مقالات سياسية

سبحان مغير الأحوال .. فلماذا لا نغير نحن من حالنا؟؟

منذ سنوات مضت أو في قديم الزمان كان يحكى : من السهل أن نتهم مواطناً عربياً بالخيانة لمجرد أنه لا يتعاطف مع القضية الفلسطينية بل في بعض المجتمعات المتشددة يكفّر ويُرمى بالزندقة … وكانت الدول العربية بلا إستثناء تعامل مواطنيها من هذا المنطق . أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى .. وأن إسرائيل هي العدو الأول للشعوب العربية ما دامت تحتل الأرض العربية وتستبيح حقوق الشعب الفلسطيني ..
فكان لا أحد يخرج من هذا الإجماع العربي إلا قلة قليلة كانت ترى أحياناً إمكانية الحوار مع إسرائيل أو التقارب معها في ظل مفاهيم مستقبلية للسلام وكانت هذه القلة مرفوضة من العالم العربي والرئيس المصري الأسبق أنور السادات كان نموذجاً نُبذ وقطعت علاقاته مع كل الدول العربية ومات بسبب هذا الموقف وكان وقتها كالجمل الأجرب منبوذاً لدى كل العرب إلا السودان الذي إحتضنه ولم ينفر منه وللأسف لم يحفظ له المصريون هذا الموقف النبيل …
ودارت الأيام وأصبح من السهل الآن أن يتهم كل من يحاول يناقش قضايا السلام مع إسرائيل من وجهة النظر السابقة القديمة والتي كانت تعتبر وجهة نظر موضوعية والتي تتبنى خروج إسرائيل من فلسطين وأن القدس هي عاصمة أبدية لفلسطين كلام القوميين العرب عديم الفائدة …كل من يتبنى وجهة النظر هذه ويدعم مادياً أو معنوياً أو لوجستياً كل فئة تتبنى هذه النظرية بأنه خارج من الإجماع العربي وأنه يغرد خارج السرب ويُحارب ويُحاصر كما هو الحال الآن … سبحان مغير الأحوال

منذ سنوات كان الإجماع العربي أن إسرائيل دولة معتدية .. وكانت مناهج التعليم تؤكد ذلك .. ونشرات الأخبار تؤكد ذلك .. والواقع العربي يؤكد ذلك وعشنا سنوات عمرنا كلها على هذا الأساس إن قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى
فمنذ أن قبل العرب والفلسطينيون خاصة أصحاب القضية أنفسهم المفاوضات مع إسرائيل وتمت مباحثات في العاصمة النرويجية أوسلو أصبح مطلوبا منا نحن كسودانيين بصفة خاصة منذ ذلك الوقت أن نعيد برمجة عقولنا ووجداننا ويكون بإصرار بضرورة برمجة العقل طبقاً للواقع الجديد … وأن نغير من حالنا
ويبدو أن هذه البرمجة كانت سهلة بالنسبة لبعض العقول في بعض بلدان العرب التي إستطاعت أن تعيد ترتيب أوضاعها ومصالحها بسرعة غريبة حسب إتجاه الرياح .. وفي فترة وجيزة جدا أخذت لغة المصالح مكانها وإستطاعت بالفعل أن تحقق نتائج مذهلة . سبحان مغير الأحوال
لكن للأسف يوجد لدينا نسبة عالية جداً في السودان لم تستطع هذه النسبة إعادة برمجة عقولهم ومواقفهم ويتهمونا أمثال المؤيدين للحوار مع إسرائيل أو حتى عدم إتخاذ مواقف معادية لإسرائيل بأنهم يقفون ضد حركة التاريخ والزمن والقضية العربية وهؤلاء أصبحوا عرباً أكثر من العرب أنفسهم !!! وهؤلاء سبب ذا الفشل
اليوم العرب يقفون في عشرات الخنادق المتفرقة والمتشرزمة ضد إسرائيل من أجل إسترداد حقوقهم .. كما يقفون في عشرات الخنادق المتفرقة أيضا ليس لمواجهة إسرائيل بل يواجهون بعضهم بعضا.. وإسرائيل تنتقل بينهم كي تزداد المشاكل إشتعالا وفي ظل هذا التمزق الرهيب الذي يعاني منه الواقع العربي يصبح من السهل جدا أن تقول إسرائيل وأن يسمع العرب .. وبهذا التشرزم حصلت إسرائيل على كل شئ .. ولقد وضعت إسرائيل أنفها في كل شئ …

مثال آخر للفشل الذي أصابنا لعدم تغير أحوالنا وعدم إعادة برمجة عقولنا : ( حرب اليمن )
اليوم منظر التوابيت التي تأتي من اليمن حاملة نعوش أجساد جنودنا الطاهرة النحيلة المثقلة بهموم الوطن قسما بالله مناظر تهز القلوب وتجرح الكرامة بسبب دخولنا حرباً لا دخل لنا بها لا من غريب ولا من بعيد وهؤلاء الشهداء أنهم كانوا ضحية كالعادة لتشرزمات داخل البيت العربي قبل الحرب وفي أثناء الحرب+ وغُدر بهم .. فئة تريد إستخدامهم كوقود لكي تثبت لأختاها فشل الحرب وما هؤلاء الضحايا وهذه النعوش للجنود السودانيين إلا فشل للعمليات الدائرة هناك وصعوبة عودة الوضع الى ما كان عليه قبل الحرب وبالتالي يجب إنفصال جنوب اليمن عن شماله … وكل هذا البيع للأرواح الرخيصة بثمن بخس وهو أن تستأثر دولة معينة ( صاعدة ) بالموانئ اليمنية في جنوب اليمن والمصيبة هذه الدولة من الداعمين والمشاركين في الحرب يعني منتهى القذارة والنفاق السياسي بل الدعارة السياسية …
ففي السودان مجموعتين تتبنيان وجهات نظر مختلفة بخصوص حرب اليمن
المجموعة الأولى : تتبنى الحرب وتؤيدها بالرغم من علمهم التام بتجارة النظام بأرواح الجنود ولكنهم يرون الأولوية لحماية الدول العربية من خطر المدّ الإيراني فهؤلاء حتى اللحظة لم يستطيعوا إعادة برمجة عقولهم وهي نفس المجموعة صاحبة العقول التي ما زالت تعتبر إسرائيل عدو طالما إنها مازالت تحتل الأراضي العربية ولم تقتنع بعد بأن العرب أنفسهم أصحاب الأرض أعادوا برمجة عقولهم وتماشوا مع إتجاه الرياح والآن عائشين في أمان الله مع اليهود وفي إسرائيل …فهؤلاء الأغلبية لم يستطيعوا البرمجة الجديدة ولم يتغير حالهم ..
ومجموعة الثانية : استطاعت هذه المجموعة أن تبرمج عقولها وهي قلّة وتعلم بأن التشرزمات العربية الحالية لا تستحق هذه التضحية

ففي كل الأحوال يجب علينا أن نغير من أحوالنا…. حتى ينصلح حالنا …
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ….كنت استمع للامير محمد بن سلمان وزير دفاع السعودية وولي ولي العهد قبل ان يصبح ولى العهد في لقاء تلفزيوني وهو يتحدث عن رؤيته المستقبلية وطموحاته لدولته…..
    ومن ضمن ماقاله في هذا اللقاء انه كان بامكان الجيش السعودى ان ينهى حرب اليمن خلال اسبوع واحد فقط …. الا انه لم يفعل ذلك لان الخسائر البشرية ستكون كبيرة وسط صفوف الجيش السعودى…لحظتها عرفت بان هذا الشاب ليست لديه الخيرة العسكرية الكافية بان يكون وزيرا للدفاع كما انه لم يقرأ تاريخ اليمن….ولو رجع للتاريخ القريب لعرف كارثة عبد الناصر في اليمن …..
    … هو لا يمانع ان يموت السودانيون في اليمن طالما انه قادر على الدفع وهناك من يقبض الثمن….

  2. ….كنت استمع للامير محمد بن سلمان وزير دفاع السعودية وولي ولي العهد قبل ان يصبح ولى العهد في لقاء تلفزيوني وهو يتحدث عن رؤيته المستقبلية وطموحاته لدولته…..
    ومن ضمن ماقاله في هذا اللقاء انه كان بامكان الجيش السعودى ان ينهى حرب اليمن خلال اسبوع واحد فقط …. الا انه لم يفعل ذلك لان الخسائر البشرية ستكون كبيرة وسط صفوف الجيش السعودى…لحظتها عرفت بان هذا الشاب ليست لديه الخيرة العسكرية الكافية بان يكون وزيرا للدفاع كما انه لم يقرأ تاريخ اليمن….ولو رجع للتاريخ القريب لعرف كارثة عبد الناصر في اليمن …..
    … هو لا يمانع ان يموت السودانيون في اليمن طالما انه قادر على الدفع وهناك من يقبض الثمن….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..