الأقمار تنخسف وقمرنا غاب نهائياً

الأقمار تنخسف وقمرنا غاب نهائياً
القمر يبدأ هلالا، ثم يمتلئ حتى يصبح كامل الاستدارة، ولكن قمرنا ظلت، منذ عرفتها بدرا كاملا، فكنت أسميها قمر دورين على مدى أكثر من ربع قرن عرفتها فيه خلاله، ولكن وفي فجر السبت الموافق اليوم الثالث من شهر يونيو الجاري، أفَلَتْ قمر عمر سالم نهائياً، بينما القمر التي تحمل اسمه، يروح ويجيء، وحتى إذا انخسف فإنه يعاود الصعود والصمود، ولكن شتان ما بين قمر من صخور، وبدر البدور قمر عمر.
كانت قمر شخصية استثنائية، وكان فمها هلالا دائما بسبب الابتسامة، التي كانت تشع منه بهجة وفرحا أموميا وطفوليا، وقد يتحول الى ضحكة مجلجلة، وكانت قد تعرضت لهزة عنيفة عندما فقدت رفيق رحلة العمر محمود الجزولي، رحمه الله في آخر فبراير من عام 2013، فقد كانا ثنائيا يطلعان وينزلان سويا على الدوام، وكأني بقمر قد هتفت يوم رحيل محمود: وكنا كندماني جذيمة حقبة *** من الدهر حتى قيل لن يتصدعا. ، ولكن الدهر هو دورة الحياة، التي لا يخرج منها آدمي حيّا
ماتت قمر عمر سالم فجرا، وخلال دقائق كانت نساء السودان في الدوحة قد تقاطرن على بيتها ثكلى، وبكين كما يفعل اليتامى زغب الحواصل عند فقْد الأم الرؤوم، فقد وهبها الواهب العطّاي ذخيرة من الحنان والمحبة كانت ترشق بها الجميع، مما جعل كل من عرفها يسكنها في القلب واللب، وهكذا كانت كل مناسبة اجتماعية تخص قمر، «كارثة» من حيث التخطيط والتنفيذ بمقاييس البروتوكولات والمنظرة والفنجرة، فلأنها كانت تعرف معظم السودانيات في قطر، فقد كان المئات يحرصون على مجاملة قمر فتجوط الأمور، وهي في غاية السرور.
صارعت قمر المرض عاما كاملا، وانتصرت عليه لعام كامل، كانت سعيدة خلاله بأنها لم «تشوف» دكتور، ثم انتهت الهدنة وهجم عليها المرض بشراسة، ولكن، وهي تخوض المعارك ضده لم تفارقها الابتسامة الصادقة، والكلمة الطيبة، وكثيرا ما اتصلت بي لتقول: أنا كويسة، والدكتور قال كيت وكيت، وأنا أبيت .. يا قمر ما على كيفك، فتصيح ضاحكة: أنا بت العباسية، واقعد واقوم على كيفي.
قيض الله لها خلال معركتها الخاسرة مع المرض، بنتنا الطبيبة الإنسانة هند حمد الزبير حمد الملك، التي كانت الطبيب الوحيد الذي لا تعصي له أمرا، واعطت هند «كانت قمر رحمها الله تناديها «هندة»» رقم هاتفها الجوال لبنات قمر ليتصلن بها في أي وقت طلبا للمشورة الطبية أو التدخل كي تقنع بت العباسية بتناول الدواء: يا خالتي قمر لازم ? فتقول لها: حاضر يا دكتورة هندة.
قضت قمرنا أخصب سنوات عمرها في مجال التدريس، واكتسبت من هذه المهنة صلابة تمنعها من ان تنكسر، وليونة يتعذر معها أن تنعصر، فرغم أنها كانت دائمة البشاشة إلا أنها وكلما استوجب الأمر الحسم وابداء الرأي والنصح، كانت ترفع سبابتها في وجه من تكلمه وتقول: شوف، ثم وبدون لف أو دوران تجعله يشوف أين أخطأ وأين أصاب.
وقد أكرم الله قمر عمر بأن عاشت حتى صار لكل واحد من عيالها بيت زوجية خاص، ورعت ولاعبت أحفادها، ووالله لم يكن من لا يعرفونها يصدقون أن لها أحفادا أكملوا تعليمهم الجامعي، لأنها ولآخر لحظة في حياتها كانت بهية الطلعة، ممشوقة القوام ناضرة البشرة، وهذا ميسم الإنسان الفرائحي المتفائل، بينما الشخص النكدي العبوس، يجلب على نفسه التجاعيد وهو في منتصف رحلة العمر.
يا رب الطف بقمر وبنا، واللهم عاملها بما أنت أهله، ولا تعاملها بما هي أهله. واجزها عن الإحسان إحساناً، وعن الإساءة عفواً وغفراناً. اللهمّ أدخلها الجنّة من غير مناقشة حساب، ولا سابقة عذاب. اللهمّ اّنسها في وحدتها ووحشتها وفي غربتها.
اللهم أنزل الصبر الجميل على أماني وأميمة وأميرة وعبد الرحمن وسارة وأمل، وعلى أنسبائها الحبيب كمال وإخوته أميرة وعبد المنعم وحسن الجزولي.
جعفر عباس
الصحافة
رحمها الله رحمة واسعة والعزاء لاسرتها
رحمها الله رحمة واسعة والعزاء لاسرتها
نسال الله الواحد اﻻحد الفرد الصمد ان يرحمها رحمة ملء السماوات واﻻرضين وان يبارك في ذريتها واهلها…وجزاك الله خيرا الكاتب…اللهم ارحم جميع موتى المسلمين…وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين. ..
نسال الله الواحد اﻻحد الفرد الصمد ان يرحمها رحمة ملء السماوات واﻻرضين وان يبارك في ذريتها واهلها…وجزاك الله خيرا الكاتب…اللهم ارحم جميع موتى المسلمين…وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين. ..