«الجت» «لاق» سبب لعقلي الفواق «1»

جئت لا أعلم من أين/ ولا كيف/ ولكني أتيت/ ولقد أبصرت قدامي مطارا فمشيت/ كيف عدت؟ كيف أبصرت مطاري لست أدري ولماذا لست أدرى لست أدري
هذا هو حالي الآن منذ أن عدت من كندا وليتقلّب إيليا أبو ماضي في قبره من الغيظ، لعبثي بقصيدته المشهورة «الطلاسم»، فقد غادرت العاصمة الكندية أوتاوا ذات يوم «أي يوم؟ لست أدري»، وطارت بنا سيارة الى مطار مونتريال لأكثر من ساعتين ثم «اتلطعنا » في المطار لأكثر من ساعتين، ثم طارت بنا الطائرة صوب الدوحة وسائقها يقول الكلام البايخ عن كيفية المخارجة في حالة سقوط الطائرة في الماء، وسبق ذلك دعاء السفر: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وبعد «مقرنين»، ثم ارتعد قبل سماع البقية «وانا الى ربنا لمنقلبون» لسبب بدهي وهو أنني «مفتري»، بحكم أنني ابن آدم، ولا أحب سيرة الموت، فرغم أنني أعرف أن الموت سيدركني أينما كنت، إلا أنني لا أتمنى الموت في حادث طائرة، ولا أحب سيرته وأنا في جوف طائرة، والغريب في الأمر أنني أقرأ قوله تعالى «سبحان الذي سخر لنا??. إلى نهاية الآية «وإنا الى ربنا لمنقلبون» كلما ركبت الاسانسير، دون أن تقلب بطني ، والآية في هذا الموضع/ الموقف نوع من الشكر والحمد لله «إذ لم يأتني أجلي» حتى استخدمت الاسانسير، واستخدمته للحاق بالعصر، رغم أن الأسانسير كاد أن يوديني في داهية ذات مرة في مبنى جريدة الخليج في الشارقة عندما انفتح بابه أمامي وخطوت لأدخله فسحبني الى الخلف شخص كان يقف بالقرب مني بعد ان لاحظ ان الاسانسير جاء فاضي «يعني انفتح الباب على هاوية»
والشاهد أنني وبعد رحلة جوية استغرقت 14 ساعة متصلة، وقبلها كذا ساعة بالسيارة الى ومن مطاري المغادرة والوصول، عابرا خط الزمن «التايم لاين الذي حدثونا عنه في دروس الجغرافيا عندما درسونا خطوط الطول ليفهمونا ان الدنيا كروية وكأننا كروديات نصدق مثل هذه الخزعبلات»، ففارق التوقيت بين وسط كندا ودولة قطر 8 ساعات وبين غرب كندا وقطر 10 ساعات، وفي رمضان الذي قضيته في كندا كان موعد الإفطار هو موعد الإمساك في اليوم التالي في قطر والسودان
وفي سفرة كهذه تعبر فيها خط الزمن تصاب بما يسمى الجت لاق، والجت jet هي الطائرة النفاثة، ولاقlag تعني في ما تعني «فجوة»، وما يتعرض للاق والفجوة هو الدماغ، فبعد الرحلات الجوية الطويلة يتعرض دماغك للبرجلة «لماذا جعلنا هذه الكلمة تعني الاضطراب واللخبطة، رغم أنها مشتقة من البرجل وهو أداة دقيقة لرسم الدوائر، وغيرنا يسميها الفرجار؟»، فمثلا، تصل الى وجهتك النهائية بعد رحلة جوية طويلة ـ من سان فرانسيسكو مثلا ـ في منتصف الليل، ولكن مخك يقول لك: حيلك، الدنيا يا دوب نص النهار، ولأن ساعة جسمك البيولوجية ضعيفة الشخصية وتصدق خزعبلات الجغرافيا والعلوم الطبيعية، فإنك لا تستطيع النوم حتى طلوع الفجر، ثم ينتصف النهار، ولكن دماغك الناشف يظل متمسكا بتوقيت سان فرانسيسكو ويأمرك بالنوم الطويل، ويا ويلك إذا طاوعته، لأن ذلك يجعل ساعات منامك وصحوك مضطربة لعدة أيام: يداهمك النعاس مع بدء ساعات العمل، وتصحو في أنصاص الليالي نشطا كذبابة
وأتوقف هنا لأنصف الذباب لأنه من أنشط الكائنات، ولا يستقر في موضع أكثر من ثلاث ثوان ثم يطير من هنا إلى هناك، ولمن يقولون إن السودانيين كسالى أقول: يا جماعة، الذباب في كل بلاد العالم يختفي مع الغروب أما عندنا فإنه مضطر للعمل ثلاث ورديات متتالية كي يجد كفايته من الطعام لأنه لم يعد في بيوتنا فائض طعام لنرميه في مقالب القمامة، فيظل الذباب يطير ويطير طوال 24 ساعة على أمل الحصول على «لحسة»، والبعوض أيضا من المفترض أن يعمل فقط ليلا، ولكنه أيضا اضطر للعمل نهارا، لأن الناس «ما عندها دم» ويلدغ ويطعن نحو مائة شخص في اليوم الواحد كي يشفط نانو- ميليغرام من الدم
* الفواق هو ما نسميه أبو الشهيق وبالمصري الزغطة
الصحافة
لقد أهنت العربية والانجليزية و ايليا و….. أستاذنا الفاضل. “الجت ” “لاق” تعني بها وعثاء السفر جوا و رهقه jet lag وأنت بليغ طلق اللسان بلغتنا الفصحى والنوبية ايضا ، فلماذ تلحق أداة التعريف العربية بلغة الفرنجة فتفرخ لنا وحشا نستهجنه نحن عشاق العربية و يفحم متحدثي الانجليزية ملكة لا صناعة ؟ أكتبوا لنا بالعربية و ان صعبت الترجمة فاجتهدوا وقاربوا المعاني… والا فدونكم الأسافير الانجليزية فهي بالتأكيد أكثر عددا و أوسع صدرا و أرحب ذوقا “للخرمجة” اللغوية من العربية ولا تفسدوا لغة الشباب من صحفيي هذا الزمن العقيم فهي تعاني ما تعاني من بركات ثورة التعليم والتأليم.
لقد أهنت العربية والانجليزية و ايليا و….. أستاذنا الفاضل. “الجت ” “لاق” تعني بها وعثاء السفر جوا و رهقه jet lag وأنت بليغ طلق اللسان بلغتنا الفصحى والنوبية ايضا ، فلماذ تلحق أداة التعريف العربية بلغة الفرنجة فتفرخ لنا وحشا نستهجنه نحن عشاق العربية و يفحم متحدثي الانجليزية ملكة لا صناعة ؟ أكتبوا لنا بالعربية و ان صعبت الترجمة فاجتهدوا وقاربوا المعاني… والا فدونكم الأسافير الانجليزية فهي بالتأكيد أكثر عددا و أوسع صدرا و أرحب ذوقا “للخرمجة” اللغوية من العربية ولا تفسدوا لغة الشباب من صحفيي هذا الزمن العقيم فهي تعاني ما تعاني من بركات ثورة التعليم والتأليم.