الما عارف يقول عدس

وقصة (الما عارف يقول عدس) مشهورة ومعروفة وذات مدلول واحد وإن اختلفت الروايات حولها، منها تلك التي تقول إن المزارع الذي كان يطارد اللص، ليس لأنه سطا على حفنة عدس من مزرعته كما اعتقد الناس الذين استغربوا لهذه المطاردة الماراثونية بسبب قبضة يد من العدس، وإنما لأن هذا اللص كان قد أتى شيئا نكرا لا يقارن بسرقة العدس ولو بلغ ما سرقه حمولة شاحنة (زد واي ) ، ولهذا كان يرد بصوت متهدج ونفس مقطوع (الما عارف يقول عدس)، ومنها الرواية الأخرى التي تحكي عن أن أحدهم كان له حقل من (عدس) كان يستغله للتمويه عن الأموال والثروات التي كان يكدسها فيه، وتصادف أن رآه مرة أحد اللصوص وهو يحفر حفرة ويُدخل فيها بعض الأموال، وبمجرد مغادرة صاحب الحقل للمكان، غافله هذا اللص وقام بنبش الحفرة واستخرج منها الأموال المدفونة وقال (يا فكيك) أي (فك البيرق)، وانطلق خلفه صاحب المال والحقل، (هو جاري وسيد اللبن جاري وراهو) على طريقة لاعب المريخ السابق عيسى صباح الخير في إحدى المباريات الأفريقية، وفي أثناء هذه المطاردة الماراثونية (خمش) اللص حزمة من سيقان العدس، وكان أن استغرب الناس لمشهد هذا الرجل الذي يطارد لصاً بسبب (خمشة) عدس، فحاولوا أن يوقفوه بمنطق من العيب أن يطارد لصاً لهذا السبب التافه الذي لا يستحق كل هذا العناء، ولكنه كان (يتزاوغ) منهم صارخاً فيهم بأعلى صوته (الما عارف يقول عدس) وصارت العبارة مثلاً يضرب على من وافق حاله حال من استغربوا من تلك المطاردة بظن أنها كانت بسبب حفنة عدس.
والناس اليوم وبسبب عدم معرفتهم للسبب الذي أدى لاقالة الفريق طه ، برعوا في التحليل والتفسير والتخمين ، وامتلأت الصحائف والأسافير وجلسات الأنس والسمر بعدد مهول من التفسيرات والتقديرات والتخمينات ، الكل يدلي بما يحلو له وتحدثه به نفسه ،وبينما ينشط المفسرون والمحللون لايجاد سبب ومبرر للاقالة ، كانت الحكومة تقرأ بصمت كل ما يثار ولا تنفرج شفتاها ولو بكلمة أو تعليق ، وكأني بها تقول في دخيلة نفسها ردا على ما يكتب ويقال ( الما عارف يقول عدس) ، وأكثر من قالوا ورددوا كلمة عدس هم الصحافيون بحكم المهنة ، ذلك لأن الصحافيين هم أصحاب الحق في الكلام إنابة عن المواطن، وهو حق اكتسبوه ليس بالأصالة وإنما بالإنابة عن حق المواطن في أن يعرف، ومن هذا الحق أيضاً استمدت الصحافة سلطتها التي يطلق عليها اصطلاحاً (السلطة الرابعة Fourth Estate)، التي يفترض أن تمارسها الصحافة في سياق إبراز دورها المناط بها ليس في تعميم المعرفة والتوعية والتنوير فحسب، بل في تشكيل الرأي، وتوجيه الرأي العام، والإفصاح عن المعلومات، وخلق القضايا، وتمثيل الحكومة لدى الشعب، وتمثيل الشعب لدى الحكومة، وتمثيل الأمم لدى بعضها البعض? وأعتقد أن هذا التوضيح يكفي لايضاح سبب الاقالة عبر الصحافة المقروءة والمرئية والمسموعة ..

الصحافة

تعليق واحد

  1. ذلك لأن الصحافيين هم أصحاب الحق في الكلام إنابة عن المواطن، وهو حق اكتسبوه ليس بالأصالة وإنما بالإنابة عن حق المواطن في أن يعرف،
    اكتسبوه كيف؟ ومن وين؟ وهل المواطن اعطى الصحفى حق التكلم باسمه؟
    خليكم واعيين للكلام الذى تكتبوه

  2. ذلك لأن الصحافيين هم أصحاب الحق في الكلام إنابة عن المواطن، وهو حق اكتسبوه ليس بالأصالة وإنما بالإنابة عن حق المواطن في أن يعرف،
    اكتسبوه كيف؟ ومن وين؟ وهل المواطن اعطى الصحفى حق التكلم باسمه؟
    خليكم واعيين للكلام الذى تكتبوه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..