الجت لاق سبب لعقلي الفواق «2»

الجت لاق هو حالة اضطراب الساعة البيولوجية، بعد السفر جوا لمسافات وساعات طويلة، من نطاق زمني إلى آخر، فتضطرب تبعا لذلك مواعيد النوم والصحو، وأصبت بالجت لاق بعد أن طارت بي الطائرة من كندا الى قطر بالزلط بدون توقف، وفرق التوقيت بين البلدين يتراوح ما بين 8 إلى عشر ساعات، وأذكر وأنا في العاصمة الكندية أوتاوا، أن اتصلت بصديق في الخرطوم، في آخر يوم في رمضان، لسؤاله عن أمر يخصني، فتكلم معي بمفردات غير مفهومة، فسألته ما إذا كان يعاني كالعادة من التهاب البروستات، فقال لي إنه يأكل كعكة من الصنف الذي يلتصق باللثة وسقف الحلق، فقلت له: عيب. دا آخر يوم. انستر، فصاح مستغربا: أكل كعك العيد ليلة العيد حرام وللا عيب؟ فصحت فيه: نقطة نظام.. تقصد ان رمضان خلص عندكم؟ فكان رده البايخ: والعيد عندكم في جولاي وللا أمشير؟ والشاهد هو أن سوء التفاهم وسوء ظني بصاحبي، نشأ عن أن اليوم الأخير في رمضان كان في منتصفه في كندا حيث كنت وقتها، عندما كان صاحبي «الدني» يلتهم كعك العيد بعد انقضاء رمضان وقبيل يوم العيد بساعات قليلة
وكنت في كندا حيث نلت أهم ترقية في مسيرة حياتي، حيث فزت بلقب جد/ جدو، عن جدارة، بعد أن كانت تلك الكلمة تضايقني عندما تصدر عن عيال إخوتي، لأنني لا أحب السلبطة بالطريقة السودانية «فلان عمي. جده وحبوبتي أولاد خالات بالرضاع»
المهم أنني قضيت في العاصمة الكندية أوتاوا ثلاثة أسابيع، و»وحياتكم» رجعت منها وأنا شاهد ما شاهدش حاجة، أعني أنني لم أر شيئا في أي بقعة في كندا غير الطريق من الفندق الى بيت أهل زوجة ابني الذي رزقه الله وقرينته بولد، وأتذكر في هذا المقام عبارة للمثل الكوميدي الراحل عبد السلام النابلسي عندما سأله صديق في ذات فيلم عن رأيه في راقصة أعجب بها الصديق، فقال له النابلسي:« دي ست دوغري. من البيت للكباريه ومن الكباريه للبيت»، وكنت أنا في كندا جدو دوغري: من الفندق الى حيث حفيدي، ومن حيث حفيدي الى الفندق، ثم في نهاية الأمر من الفندق الى المطار
المهم أن زيارة كندا شبه الافتراضية هذه ستضاف إلى ال «سي. في.» الخاص بي، وقد انحرفت عن الطريق المعتاد على مدى تلك الأسابيع مرة واحدة لدقائق معدودة، عندما توجهت الى مبنى البرلمان الكندي الذي كان يبعد عن الفندق نحو مائتي «200» متر فقط لا غير، ورغم أنه من المسموح عادة للزوار دخول المبنى، إلا أن الحظ كان حليفي ومنعوني بكل أدب من الدخول، لأن الساحة المحيطة بالفندق كانت ورشة عمل استعدادا للاحتفال بالذكرى ال150 لاستقلال كندا
وبرلمان كندا عمره 150 سنة، لأنه تأسس بموجب قانون دستوري صدر عام 1867، وعدد أعضائه 338، جميعهم «منتخبون»، يمثلون أكثر من 37 مليون نسمة، وبالمقابل فإن برلماننا الحالي يتألف من نحو 400 عضو «بعد إضافة نواب دوائر قاعة الصداقة»، يمثلون ـ نظريا ـ نحو 30 مليون نسمة، ومساحة كندا عشرة أضعاف مساحة السودان حتى قبل «الشرتمة»، ودخلت موقع المجلس الوطني السوداني على النت، ووجدت في صفحته الأولى عبارة «وصل شكوتك»، والشكوة غير الشكوى، والأدهى من ذلك أنه ـ وعلى ذمة موقع المجلس على النت ـ هناك حزب اسمه «الأمة القماعية» ـ كذا والله العظيم ـ لديه نواب في المجلس، ولا أعرف هل هذا الحزب مصري أم أنه فعلا قمعي، وفي القائمة 8 نواب يمثلون «بالحرف» الحركة الشعبية لتحرير السودان «ياتو حركة شعبية؟ افصحوا لأن الجهات المطّلعة بتحرير السودان كثيرة؟»
أما الإبداع الديمقراطي فيتجلى في ان قائمة النواب تضم ثمانية تحت مسمى دوائر شاغرة.. يا مثبت العقول يا الله: كيف تكون شاغرة وهناك 8 نواب يمثلونها؟ علما بأن آخر تحديث لصفحة المجلس كان قبل اقل من أسبوع وتحديدا في 26 يونيو المنصرم.
الصحافة
يا ابن عباس:
(قدم شكوتك) ثم(الحس دكوتك) وادخل (خلوتك) و نام (على فروتك).
يا ابن عباس:
(قدم شكوتك) ثم(الحس دكوتك) وادخل (خلوتك) و نام (على فروتك).