تربية المحن ..وعضة ابوالقدح ..

[CENTER]تربية المحن ..وعضة ابوالقدح ..
[/CENTER]

نحن ندرك تماما أن معضلة السودان الأزلية المتمثلة في أزمة حكمه المستفحلة كانت في حالة تصاعد منذ فجر استقلاله والكل شركاء في تأجيج نارها في حلبة صراع المصالح بين الطوائف الكبيرة ولاحقا الكتل العقائدية يسارية كانت أم قومية أم إسلامية و دخول العسكر في فجوة ذلك الفراغ الوطني واستغلالا لتسيب الأمور بما كان يعطيهم ذريعة الوثوب الى سدة الحكم بدعاوى إعادة الأمور الى نصابها .. مثلما نعلم تماما أن حالة الإستقطاب الحاكمة لعلاقة القبائل في دارفور و النزاعات بين الزراع المستقرين و الرعاة الرحل خلف الماء والكلاء هي حالة قديمة لا تخلومن تدخلات أحد الأحزاب الكبيرة التي حكمت قصيراً وزجت بأنفها فيها بإعتبار تلك المناطق مواقع نفوذ تقليدي لها !

ولكن قياسا الى أن جماعة الإسلام السياسي هم من تمددوا طويلا في بلاط السلطة وأمتلكوا نواصيها و استحوذوا على مفاصلها العسكرية والأمنية والإقتصادية بل وتغولوا تسلطاً على حياة الناس الإجتماعية بسن القوانين المذلة لإنسانيتهم نساءً ورجالاً بإفتراءات مدبجة بلبوس شرعي ديني ..!

وإذ بلغ مقدار السنوات التي تسيدوا فيها على المشهد حوالي الخمسة وثلاثين عاما إذا ما إضفنا الى عهد إنقلابهم المشئؤم سنوات نخرهم تلك بسوس التُقية في عظم النظام المايوي المندحر وهي مدة في مجملها تكون أكثر بقليل من نصف عمر السودان المستقل .. لذا فهم من دون منازع سبب كل الذي يعاني منه السودان من تقسيم وضعف وانهيار إقتصادي وعزلة دوليةوتدهور أخلاقي و إضمحلال في مستوى التعليم وانعدام الصحة بالإضافة الى تفشي القبلية واندياح ظلال الجهوية التي حجبت شمس التوحد الزاحفة وان كانت ببطء و التي بدأت خيوطها تشرق في كل أرجائه ولو في حد ضيائها المعقول ولانقول المكتمل في ظل ديمقراطية لو كنا أحسنا تصريفها بالقدر المناسب من الوعي الجمعي وطنيا وسياسيا وتنمويا !

وهم بالتالي من أوقدوا اللهيب الحارق لإقليم دارفور تغذية بحطب السياسة في غمرة تغابنهم بعد المفاصلة وهي التي كانت نزاعات محدودة الأثر يمكن التغلب عليها بعقد مجالس الأجاويد المحلية التي تكون فيها السلطات في محيطها الإقليمي شاهدا على اتفاقيات التسويات وليست طرفا مباشرا فيها .. وكفي الله المتفقين شر القتال !

الآن كل المحن التي ربتها الإنقاذ بعقلية الأسلامويين الخبيثة قد عادت اليهم لتنهش هي و صغارها في تلك الأحضان التي أرضعتها من أثداء الفتن وغذتها من لحم أجندتها القائمة على سياسة التفريق لتسودهي في عكر الأجواء وغبار الصراعات وتعيث فسادا ونهبا و انتشارا وسط الشعب الذي جاهر ببغضها منذ بيانها الأول المليء بالنفاق باسم الدين والأكاذيب الوطنية الزائفة ونوايا الإصلاح الخادعة التي فضحتها التجربة وكشفها البراهين والشواهد الحية!

وكما كان متوقعاً منذ بداية تبني الإنقاذ لزعماء العصابات و تاسيسها لقوات المليشات التي الغت ضمناً دور القوات النظامية في كثير من أنحاء مناطق الصراع حتى صارت دولة فوق سلطة المركز.. هاهو السحر ينقلب على ساحره.. فمع بيانات تحريض مايسمى مجلس الصحوة الثورية بزعامة الشيخ موسى هلال وهو كيان من صنيعة الإنقاذ ودعوته الواضحة والصريحة لقومه وأتباعه بمعاداة حلفاء الأمس وصناعه وعدم القتال الى جانبهم بل وجوب مقاتلة قوات الحكومة ومن يواليها من حملة السلاح خارج منظومة القوات الرسمية .. إنما يفتح أوسع ابواب الإحتمالات بتفجر الأوضاع ليس على صعيد مناطقه القديمة في دارفور وغيرها وإنما في قلب العاصمة حيث وجود الطابور الخامس الذي جاء ذكره في بيان آخر للوزير السابق علي مجوك الساعد الأيمن للشيخ هلال الذي يبدوأنه قدنفض يده ايضا من حليفه المدلل من طرف الإنقاذ الفريق المزعوم المدعوحميدتي..ومن هنا تبدأ الحكاية التي مربط فرسها المثل القائل ..من يربي المحن لابد أن يلولي صغارها..لاسيما وكما يقول مثل آخر فإن أبو القدح يعرف أين يعض غريمه وإن كان أخا له من ذات الجنس !
حفظ الله السودان وشعبه من شرور الكيزان التي أوصلتهما الى مؤخرة الشعوب والبلدان.

نعمة صباحي ..
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..