفس الحكومة التي تقمع المهمشين، وتصادر حقوقهم وحرياتهم، يمكن أن تقدم أي دعم مادي أو سياسي إلى المنظمات التي تعنى بأمر أولئك المقموعين، والتي تفضح وتدين الممارسات الرسمية المنتهكة لحقوقهم وحرياتهم، على غرار ما حدث، بوجه مخصوص، في الفترة الأولى لانقلاب الإنقاذ، مثلاً، أو خلال تظاهرات يوليو وأغسطس من العام الحالي.
من ثم ينبغي الانتباه إلى ضرورة التمييز بين المنظمات غير الحكومية المستقلة NGOs، وتلك التي تنشئها الحكومة بشكل مواز، وتعرف بالمنظمات “غير الحكومية” الرسمية GONGOs، أي GOVERNMENTAL NGOs، والتي، بصفتها هذه، تتمتع، ليس بالتمويل الحكومي المباشر، فحسب، بل وبالامتيازات السياسية والمادية العديدة الأخرى، كتوفير المقار، والموظفين، والأثاثات، والسيارات معفاة الجمارك (لاحظ اللوحات التي تحمل عبارة “منظمة طوعية” في عدد ضخم من السيارات التى تجوب الطرقات!!). ولا تكتفي الحكومة بمنح تلك الامتيازات لهذا النوع من المنظمات فحسب، بل ولا تتردد، أو تستشعر ذرة من الحياء، في اصطحاب مديري هذه المنظمات وموظفيها في رحلات الوفود الرسمية، على حساب المواطن المقهور، إلى الفعاليات الدولية والإقليمية، بما فيها دورات انعقاد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مثلاً، كي يقوموا بدورهم المرسوم المخجل في الدفاع، زوراً وبهتاناً، عن القوانين والسياسات والممارسات القمعية للنظام الحاكم، و”ديمقراطيته” المدعاة، وسعيه الزائف لإقرار “السلام”، وإحقاق “سيادة” حكم القانون المزعومة .. كذا!
ومن نافلة القول إن تمويل منظمات المجتمع المدني المستقلة لا يعني، فحسب، استلامها للصكوك، أو التحويلات المصرفية لحسابها، كما تشيع أبواق الدعاية الرسمية، بل يقتضى، أيضاً، الالتزام بشروط الجهة الممولة، شاملة، منذ البداية، وقبل الموافقة على التمويل، تقديم دراسة جدوى متكاملة تعدها بيوت خبرة مختصة للمشروع المراد تنفيذه خلال فترة زمنية محددة، وأن تكون المنظمة قادرة على تصريف شؤونها الإدارية والمالية بكفاءة واقتدار، وأن تقدم، عند نهاية العمل، تقريراً متكاملاً عما أنجز المشروع للفئات المستهدفة، خلال الفترة المذكورة، فضلاً عن تقديم تقرير مالي مفصل، يتم تدقيقه عن طريق محاسب قانوني متخصص. كل هذا يتم دون تأثير الجهة الممولة على البرامج، أو اقتران التمويل بشروط صريحة أو ضمنية في ما يتصل باختيار المشروع نفسه. هذا لا يعنى انعدام المصلحة لدى الجهات المانحة في المشروع الذي تموله. فالتمويل ليس صـدقة أو منحـة لوجـه الله، بل يتسق، تماماً، مع سياسة الجهات المانحة في السياق الإنساني، والتزام البلدان المتقدمة بدعم الاستقرار والسلام، مما يعود بالنفع على مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الدول النامية، وعلى تحملها لالتزاماتها الدولية بالتعاون، والتنمية، والتبادل التجاري.
لكن ينبغي عدم إنكار أن بعض الجهات الممولة، خاصة الأجنبية، قد تقترح أو تفضل مجالات عمل بعينها تتفق مع أولوياتها، كالحقوق الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو الحريات الدينية، أو حقوق الأقليات، أو المرأة، أو النازحين، أو اللاجئين، ما يعني دعم التحول الديمقراطي، وسيادة حكم القانون، واحترام حقوق الإنسان، وحرياته الأساسية. غير أن هذه المجالات تتقاطع سلباً مع النظم الشمولية الحاكمة التي ترى فيها تهديداً مباشراً لسلطتها، وأسس بقائها على سدة الحكم، ما يستلزم، بالأساس، مصادرة، أو الحد من، حريات التنظيم والتعبير والتجمع، فتلجأ إلى التضييق على المنظمات العاملة في المجالات المشار إليها، بدعوى “عدم قانونية” الحصول على التمويل الذي تصوره “كعمالة”، وخدمة لمقاصد أجنبية معادية، بل ربما “خيانة عظمى”، ومن ثم تبدأ في ملاحقة تلك المنظمات، وتعريض قياداتها للاستدعاء، والتشريد، والملاحقة، والاعتقال، والتعذيب، وإشانة السمعة، وتصفية تلك المنظمات بقرارات إدارية تعسفية. هذا أمر نلحظه بوضوح هذه الأيام، وكلما ضاق الخناق على النظام.
يجري ذلك في الوقت الذي لا تتوانى تلك النظم القمعية في سرقة وتبديد أموال ومقدرات الشعب، ليس عن طريق الاستدانة وطلب المنح من الحكومات الأجنبية فحسب، بل بتبديد المليارات من أموال الشعب، دون حسيب أو رقيب، كما حدث في بلادنا، مثلاً، في ما يتصل بعائدات النفط، والفساد الذي ازكم الأنوف، وكثر الحديث عنه وعن المتورطين فيه من الكبار، حتى تم تكوين لجان للتحقيق في أعلى المستويات، لكن عمَّ، بعدها، صمت مطبق، وأوامر من وزارة (العدل) بحظر النشر في تلك القضايا!! هذا، فضلاً عن الخصخصة، وبيع المؤسسات العامة، وانهيار المشاريع الاقتصادية الكبرى، كمشروع الجزيرة، والسكة حديد، ومصانع النسيج، والخطوط الجوية السودانية، والخطوط البحرية السودانية، والنقل النهري، والقائمة تطول. تذهب كل تلك الثروات العامة أدراج الرياح، بينما تتعرض منظمات المجتمع المدني “غير الحكومية” للمساءلة، والإجراءات التعسفية التي تبلغ حد التصفية، والسجن لناشطيها، لا لشيء سوى حفنة دولارات يوفرها مانحون مهتمون، وتعلم الحكومة جيداً أنها تذهب لتوعية المواطن، ورفع قدراته حول حقه في المشاركة، وإبداء رأيه في الشأن العام، والاعتراض على إساءة استخدام السلطة، والممارسة الرسمية لكل صنوف الانتهاكات، وما إلى ذلك.
إن الدافع الحقيقي وراء قمع منظمات المجتمع المدني يتجاوز “فزاعة” الحصول على تمويل من جهة “أجنبية”، إلى الأوجه التي يصرف هذا التمويل فيها، وهي، بالأساس، برامج التوعية والتدريب حول حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي! ذلك هو مربط الفرس الذي تريد السلطة إخفاءه! وفي خطوة ذات معنى تم، مؤخراً، تحويل هيئة العون الإنساني HAC، وهي الجهة الحكومية المسؤولة مباشرة في هذا المجال، من وزارة الشئون الاجتماعية، إلى وزارة “الداخلية!”، فقامت باستجواب عدد من قادة المنظمات عن أنشطة معينة ترى أنها محظورة! كما قام جهاز الأمن، من جانبه أيضاً، بخطوة مماثلة تجاه بعض الجمعيات، كمركز الخاتم عدلان للاستنارة، الذي حظر الكثير من ندواته، مؤخراً، وكاتحاد الكتاب السودانيين الذي وصف الجهاز، على سبيل المثال، إحدى ندواته، مؤخراً أيضاً، حول “مقترح الدستور القادم”، بأنها “عمل سياسى محظور”، كما وصف ندوة أخرى له حول “تاريخ دخول العرب السودان” بأنها، هي كذلك، “عمل سياسى محظور”! وبافتراض صحة القول بحظر النشاط السياسي في البلاد، فما الذي لا يعتبر “سياسة”، إذن، إن كانت هاتان الندوتان اللتان عقدتا داخل مقر الاتحاد، وتحدث فيهما أكاديميون وباحثون متخصصون “سياسة”؟!
إن الهجمة الشرسة التي صعدتها، في الآونة الأخيرة، هيئة العون الإنساني، وغيرها من الأجهزة الرسمية، ليست إلا ناقوس خطر ينمُّ عن نية النظام في الحد من نشاط مؤسسات المجتمع المدني في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنذر بالانهيار، إن لم تكن قد انهارت بالفعل، والدور الذي يمكن، من ثم، أن تلعبه تلك المؤسسات في توعية الجماهير بحقوقها، والنضال من أجل إحقاقها. وما قضية التمويل أو حظر النشاط بذريعة السياسة المزعومة (حتى داخل الدور المغلقة لهذه المؤسسات) إلا الجزء الظاهر حالياً من قمة جبل الجليد، والأيام القادمة حبلى بما يتهدد دور المجتمع المدني أصلاً.
وقد يلاحظ القاريء أننا لم نأت على سيرة قانون منظمات المجتمع المدني لسنة 2006م، المخالف للدستور الانتقالي وللشرعة الدولية، نصاً وروحاً وممارسة، فهو قانون سيء الذكر، ومكشوف تماماً لأهل المنظمات المعنية، فلا يستحق إضاعة أي وقت، أو إهراق أي قدر من الحبر في الحديث عنه، وإنما ينبغي أن تنصب المناداة والجهود في سبيل قانون ديمقراطي يحرر المجتمع المدني من جميع أشكال الوصاية والهيمنة والعسف.
الدكتور أمين مكي مدني: نحتاج لتعاقد سياسي جديد يحكم المرحلة القادمة
عائشة السماني | سياسة | 21.02.2011
in english.
جدل شديد يسود الساحة السياسية السودانية بين المعارضة والحزب الحاكم بعد انفصال. فالأولى تنفي استمرار شرعية الحكومة، والمؤتمر الوطني يؤكد استمرارها حتى الانتخابات القادمة
امين مكى مدنى
نوفمبر 2012




غير ذالك من المظلومين مثال لذين نزعت اكشاكهم ونزعت اراضيهم ونزعت مساكنهم ومنحت للاخرين من نخب الحكومه
واضف الى ذالك المشردين بحجه الصالح العام
اليست لهم منظمات حقوقيه محليه وعالميه تعنى بهم وتاخذ لهم حقوقهم اليس من حقهم ان يجدوا من يدافع عنهم وما اكثر المظلومين والمتضاضف الى ذالك استاذ الاساتذه عندما تسلب اراضى الغلابه وهى عرضهم وارضهم بالقوة ونزعها بحجج غير قانونيه بابخس الدراهم كما فعل الدكتور المتعافى وصحبه الكرام وسبقه مهندس عبد الوهاب عثمان ونخب المؤتمر الوطنى عندما قاموا بنزع اراضى المساكين والتى يعود تاريخ امتلاكها لاكثر من مائه عامآ بملكيه قانونيه وصكوك شرعيه
ظلت هذه الولايه من كل والى تسلم مقاليد ولايه الخرطوم يقول انه مفوض من ورئاسه الوزراء ومعه مهندس ووزير الشئون الهندسيه يرسمون بالخرط وحصر المساحات التى يخططون لنزعها
تخيل يا دكتو امين مكى مدنى
عندما يكون مزارع لديه قطعه ارض على الجروف ويرويها بضراعه من الشادوف ياخذ المياءه من النيل ويصبها على الجدوال المتصله للرى زراعته وقوت عياله وعلف اغنامه قامت هذه الشرزمه القذره خاصه بولايه الخرطوم من ولايها ومكاتب اراضيها بتفويض من وزيرهم بنزع كل الاراضى من سوبا الى الخرطوم على ضفتى النيل الازرق وكمان من غابه السنط الى ضفتى النيل الابيض الى جبل اولياء مع العلم كانت هذه المناطق النيليه هى مصدر الزراعه والغذاء للولايه الخرطوم
وتحول المزارعين من اصحاب املاك الى متسولين يعيشون على الكفاف بعدما مانزعت اراضيهم عنوة وقوة وتغيييرها من زراعيه الى سكنيه فلل وقصور الى نخب المؤتمر الوطنى وشركائهم من الاجانب واهاليهم من الباطن
عالميآ كل ضفاف وشواطى الانهار ملك عام وحق عام لا يمكن تغيره وحجب الرؤيه عن النيل بعمل مبانى وشقق وكافتريات كما نشاهده الان الناظر الى النيل الازرق من سوبا الى ملتقى النيلين صارت الشواطى محجوبه من الرؤيه واذا رجعت الى ملاك هذه المنشاءات على ضفاف وشواطى النيلين تجدها مملوكه لاقرباء اعضاء مجلس الوزراء واقرب مثال الاسكله امام المتحف من علاقه صحابها مع اعضاء مجلس الوزراء وغيرهم
سمعنا من قبل ان غابه السنط اوقف بيعها وقطعها من منظمه البيئه العالميه لكن الناظر اليها ان الكثير منها قد قطعت اشجارها
والمهمشين والاقليات الاخرى بالخرطوم خاصه من الذين نزعت املاكهم ومن الذين شردوا ونزعت اكشاكهم الصغيره التى كانت مصدر رزقهم اليومى والاحياء العريقه والقديمه بالخرطوم التى تدخلها الحكومه بالحنجل والمنجل من اجل تخطيطها واعادة تخطيطها لكنها تبطن نزعها وتشريد اهلها ومن ثم بيعها الى ذوى القربى ونخب المؤتمر الحاكم
والشاهد على الامر ان 90% من اعضاء الحكومه كانوا حتى عام 1992ليست لديهم شبر واحد بالعاصمه الان انظر الى بيوتهم التى منحت اليهم واخذوها عنوة وسط الاحياء والمساكن العريقه وسط الخرطوم منهم من له ثلاثة بيوت وثلاثه زوجات بين احياء العاصمه المثلثه والتى اخر خطه اسكانيه قامت يها قبل الانقاذ
لكن لانوا القرار باياديهم امتلكوا قطع مميزه بمدينه النيل والمهندسين والمنشيه والشجره والصحافات والرياض والعمارات والخرطوم 2 و3 وهذه المناطق نزعت كل ساحاتها وميادينها ومتنزهاتها العامه وصارت ملك لمعظم وزراء ونخب الحكومه
نحن نريد منظمات حقوقيه قويه وليست منظمات حكوميه تشرد وتنهب متسلطه ليست لديها قرار سوى تنفيذ القمع وسلب ونهب ونزع املاك المواطنين المساكين
د. أمين مكي مدني
مشكور على التنوير والى الامام.
أخي دكتور مكي إن العمل الطوعي الانساني مكبل بكثير من القيود وعلى رأس تلك الاجهزة موفوضي العون (اللاانساني) HAC ومعظم موظفي الموفضية هم ضباط وافراد في جهاز الامن لذلك يقفون حجر عثرة امام كافة الانشطة التي تعرف المجتمعات البسيطة بحقوقهم وترفع من قدراتهم لكي يساهموا في بناء الوطن ولكن لان النظام ديكتاتوري لايريد للمجتمع ان يكون مستنيرا. وفي خطوة جديدة من HAC قررت ان تعرقل كل الانشطة التي تعرف software HAC أي كل انشطة بناء السلام وبناء القدرات حتي ان واليا لاحدي الولايات الجنوبية للسودان قال انه لا يريد كلمة capacity building اي بناء القدرات فهذه السياسات بدأت بعد يونيو 2011 بعد حادثة ولاية جنوب كردفان. المطلوب من المنظمات الغير حكومية NGOs التعاون مع بعض وتكوين التحالفات لمقومة هذا النظام الظالم. ودمتم لخدمة هذا الشعب الابي.