حنبنيهو ال بنحلمبيهو سنواتي «2»

بدين ـ أكبر جزيرة في حوض النيل ـ ولأنها كذلك، فقد قام الاستعمار الإنجليزي بتقسيمها إلى أربع مشيخات «سلنارتي، سقدان، شبّه، توشي»، وعموديتين، وكان عمدة سقدان ـ حتى إلغاء حكومة جعفر نميري للإدارة الأهلية ـ يحكم المنطقة الواقعة شرق الجزيرة «كرمة» بينما كان البر الغربي المقابل للجزيرة محكوما من قبل عمدة توشي وشبه، وحدث ذلك اعترافا بثقل بدين البشري والاقتصادي، فقد كانت كرمة النزل الواقعة قبالة الشاطئ الشرقي لبدين، وإلى عهد قريب قليلة السكان، ولا تشهد نشاطا بشريا إلا يوم سوقها الأسبوعي «كل أحد» حيث يتوافد التجار من المناطق القريبة لبيع سلعهم من الصبح حتى الغروب، وما زال أهل بدين هم أهم زبون لذلك السوق.
أما أهل أكد، قبالة الشاطئ الغربي لبدين، فكانوا تحت حكم عمدة مشيختي توشي وشبه في بدين، وكان ذلك لأن لمعظمهم امتدادات عائلية في بدين، لأنهم وبعكس سكان كرمة، ضاربو الجذور في البلدة، وكان سوق البلدة الأسبوعي، يقام في منطقة محاطة بمبان أثرية من الطين
وبسبب وزنها السكاني والحضاري والاقتصادي «القائم على الإنتاج الزراعي» لبدين، فقد كان من البداهة أن يقيم فيها الاستعمار البريطاني مدرسة ابتدائية، في النصف الأول من أربعينات القرن الماضي، وكانت بها داخلية تستضيف تلاميذ من مناطق جنوب دلقو شمالا حتى «السير» جنوبا، من الجهة الشرقية للجزيرة، ومن أكد وسروج حفير مشو، من الجهة الغربية، وذلك في وقت لم تكن فيه هناك مدارس ابتدائية إلا في مدن السودان الكبرى، ثم نشأت في قلب بدين منطقة تعليمية، حول تلك المدرسة، وأنشئت في حرمها مدرسة ابتدائية أخرى للبنين وأخرى للبنات في نحو عام 1953، ومساكن للمعلمين، وشفخانة، ثم تم نقل المدرستين الجديدتين الى موقعين قريبين من المدرسة الأم
ثم تكاثرت المدارس من جميع المراحل، بالعون الذاتي، بل قام أهل بدين بتحويل مدرسة حكومية الى مستشفى، ونقلوا المدرسة الى مباني داخلية مدرسة بدين القديمة «صار اسمها الشمالية، ثم تحولت الى مدرسة ثانوية تحمل اسم ابن البلدة الشهيد محمد صالح عمر»، وبلدة كهذه رائدة في مجال التعليم كان من الطبيعي أن تنجب أفذاذا معروفين على المستوى القومي، من بينهم أستاذ القانون والشريعة بجامعة الخرطوم الشهيد محمد صالح عمر، الذي كان وزيرا في الحكومة الانتقالية بعد سقوط حكم عبود، وعز الدين السيد أول وزير للصناعة في تاريخ السودان، ورئيس البرلمان الدولي لأربع دورات، وصالح أحمد طه «تور» أول سوداني تخصص في علم الإحصاء، أما المهنيون بكافة تخصصاتهم من أبناء وبنات بدين، فيصعب حصرهم
ولا فضل في كل ذلك لأي حكومة إلا بنسبة لا تتجاوز 5%، فقد كان أهل بدين شأنهم شأن المناطق الريفية التي عرفت التعليم النظامي مبكرا، يعتمدون على أنفسهم في تطوير بلدتهم، من خلال التعاونيات، وهكذا عرفت الجزيرة مشاريع زراعية حديثة ضخمة، تلزم ملاك الأراضي بعدم التعدي على الأراضي المخصصة للزراعة، فلا يتم بناء المساكن إلا في الأراضي «الميري» التي لا تصلح التربة فيها للزراعة، حتى طواحين الحبوب كانت تعاونية، يحمل اهل الجزيرة اسهما فيها، ويتم بنهاية كل عام تقسيم الأرباح على المساهمين، ولعل أقوى دليل على تكاتف أهل بدين، أن المهاجرين منهم الى فيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، اشتروا منزلا كبيرا يحمل اسم «نادي أبناء بدين»، يستخدم كمرفق للترفيه ومسكنا للعزاب والقادمين الجدد للمدينة لتحقيق الحلم الأمريكي
وشيئا فشيئا ضاقت الجزيرة بأهلها، فالنمو السكاني في ظل محدودية المساحات الصالحة للزراعة، يعني أنه لو كان نصيب الفرد من عائد الزراعة في دورة ما، قبل نحو ثلاثين سنة، ثلاثة جوالات عن الفدان الواحد، فإنه اليوم لا يزيد على ربع جوال، ومن ثم جاءت فكرة تشييد جسر يربط بدين ببلدة أكد الواقعة على الضفة الغربية من النيل، لربط الجزيرة اقتصاديا بأسواق السودان الأوسط، ظللنا نحلم به «سنواتي»، ومن يعرف عزيمة البدناب «أهل بدين»، لن يعتبر المشروع حلما رومانسيا.
فإلى الغد بحول الله
الصحافة
ربنا يحقق احلامكم وطموحاتكم وتطلعاتكم لوضع وواقع افضل اهلي النوبه بالشمال
المفروض الجمع يكون (بدينيين) وليس (بدناب) ،، انا عارف ان (أب) تعني الجمع في رطانتكم ومنها هلالاب ومريخاب، ولكن حتى هذه بدأت تتغير الي هلالي ومريخي بدلا” عن هلالابي ومريخابي (استلاب خليجي وكدا).
عموما” نتمنى التقدم والازدهار لكل (البدينيين) و (البدينيات) وان يحذف الله منهم الياء الاخيرة، وينعم عليهم بالرشاقة والعافية واللون الفاتح لكل نسائهم.