من المتحضر ومن المتخلف؟

من المتحضر ومن المتخلف؟
قبل نحو عام استطلعت صحيفة سودانية، الآراء حول تنظيم مسابقات لاختيار ملكات جمال للسودان، وكان أعجب ما في الأمر أن معظم من أيدوا الفكرة كن من النساء، ثم فعلت الأمر نفسه إذاعة إف إم، وفي الحالتين قال المدافعون عن الفكرة:ما فيها شيء أن تستعرض فتاة المفاتن التي حباها بها الله و»الله جميل يحب الجمال»، وهناك من قال إن مسابقات ملكات الجمال تشجع السياحة، ولم يقولوا كيف يكون ذلك: هل نضعهن في فترينات في المتاحف، أم نوزعهن على توابيت زجاجية مبطنة بالمخمل في الأسواق كما يحدث في هولندا وألمانيا؟ «ركبت مع زوجتي حافلة سياحية في هامبورغ بألمانيا عندما مررنا بالمنطقة الحمراء ، صاحت زوجتي المتخلفة: شنودا؟ ثم غطت وجهها، واكتشفت أن «دا» فتيات من لحم ودم عاريات في فترينات في واجهة متاجر».
دعونا نناقش الأمر بشكل متحضر: لا بأس في أن تستعرض فتاة مفاتنها أمام لجنة تحكيم، وبحضور آلاف الناس، ويستوجب هذا أن ترتدي ملابس ماركة «ما قلّ ودلّ»، حتى يتأكد أعضاء اللجنة من أن مفاتنها «تستأهل».طيب: مواطن العفة، أشدُّ فتنة، فهل يجوز عرضها على المكشوف؟
ومن يؤيدون مسابقات ملكات الجمال لا ينكرون أنهم يقلدون الغرب، من منطلق أن تلك المسابقات من الممارسات الحضارية. فهل سيمضون إلى آخر الشوط بإقامة مسابقات تستعرض فيها الفتيات مفاتنهن بدون ملابس على الإطلاق، كما يحدث في العديد من الشواطئ الأوروبية؟ وهل أوكي أن تظهر ملكة الجمال «شالحة ميطي» على أغلفة المجلات؟
جالست قبل أعوام المفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري، صاحب موسوعة «اليهودية واليهود»، وكنا نتحدث عن أن البعض يستجير بالإسلام، حتى وهو يمارس نشاطاً يتعارض مع بديهيات الإسلام، وحكى لي عن السيدة التي قالت لابنتها المسلمة التي كانت تشارك في مسابقة ملكة الجمال، وهي متجهة إلى المسرح لعرض بضاعتها: اقري الفاتحة وأدخلي برجلك اليمين وربنا معاكي!
ونواصل النقاش المتحضر، ونتساءل: كيف تسهم ملكات الجمال في ازدهار السياحة؟هل سيصيح السياح عندما يرون مفاتن من تحمل لقب ملكة الجمال: ياه هذا بلد متحضر وفيه نسوان تجنن. هيا بنا! وهل يجوز استغلال مفاتن البنات لجذب السياح والعملات الأجنبية، بإعطاء الانطباع بأن «البلد» منفتح كانفتاح ملابس المتسابقات للفوز بلقب ملكة الجمال؟ هل يقبل بلد عربي بذلك؟ الإجابة هي: نعم، فهناك بلاد عربية تقبل ذلك، ولديها لجان وطنية لاختيار ملكة جمال عموم البلاد، وأخرى للشاطئ، وثالثة للبطيخ، بل صارت هناك «ملكة جمال المحجبات»، فكيف يتم اختيار هذا الصنف من الملكات: قياسا على خامة القماش الذي يصنع منه الحجاب، أم على طريقة ارتداء الحجاب، أم تقاطيع وجه المحجبة، أم جمال الوجه وكنتور الجسم «المحجب»؟
في لبنان قطع التحضر شوطا بعيدا، فهناك منذ سنوات بعيدة ملكات جمال الأرز، والفراولة والربيع، ثم ابتدعوا منذ سنوات صرعة «ملك جمال الرجال»، ولم أستغرب عندما تزوج أول من فاز بذلك اللقب بالشحرورة الراحلة صباح، وفارق العمر بينهما 62 سنة.
وقرأت لكاتب مصري، عن بلدياته الذي ذهب إلى فرنسا في ستينات القرن الماضي، وعاد مستاء من أن الشاذين جنسياً لا يعرفون «الستر»، وزار صاحبنا فرنسا مجدداً في السبعينات، وعاد يشكو من أن الشواذ هناك صارت لهم أندية علنية، ثم واتته الفرصة لزيارة فرنسا في الثمانينات وعاد وهو في منتهى القرف، بعد أن صار «الزواج» بين الشواذ مقننا، وفي مطلع الألفية الثالثة، تم اختياره لمهمة رسمية في فرنسا فصاح: مش رايح! قالوا له: يا راجل دي فرصة تقعد هناك أسبوعين،تلاتة،والحكاية فيها بدلات ونثريات، فصاح: ولو، لأنه مش بعيد يكون الشذوذ بقى إجباري.
جعفر عباس
الصحافة
الحمد لله على نعمة الاسلام ..
من يهن يسهل الهوان عليه
الحمد لله على نعمة الاسلام ..
من يهن يسهل الهوان عليه