الشرخ..ما جعل الله في جوف حركة من مشروعين

بسم الله الرحمن الرحيم
الشرخ..ما جعل الله في جوف حركة من مشروعين !!
1
لا يمكن النظر في الشرخ الذي تم في الحركة الشعبية شمال ،دون الأخذ في الاعتبار ، ما آلت إليه الحركة الشعبية التي تحكم الجنوب. كونهما كما يعرف الجميع، مشروعاً واحداً قسمه انفصال الجنوب إلى حركتين.وإذا نحينا جانباً ، السجالات التي ظهرت في خطابات الاستقالة للحلو ورسائل عقار، بوصفها شأناً داخلياً للحركة، فإننا أمام واقع مؤسف صدم كل القوى الثورية والمعارضة للنظام ، منذ خطاب الحلو . ووضعت الرأي العام السوداني ، أمام حقيقة مرة ، عن طبيعة الصراعات داخل الأحزاب والتنظيمات السودانية، مهما بدا خطابها المعلن ، غاية في المثالية والثورية في حالة الحركة خصوصاً في حالتنا هذه .فهاهي الصحفية النابهة الاستاذة شمائل النور ، تضع الأصبع فرق الجرح ، غداة خطاب الاستقالة قائلة في عمودها الراتب بصحيفة التيار في 20 مارس( قُبلت الاستقالة أو رُفضت، فإن ما يحدث داخل الحركة وبين قياداتها، يقود إلى ميلاد مرحلة جديدة في عمر الحركة الشعبية، وأياً كانت ملامح هذه المرحلة، إلا أن تصدر القبلية والإثنية في خطاب تاريخي مثل هذا وفي توقيت مثل هذا، يؤكد أن القبيلة تعلو فوف كل شيء وإن كان السودان الجديد نفسه. حسناً، إن كان الأمر كذلك، وأخشى أن يكون أصل الخلاف داخل الحركة، قبلي وجهوي أكثر من كونه خلاف مبادئ، إن كان كذلك، فلا لوم على الإنقاذ. عموماً، فإن استقالة الحلو، أو خطابه، وضعت صورة ناصعة الوضوح للأزمة الشاملة، التي لا تستثني حزباً أو حركة، يميناً أو يساراً.)
وقد صدقت الأستاذة في تحليلها، لأن هنالك تناقضاً واضحاً في إيراد الحلو للإثنية كعامل أدى إلى تمرير قرارات من وراء ظهره في الحركة الشعبية ، ومحاولة شق الحركة بعمل تنظيمات بديلة بواسطة المؤتمر الوطني، في خطاب الاستقالة..ومحاولة تبرير ذلك في لقائه
مع شبكة عاين في 8/ أبريل حيث قال(ولكن أخيراً بدأ يتم إستغلالها فى حالتى كنائب رئيس لتمرير أجندة وسياسات ضارة بمستقبل الثورة، لذلك أشرت إليها فى خطابى. أما الحركة الشعبية نفسها فهي حركة قومية ومفتوحة لكل السودانيين بغض النظر عن إثنياتهم، بدليل إنني التحقت بها منذ عام 1985. وقرارات مجلس تحرير الإقليم برفض إستقالتي وتمسكهم باستمراري فى قيادة الحركة أكبر دليل على قومية الحركة.) كل ذلك يتناقض رأسياً مع إيراده لمسوغات نظرية وفكرية لدعم فكرة الإثنية حيث يقول في فقرة من خطاب الاستقالة (موقع الجماهير ) ،(خاصة و أن مرحلة التطور الاجتماعى التى نمر بها فى السودان يجعل للاثنية دور أساسى فى القضايا التى تتعلق بالقيادة و القضايا المصيرية للشعوب المختلفة) . فهل بعد هذا التأطير النظري ..حديث عن نفي الإثنية في كل ما أتى به؟
2
لقد ركزنا على أقوال الحلو، لأنه متصدر الحدث وصاحب الحراك الأخير..لكن في تقديري ، أن الأمر يتجاوز الأفراد في كل الأحوال، إلى طبيعة مكونات الحركة الشعبية . التي تجعل قيادات احتفظت بصور ة ناصعة لدى معارضي النظام على الأقل ،إما عبر مواقفهم في جولات التفاوض ،والخطاب السياسي المتماسك في حالتي عقار وعرمان ،والصمود الأسطوري في قيادة جيش الحركة وإفشال الهجمات الصيفية وتسفيه وعود رئيس النظام بالصلاة في كاودا في حالة الحلو. تجعلهم عرضة لاهتزاز صورتهم أمام من يناصرونهم، والشماتة أمام خصمهم التقليدي. وتؤدي إلى قلق وإشفاق حلفائهم ، بالشروع في جمع توقيعات للدعوة إلى تجاوز الأزمة كما صدر من الجبهة الثورية ،والتعبير عن شدة القلق وضرورة معالجة الخلاف الداخلي كما في حالة جبريل إبراهيم. لكن الأهم من كل ذلك ، ضعضعة الصف المعارض.
فرغم مشروع السودان الجديد وحلمه بدولة تتجاوز الإثنية والجهوية والتباينات الثقافية والدينية في إنصاف المهمشين وتغيير مركز السلطة وتركيبتها..إلا أن الحركة الشعبية في حقيقة الأمر ، رضيت ربما في سبيل تكبير كومها إلى استصحاب مشروع مناقض له تماماً ، يتمثل في القومية المناطقية إن جاز التعبير. مستنداً على خلفية إثنية ..تطل برأسها في مراحل مختلفة كما حدث لمجموعة الناصر سابقاً ، والتي للمفارقة انتهت بالخرطوم واستمر تأثيرها في خطاب تقرير المصير والانفصال ، ثم رفع السلاح في وجه الدولة وخوض حرب أهلية طاحنة ،جعلت من دولة الحركة الشعبية الوليدة، دولة فاشلة بكل المقاييس، شقي سكانها الذين صوتوا للإنفصال ، بأكثر مما عانوه قبله من بني جلدتهم.
وهاهو نفس الخطاب والإشكال يطل برأسه في جبال النوبة، عبر الحديث عن التمسك بحق تقرير المصير، والاحتفاظ بالسلاح لعشرين عاماً بعد أي اتفاق سلام.وليت الأمر قد توقف عند ذلك ،بل يصل إلى حالة التيئيس من أي دور لثورة أو انتفاضة ، في تغيير الواقع السوداني في المركز ، مستدلاً بفشل ثورتي أكتوبر وأبريل ? متناسياً إجهاضهما-وحتى دور الحركة الشعبية في عدم رفد القوى الشعبية الثائرة بأي مدد يقوي موقفها.ليكون التعويل فقط على السلاح في تغيير في حقيقته يحتاج إلى أرضيات سياسية وثقافية وعمل دؤوب يرسخ قيمها في الأساس. وأعجب ما في الأمر الاستدلال بتجارب أصرت على تقرير المصير ودور السلاح .دون طرح سؤال بسيط هو: هل كان للثورة الفرنسية التي غيرت مجرى التاريخ الحديث، سلاح غير جماهيرها وحركة التنوير التي دعمتها؟
3
ختاماً ،فقد وقع المحظور، وحدث الشرخ الكبير. ومجرد متابعة ردود الفعل من رسائل عقار وما أسماها مبارك اردول بشهادته للتاريخ ، أنصع دليل على ذلك . ولا أحد
يمكنه التكهن بمآلات الأمور في مقبل الأيام القادمات.وعلى عضوية الحركة الشعبية وحدها ، تقع مسئولية الخروج من هذه الأزمة،ولكن بتصويب التفكير في إتجاه سؤال واحد وجوهري هو: هل يمكن للحركة الشعبية، أن تحمل مشروع السودان الجديد في جوفها وعقلها من جهة، ودعوات تقرير المصير من جهة أخرى في نفس الوقت؟
دون الإجابة الشافية على هذا السؤال، لن يعني تنحي عقار وعرمان ، وإعلان زهدهما في القيادة، غير الرضوخ للتيار الآخر، والمساهمة في تغيير مسار الحركة إلى وجهة تخالف ما أفنوا عمرهم فيها.مع كامل احترامنا لتقديراتهما وثقتهما في من يخلفونهما في تراتبية القيادة.
إن حمل مشروعين متناقضين كهاتين.لا يمكن أن يكون إلا عبر تحالف تكوينين، كل بأجندته، مع اتفاق على حدود اتفاق بين المشروعين في أسوأ الفروض، وإلا فإن الأزمة ، سيعاد انتاجها في كل مرة. ويدفع الوطن ، باهظ ثمنها.
معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]
حتى الحكومه تحارب وتقمع بأثنيه إذا المشكله
حتى الحكومه تحارب وتقمع بأثنيه إذا المشكله
لا هذا, الثنائى عقار وعرمان تجاوزا الخطوط الحمراء, أم أردول فلا زال فى بداية الطرق لم يختبر بعد طرق النضال الوعرة, فأمسك عليك قلمك حتى تعرف ما يدور بالضبط داخل قلعة الثورة والنضال.
لا هذا, الثنائى عقار وعرمان تجاوزا الخطوط الحمراء, أم أردول فلا زال فى بداية الطرق لم يختبر بعد طرق النضال الوعرة, فأمسك عليك قلمك حتى تعرف ما يدور بالضبط داخل قلعة الثورة والنضال.