لصوص … وسرقة باحترام !!!

ياسر عبدالكريم
كان يوجد لص شاب يسرق محافظ الناس وحقائب النساء… وهكذا يعيش …………
ولكن المشكلة أن الشرطة بدأت تعرفه فأي سرقة في هذه المدينة…تقبض عليه الشرطة سواء كان هو السارق أم لا …. ويُضرب … ويُهان
فقرر ترك هذه المدينة لأنه لم يعد له أكل عيش فيها … وقرر السفر إلى العاصمة ولجأ إلى أحد أصدقائه… وإستعار منه ملابس ومبلغ صغير من المال يعينه لفترة معينة وشنطة حديد صغيرة أخذ فيها أغراضه وهي عبارة عن ( بنطلون مربوط بحبل وخُلال عبارة عن مشط لتسريح شعره الكث القذر وكان حذاءه شِدّة يعني شبط من البلاستيك )
وسافر هناك وجلس أول يوم يراقب الناس أين يضعون محافظهم
لأنه جديد في العاصمة ويجب أن يتروى وبعد ثلاثة أيام من مراقبة الناس سرق أول محفظة… وفورا قبض عليه رجل وسيم يرتدى لبس فاخر … ( رجل فصيح لسان يجيد الحديث والكلام )
وهنا كاد اللص أن يقف قلبه وأخذ يتسامح من الرجل…
ويقول : أنا لم أكن أقصد أن أسرق أصلاً … أنا لي ( حواشة ) في البلد تركها لي جدي ولا أحتاج للسرقة
وكان في باله أن من قبض عليه من رجال الشرطة
ولكن الرجل الوسيم طمأنه بفصاحته المعهودة وقال له: لا تخف وأتركك من هذا الكذب حواشة ومزرعة … علي العموم أنا لص مثلك وكنت أراقبك
وأريدك أن تعمل معنا ففرح اللص الشاب وقال: أنا مستعد
وبدأ الرجل النظيف الفصيح ( اللص الكبير ) هذا يدربه… وكان يضع له المال ليختبره… ولكن هذا الأخير لم يخن صديقه الجديد وبعد ستة أشهر من التدريب وبعد أن وثق اللص الكبير باللص الشاب
قال له : اليوم سننفذ أول عملية
وأعطاه لبس فاخر وعلمة كيفية ربطة العنق ( الكرفتة ) وعلمه كل شيء حتى علمه كيف يأكل وكيف يصلي وذهبا لينفذا العمل ودخلا قصرا كبيرا
ودخلا للغرفة التي بها الخزينة وفتشوها ووجدوا الخزنة وفتحوها بدون كسر !!!! ( حتى هذه اللحظة لا يعلم اللص الصغير كيف فتح اللص الكبير هذه الخزنة بدون كسر أو من أين أتى بالمفتاح لهذه الخزنة )
المهم … وأخرج المال وجلس على الكرسي
وقال للص الشاب: أحضر لنا الكتشينة التي معنا في الشنطة
فاندهش وقال: لنهرب الآن ونلعب في بيتنا ولكن اللص الكبير نهره
وقال : أنا القائد افعل كما أقول لك وفعلا أحضر الكتشينة وبدأوا يلعبون
ولكن اللص الكبير قال له : أفتح المسجل بصوت مرتفع
وفعلا فتح المسجل ورفع صوته ولكنه كان غير مقتنع… وقد تأكد أنهم سيقبض عليهما لا محالة
وأثناء تفكير اللص الشاب حضر صاحب القصر وبيده مسدس
وقال : ماذا تفعلون يا لصوص
لكن اللص الكبير لم يكترث…
وقال لصاحبه : أكمل اللعب ولا تأبه له
وفعلا أكملا اللعب… ولكن صاحب القصر اتصل بالشرطة وحضرت الشرطة
فقال لهم صاحب القصر : هؤلاء لصوص سرقوا الخزنة… وهذه هي الأموال التي سرقوها أمامهم
فقال اللص الكبير للشرطة : هذا الرجل يكذب لقد دعانا هنا لنعلب معه وقد لعبنا فعلا وفزنا عليه … ولما خسر أمواله أخرج مسدسه ( طبعاً مع إبتسامتة الصفراء الحقيرة مع رفع لليدين يمنى ويسرى وأعلى وأسفل ) وقال.. إما أن تعطوني مالي وإما أن أتصل بالشرطة وأقول أنكم لصوص
فنظر الضابط ووجد الكؤوس الثلاثة والمال موضوع على الطاولة
والموسيقى وهم يلعبون غير مكترثين فحسّ أن صاحب القصر يكذب
فقال له الضابط : أنت تلعب … ولما تخسر تتصل بنا
إن عدتها مره أخرى… سأرميك في السجن
وأراد الضابط أن يغادر …ولكن اللص الكبير استوقفه
وقال له: يا سيدي إن خرجت… وتركتنا ..قد يقتلنا هذا الرجل اللعين .. الخائن .. الزنديق ..
فقال لهم الضابط : إذاً أخرجا معي فأصطحب الضابط اللصان وخصص لهم سرينة وموكب كالتي خصصها والي النيل الأبيض للفنانة ندى القلعة !!! ؟؟ … فخرج اللصان من المنزل بحماية الشرطة ومعهم المال المسروق أمام صاحب القصر صاحب المال الحقيقي … !!!!
وهكذا تسرق أموال الشعب وثرواته وخيراته وبحماية القانون والشرطة … وعندما يُبلغ عن اللصوص وبالبينة الواضحة لا يعيره أحد أي إهتمام !!!!! بل تحميهم الشرطة والقانون .. كصاحب هذا القصر المسكين الذي سُرقت أمواله جهارا نهاراً وامام عينيه .. وكل شيء بالقانون … وإنها محنة أهل السلطة الذين باعوا كل شيء في هذا الزمن الكئيب من أجل المال ثم بعد ذلك سيخسرون أنفسهم … لا محال
وآخر الأخبار التي وصلتني من الرجل صاحب القصر المسكين إنه الآن يكلم نفسه هائما على وجهه في الشوارع يعتمد على الأصدقاء والمعارف على الصدقات والمنح … وتشردت أسرته … ولقد أدمن المخدرات .. والكحول .. وفقد الأمل في الحياة … وأصبح لا يثق في الحكومة .. ولا في شرطة … ولا في القانون … ولا في الناس
وانقلبت الآية فأصبح الأعزّ فيها الأذل … صاحب القصر هو أبو البنطلون ( أب حبل ) وشنطة الحديد .. وبالشعر الكث القذر .. واللصوص هم الأعزاء ويسكنون القصور …..
وظلّ صاحب القصر المظلوم يرفع يديه الى السماء … في الصباح والمساء وفي صلواته ويقول : اللهم أنصفنا على من ظلمونا … وجوعونا … وشردونا… ومرضونا .. واللهم أردد ألينا حقوقنا المسلوبة وعزّنا وكرامتنا ويختتم دعواه كالعادة بقوله : حسبنا الله ونعم الوكيل … آميــــــــــــــــــــن