حنبنيهو البنحلم بيهو سنواتي (3)

جميع الجزر، من بريطانيا الى وطني الصغير جزيرة بدين، تعاني من الحصار، ولأن اقتصادها قوي وب»جضوم»، فقد عملت بريطانيا لعقود للارتباط بالقارة الأوربية، وبمشاركة فرنسا حفروا نفقا طوله أكثر من 50 كيلومترا تحت مياه بحر المانش (القنال الإنجليزي)، ومنذ مايو من عام 1995، نجح النفق في استرداد تكلفة إنشائه التي فاقت 9 مليارات دولار، وربط الاقتصاد الأوربي ببريطانيا، وكان عائد ذلك يفوق أرباح ضرائب استخدام القطارات والشاحنات للنفق.
ومنذ سنوات ونحن أهل جزيرة بدين، إحدى قلاع حضارة كرمة القديمة، نحاول كسر حصار المياه لبلدتنا، لنتواصل تجاريا وإنسانيا مع من حولنا، ولم نجد لا من الحكومة الحالية ولا اللواتي سبقنها غير الاستكراد والاستهبال، وقبل سنوات قالوا لنا: ضاقت بكم الجزيرة، ومن حقكم الحصول على أراض خصبة، في المناطق المجاورة، وعرضوا علينا مساحة ضخمة في وادي الخُوَيْ، وتقول أكبر موسوعة عرفتها البشرية (ويكبيديا): النوبة شعب يسكن منطقة تمتد على ضفتي نهر النيل ، في شمال السودان وأقصى جنوب مصر. كان وادي الخوىّ، جنوب الشلال الثالث عبارة عن حوض قديم للنيل طوله حوالي 123 كم إلى الشرق من مجرى النيل الحالي. فمنذ الألفية الرابعة ق.م. كان حوضاً زراعياً غنياً ادي لظهور مجتمعات العصر الحجري الحديث، واكتشفت به جبانات كانت تجسيداً على الأرض للتنظيم الاجتماعي لمجتمعاتها إبان الألفية الثالثة ق.م.، شملت الحضارة النوبية الكوشية ثلاث ممالك أولها نبتة، ثم كرمة، واّخرها مروي في السودان.
وطالما صارت الموضة بعد الردح الشوارعي من سواقط الإعلام المصري، التباهي بالتراث النوبي،فهاكم المزيد من موسوعة ويكيبيديا: النوبيون شعب (وليس قبيلة) يعشيون على امتداد مجري النيل من مقرن النيلين جنوبا (تحديدا من سوبا) و حتي بعد أسوان شمالا، ومنهم كان الملوك، حسب الكثير من الدراسات التي قام بها علماء الاثار والمستكشفين الأوائل، مثل شيخ انتا ديوب في كتابه الاصول الأفريقية للحضارة المصرية.والذي يؤكد فيه ان جميع الملوك الفراعنة لمصر كانوا ذوي بشرة سمراء وبملامح زنجية مثل الشعر والانف وغيرها مما لا يدع مجالا للشك في افريقيتهم وجذورهم النوبية، ويرد النوبيون أصلهم الي حام بن نوح عليه السلام ويعتبرونه جدهم الأوحد (ولا نتسلبط في العباس وأهل الحجاز كما يفعل غيرنا)
وبعد هذا البوبار، أعود الى أراضي وادي الخوي التي تم توزيعها على أهل بدين، ودفعوا مبالغ متلتلة نظير حيازتها، ثم جاء معتمد في دنقلا، وباع أرضنا لغيرنا أو وهبها لهم بطريقة: يا حاجب اعطه تسعين فدانا وما عليها من شجر السَّلم والأراك، ورغم أن أرض بدين ضاقت بأهلها إلا أنها ما زالت من أخصب أراضي السودان وذات إنتاجية عالية (لا تكفي العدد المتكاثر من سكانها، ومن ثم هاجر معظم شبابها)
ومع هذا فبدين قادرة على توفير خضر وفواكه عضوية (فنحن لا نستخدم المبيدات أو الأسمدة المسرطنة، بل نغذي محاصيلنا بالمارو عربوها الى ماروق وهو مخلفات الأجهزة الهضمية للبهائم) لأواسط السودان، وأقصر الطرق للوصول الى وسط البلاد، هو الطريق الغربي الذي يبدأ من بلدة أكد، والذي ظل حتى قبل تشييد شريان الشمال بأكثر من نصف قرن يربطنا بالعاصمة وتخومها
لا نحلم بنفق كالذي يربط بريطانيا بفرنسا وبقية القارة الأوربية، بل بجسر معظمه ترابي، في الناحية الغربية للجزيرة، لأن نيل ذلك الجزء انحسر في السنوات الأخيرة، وصار في حجم ترعة مشروع الجزيرة الرئيسية (المين كنال main canal)، ودراسة الجدوى المبدئية تؤكد أن ذلك ممكن بتكلفة منخفضة جدا، ولكن ومع هذا فنحن نعد دراسة جدوى هندسية واقتصادية دقيقة، لتحقيق «حنبنيهوالبنحلمبيهو سنواتٍ» (جعلتها سنواتي بالتزام قافية شاعرنا الكبير محجوب شريف)، وقد سبق لنا أن حرمنا النيل من تقسيم جزيرتنا الى عدة جزر، وأغلقنا مداخل مجاري النهر الفرعية، التي كانت من قبل تقسم الجزيرة إلى ثلاث جزر صغيرة، وقوم ذوو تاريخ حافل في العمل التعاوني، قادرون على ترجمة ذلك الحلم الى واقع، وكل ما نريده من الحكومة عدم فرملة هذا العمل، فنحن لا نريد منها إلا «قولة الخير» وسنتكفل بالمهر وكل لوازم الفرح.
الصحافة
كلامك صح يا حبيبنا ابو الجعافر . وبعدين يلاحظ أن كثير من الناس يقولون الحكومه مهتمه بالشماليه. يا عالم الشماليه أكثر إقليم مهمل في السودان والمشاريع الخدميه الشايفينها دي كوووولها بجهد الأهالي فقط مستشفيات مدارس كهرباء وغيرها .