هلموا إلى المدارس والله كريم عليكم

قالت وزارة الصحة، لوزارة التربية إنه لا خطر على الطلاب من فتح المدارس في موعدها في مطلع يوليو الجاري، لأن وزارة الصحة ـ اسم الله عليها ـ قامت بتطويق ما تسميه بالإسهال المائي، ولا أدري لِمَ وكيف فعلت ذلك ؟، وقد سبق لها أن قالت ان تلك الاسهالات «مش شغلها»، والأهم من كل ذلك أنه ليس في علم الطب شيء اسمه الاسهال الوبائي، والمرض الذي قتل العشرات في الشرق والغرب والوسط ليس «مائي» بل «وبائي»، فلو كان شخص ما يسهل في بيت ما على مدى عشرين يوما، فإن الاسهال لا ينتقل الى بقية أفراد البيت، وتصاب بالإسهال مجموعات كبيرة، عادة في حالات التسمم عندما يأكل عدد كبير من الناس طعاما معينا ملوثا في مناسبة عامة أو خاصة، أما الاسهال الذي ينتقل من شخص إلى آخر، ثم يضرب منطقة بأكملها، فإنه في رأي الطب مرض خطير وشديد العدوى وله اسم طبي معين يجعل المصاب يقرر أن يرجى الله في الكريبة «اسال عن هذه المقولة التاريخية»
وبينما أمة محمد السودانية تُسْهل بالجملة، ثم يسهِّل عليها ربنا فتفارق الدنيا، وفي عز فصل الخريف، وكل شارع في مدننا وقرانا كنيف، يقولون لعيالنا لا خوف عليكم من الكوليرا أو أي نوع من الاسهال في مدارسكم، وعلى كل واحد منكم ان يحترم نفسه ويتوقف عن الأكل والشرب، حتى لا يكون بحاجة الى الذهاب الى دورات المياه، لأنها أصلا غير موجودة في الآلاف من مدارسنا، وما هو موجود منها تدخله على مسؤوليتك: يا «اندفنت» فيه، أو طلعت منه وريحتك طير طير.
يا جماعة الشرب من مياه النيل الأبيض عمدا، صار تعبيرا عن أن الشارب «قنعان من الدنيا»، وعليه ينبغي اعتقال كل من يتم ضبطه وهو يشرب من هذا النهر الراكد، وتقديمه للمحاكمة بتهمة الشروع في الانتحار، وطالما أن النيل الأبيض يلتحم بالأزرق، ليشكلا نهر النيل، فإن شرب الماء في أي جزء من السودان النيلي استهتار بالصحة، خاصة وان جماعة التعدين يلوثون البر والنهر بالسيانايد والزئبق، والمصيبة أن التيمم لا يوفر للجسم حاجته من السوائل.
المهم يا عيالنا اذهبوا الى المدارس وأنتم تقولون إنه لن يصيبكم إلا ما كتب الله لكم، بس إياكم والأكل والشرب، ومن كان منكم فوق الثانية عشر، فمن الخير له أن ينوي صوم التطوع طوال أيام الدراسة، ويأكل ال «فيه النصيب» يومي الجمعة والسبت، وبهذا ينالون رضا الخالق ورضا الوالدين، لأن عدم مطالبة العيال بالوجبات، يقوم دليلا على أنهم راغبون في ترشيد الانفاق العائلي
ورحبت زارة التربية والتعليم بتوصية وزارة الصحة بفتح المدارس فورا، لأن ذلك يبرئ ذمتها في حال عانت مصارين التلاميذ من التسيب المؤدي الى دورة المياه ثم حفرة النوم الأبدي، الذي لا صحو منه إلا بعد أن ينفخ اسرافيل في الصور، وفي سياق إعلانها عن بدء العام الدراسي الجديد لم تنس وزارة التربية ممارسة البوبار الركيك، بالقول بأنها دربت ستة آلاف معلم على المناهج المدرسية، وعدد المعلمين في السودان بالميت ربع مليون، فهل سينتقل ميكروب التدريب بالعدوى على المائتي ألف و»زقة» من المعلمين الذين لم ينالوا حظا من التدريب؟
والرأي عندي هو ان الاستخفاف بالتعليم هو الذي قاد الى تدهور صحة البيئة والخدمات الصحية عموما، وفرملة عجلة التنمية، فلا نهضة لأمة في أي مجال بدون تعليم عليه القيمة، وفتح المدارس في الخريف والبطون تعاني من النزيف وشح الرغيف يمثل قمة الاستهتار بالإنسان وليس التعليم وحسب.
وحسبنا الله ونعم الوكيل

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..