مخطط تشليع الوطن

مخطط تشليع الوطن
علي محمد بخيت
لقد بدأ هذا المخطط منذ قدوم ثورة الهوس الديني عام 1989م وهي تحمل تحت ابطها معاول الهدم وأدوات التشليع والذي بدأته الخدمة المدنية والجيش والشرطة وأودعتهم الشارع العام وكأنهم موالون للنظام دون كفاءة ولا مؤهل حتى يتمكنوا من اقتلاع كل من يقف معترضاً على هوسهم الديني لتمضي بالمليون ميل مربع وشعبه الى أهدافها الخبيثة ولتكمل سيطرتها وقبضتها الحديدية على كل شئ ثم مضت تؤجج لحرب الجنوب بصيف العبور وحرب التمكين الذي انطلقت بشبابنا الذين هجمت عليهم في الشارع والحافلات وأخذتهم عنوة الى محرقة الجنوب وهنا في الشمال أحكمت قبضتها على المال العام والامن والاعلام
وبدأت في تشليع المشاريع التي تكتظ بالعمال فانهت السكة حديد ومشروع الجزيرة لتنهي المزارعين وأتوا باتحادهم المزور وبجيشهم وشرطتهم الشعبية حيث وضع نظامهم البائس سوراً أمنياً كاملا لحمايتهم من أي ثورة شعبية تتعرض لهم لأنه يعلم بأن الشعب لن يكون حامياً لطاغية وعلى طريقة حروب التتار أرادوا اخضاع الجنوب الى نفوذهم وبعد أن فقد الآلاف أرواحهم من شبابنا الذين زجوا بهم في أتونها أخذوا في الهرولة بحثاً عن السلام بعد أن ايقنوا أن هذا ليس الطريق الذي يوصلهم للصلاة في البيت الأبيض كما كانوا يحلمون بل أخذوا يستجدون في الحل وعندما أتاهم الحل كان علقماً في حلوقهم اذ اشترطوا عليهم في نيفاشا ان يكون الحكم في السودان علمانياً والا فانفصال الجنوب ليكون حكومته وعندما حان استفتاء الجنوب كانت النتيجة موجعة اذ صوت ما يقارب الـ 99% للانفصال وانفصل الجنوب ليتم التشليع ويذهب ثلثه من المليون ميل وهذا كلما جنوه من 21 عاماً ولازال التشليع جارياً فيما تبقت لنا من ساحة فهنالك دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان تنتظر دورها وأهل التشليع لازالوا في غيهم يعمهون وغداً سيعلمون أي منقلب فيه ينقلبون أختم بمقولة الشاعر العراقي مطفر النواب: انا لا أبكي شعباً يبحث عن وطنه ولكن أبكي من في القمة يبحث عن دولته كالهروب بالتونسية. أخيراً وصلنا الى النفق المظلم ونحن ندخل بدايات عام جديد لينضم الى الخمسين عاماً التي مضت ونحن نفقد في بدايته جزءاً عزيزاً علينا بانفصال الجنوب عن الشمال، وهكذا تمضي السنين على شعب فقير ينشد الحياة الحرة الكريمة. ولكن يا ترى أين سيجدها هل من ماض لايعود أم من حاضر اذاقنا حكامه فيه كل انواع الذل والمهانة وجمعوا كل مآسي الماضي لينزلوها علينا بؤساً وشقاء وهم الذين أتوا من عامة فقرائنا وهم الذين خرجوا من الفقر والعوز لينزلوه علينا قانوناً يحرمنا السعادة مدى الحياة كيف لا ونحن انفصلت عنا الأرزاق التي يهبها الله على عبده بالمطاردات المبرمجة على الباحثين عن الرزق وانفصلت عنا صلة الأرحام بين بعضنا البعض وانفصلت المصارين عن امعائها من الجوع وانفصلت عقولنا من الأدمغة من الجهل وانفصلت منا الصحة من المرض وبدأ الآن انفصال الأرض التي كانت تجمعنا في حضنها ولاندري الى أين تدور هذه العجلة الشريرة تحت ظل هذا العهد الشرير الذي لازال يصيح رغم هذه المآسي جميعها هي لله كأن الله غافل عما يفعلون ولكن الله يمهل ولا يهمل.
اجراس الحرية