من ينصف هؤلاء..؟!

ومن سوء الحال الذي وصلنا إليه، أن ترى اليافعين والأطفال وهم يتزاحمون في التقاطعات وشارات المرور، يسألون الناس إلحافاً، ويتسوّلون ما يقيهم الجوع والظمأ والمسغبة..!

ومن سوء الحال، أن ذلك لا يحرك في الناس غضبًا، أو ضميراً، إذ لم نر أو نسمع ان مسؤولاً قدم استقالته لأن جيوش المتسولين والعاطلين عن العامل خسرت كل معاركها مع الفقر. ولم نشاهد نائباً برلمانياً يجرجر المسؤولين عن الرعاية الاجتماعية إلى قبة البرلمان ليسلقوهم بألسنة حداد، جراء تقصيرهم وتعامي عيونهم عن الكوارث والأزمات الاقتصادية التي تجعل أطفالاً يختارون التسول بدلاً من نهل العلم.

فالناظر إلى أعداد الأطفال الذي يمتهنون مهنة التسول سوف تصعقه الحيرة وتأخذ منه الدهشة كل مأخذ، ذلك أنهم في ازدياد مخيف. وهو ما يعني أن هناك اختلالاً في المعادلة، فبدلا من أن ينسرب هؤلاء الى قاعات الدراسة يتسربون إلى الطرقات بحثًا عن لقيمات يقمن أصلابهم، بعدما عجز أسرهم وأهلوهم عن توفيرها لهم.

ورجاءً لا تقولوا لي أن هؤلاء المتسولين ليسوا سودانيين، فهذه حجة بائرة وقول مردود، يكذبه تصاعد نسبة الفقراء في السودان، حتى أنها أوشكت أن تلامس حاجز الخمسين في المائة، في حالة ينبغي ان تكون ناقوسًا يرن في آذان المسؤولين، ولكن لا حياة لمن تنادي..!

أما أقسى من ظاهرة التسول، على ما فيها من بؤس، فو صعود موجة الأطفال الذين يتكسّبون من تنظيف زجاج السيارات في التقاطعات المروية، ذلك أنها تكشف عن ضعة عامة في المفاهيم الحكومية، فليس من المنطق ان نرى مثل هؤلاء الأطفال وهم يستجدون الناس من خلال هذه الوسيلة المذلة، التي لا تغني عن جوع، بل تفرز لنا أجيالاً من الشباب ربما تكون نسبة الجريمة بينهم أكبر، ونسبة الجهل بينهم أعلى، ونسبة العطالة بينهم أكثر.

وظني انه لو حدث هذا في واحدة من الدول غير المسلمة لتداعى المسؤولون يبحثون عن الأسباب التي تجعل مثل هذا السلوك يوشك أن يتحول إلى ظاهرة. صحيح أن الدول المتقدمة نفسها بها حالات تسول، ولكنها لم تصل الى هذه الـأعداد. بل إن المسؤولين هناك يبذلون من المجهود المنظور ما يكفي لإنهاء الظاهرة وتقليلها، إذا لم يحلها حلا جذرياً. ولكن في دولتنا هذه التي تحكمها مجموعة تزعم أنها جاءت لربط الأرض بقيم السماء، نجد إنسانية الناس تُراق في الطرقات من أجل الحصول على مبلغ زهيد، ومن أـجل الحصول على لقمة تقي الجوع، دون أن تحرك الجهات المسؤولة أي شئ، ودون أن تنشط لتقليل الظاهرة إن لم يكن حلها نهائياً.

المؤسف في القصة كلها أن الحكومة تصر إصراراً عجيباً على انتهاج سياسة رفع الدعم بحجة أنها تنتوي تخصيصه إلى مستحقيه بعد أن كان يذهب إلى بعض الأغنياء دون وجه حق. ولكن المحصلة النهائية هي أن الدعم يحرم منه الأغنياء، ولا يذهب الى المعدمين، وهنا يكفي أن نشير إلى ما جرى على لسان عضو البرلمان عائشة الغبشاوي قبل أيام، حول أن الدعم الاجتماعي خديعة كبرى تهدف إلى تجميل وجه الحكومة، وتقود إلى إهانة الفقراء من خلال الإجراءات التعسفية، ليس أكثر.

الصيحة

تعليق واحد

  1. لهم الله.
    وهؤلاء امتحان لنا جميعاً حكومةً وشعباً
    حكومة إعتادت الهوان والضيم لأهلها وشعب إعتاد علي الرضوخ والخنوع والضعف والرضا بما آل عليه البلد من فساد وقذارة وتشتت وحروب وانفلات في كل مناحي الحياة الدينية والسياسية والإقتصادية والتعليمية وبالدرجة الأولي الصحية والأمنية وأختلط الحابل بالنابل والقادم أسوأ

  2. لهم الله.
    وهؤلاء امتحان لنا جميعاً حكومةً وشعباً
    حكومة إعتادت الهوان والضيم لأهلها وشعب إعتاد علي الرضوخ والخنوع والضعف والرضا بما آل عليه البلد من فساد وقذارة وتشتت وحروب وانفلات في كل مناحي الحياة الدينية والسياسية والإقتصادية والتعليمية وبالدرجة الأولي الصحية والأمنية وأختلط الحابل بالنابل والقادم أسوأ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..