أخبار السودان

الانقلابات لا فرصة لها،،الفرصة مواتية فقط لانتفاضة شاملة في الجيش ،، نحن الآن اقرب من أي وقت مضى” للفوضى” الخلاقة.

خالد بابكر ابوعاقلة

خبرة الجيش السوداني الطويلة في الحروب التي خاضها منذ الحرب العالمية الثانية مرورا بحرب الجنوب التي أخذت من عمره واهتمامه خمسين عاما إضافة لحروب الجنوب ( الجديد ) التي أفرزتها اتفاقية ناقصة وكثيرة الألغام ستؤهل الجيش وستدفعه دفعا طبيعيا للتغيير وللمشاركة في احتواء الانهيار المتسارع للأوضاع في السودان . فهو جيش صاحب عقيدة قتالية متفردة وخبرات متنوعة (حتى ولو حاول البعض إضعافه بإسناده بالمليشيات والتشكيك في معنوياته بأن ( المجاهد) أقوى وأفضل من ( الوطني ) وذلك أنه قد ظل في أوضاع قتالية مستمرة حيث حارب مرة في المكسيك ومرة الإيطاليين في كسلا والآن تقتحم عليه ( إسرائيل ) الخرطوم .. فلا بد والحالة هذه أن ( يتصرف ) حتى ولو كان جيشا عقائديا منصاعا لفكرة معينة خاصة إذا كانت الحكومة وأعمدتها السياسية مكونة من بذور انقلابية وتدور من حولها ومن بين يديها شائعات الاغتيالات والتخلص من العسكريين ذوي الكفاءة والوطنية وخلع جلدها بين وقت وآخر بانقلابات صغيرة بين النافذين تطيل من عمرها وتجعلها تتخلى وتتنكر عمن ناصرها وقاتل في صفوفها كما حدث في حالة ( قوش ) وكما حدث لجماعات مجاهدي الدفاع الشعبي بعد ( المفاصلة ) وبعد توقيع اتفاقية ( نيفاشا ) .

الجيش في السودان الذي قاد أكثر من عشر محاولات انقلابية بعضها ناجح وبعضها فاشل وبعضها علني وبعضها سري ليس جيشا مهنيا محترفا يرضى بالخنادق في الحدود التي لم يغادرها إطلاقا منذ أول انقلاب في 18 نوفمبر 1958 .. وإنما تتنازعه العسكرية من جهة والنزوع إلى السياسة من جهة أخرى .. وبينما يتدرب على حمل البندقية نهارا يتدرب وعيناه على ( القصر الجمهوري ) على إطلاق التصريحات السياسية ليلا ونهارا .. وأمامه قصص طويلة عريضة عن عسكريين مغمورين يقاتلون في أنحاء السودان العريض أمثال جعفر النميري وهاشم العطا وحسن حسين ومحمد نور سعد أصبحوا بفضل الانقلابات في اوقات الذروة والأزمات والنداء الوطني ملء السمع والبصر والخيال .. هذه الأوقات ماثلة الآن أمامنا .. والخيالات مازالت متفتحة لقصص أخرى .. وكل الظروف التاريخية التي شجعت الانقلابيين على التغيير وخاصة من داخل العصبة الحاكمة كانقلابات ( تصحيحية ) أو ( إصلاحية ) مازالت في أحوالها الخام كما كانت وأكثر بعد أن جرد الجيش أخيرا من معنوياته تماما وسحقت كبرياؤه بصفعة ( اليرموك ) التي لا يستبعد الكثيرون تدخل أياد كبيرة ومتنفذة من الذي يحاولون البقاء في ( السلطة ) بأي ثمن و لأجل غير مسمى في تفاصيلها وحيثياتها ودخائلها.. إذ الصراع الآن لمن تكون الغلبة ولمن تتبع المليشيات ؟ وبإضعاف الجيش وقطع الرؤوس التي أينعت ستتعرض البلاد كلها شيئا فشيئا للغزو الداخلي ولقضم الحدود وللتفكك .. فنحن الآن اقرب من أي وقت مضى ومن أي مكان آخر في الجوار الإقليمي ( للفوضى ) الخلاقة التي تسبقها فوضى الوعي و ( الضباب ) المعنوي والانكسارات من القمة إلى القاعدة .

تاريخ الجيش السوداني هو تاريخ الانقلابات كما انه أيضا تاريخ الحروب ( الداخلية ) حيث لم يقاتل هذه الجيش حربا خارجية واحدة إلا في أزمان ( الزاكي طمل ) قبل أن يموت في سجن السائر بامدرمان بعد معاركه المشهورة في قلندر والقلابات ضد الحبشة ثم انكفأ هذه الجيش يقاتل داخليا في الجنوب إلى اليوم حتى أصبحت تلك الحرب جزءا من المخيال الشعبي والذاكرة الجماعية للسودانيين ورغم محاولات الإنقاذ الحثيثة في جعله جيشا ( جهاديا) متواطئا مع طموحات الاسلامويين وخائنا للأمانة الوطنية وذراعا عسكريا بتقطيعه إلى جماعات تحت قيادات عقائدية إلا أنه أثبت بتحرك يوم الخميس الفائت أنه مازال الجيش الإنقلابي القديم الذي يتحرك في أوقات الذروة والأخطار الوطنية ويضطلع بالمهمات الصعبة حين تعجز المعارضة المشتتة والحكومة المعاندة وتعجز الانتفاضة الشعبية المعصوبة ب ( التمكين ) عن تقويم المسار حتى ولو كان جيشا عقائديا وصاحب اتجاه واحد وتربية موجهة ذات مهمات وصلاحيات محددة .

من أسباب الانقلابات والتي ستتحول في ظروف محددة إلى انتفاضات مسلحة أن الانفصال الذي قسم السودان التاريخي إلى قسمين ضعيفين في أوضاع اقتصادية وحياتية مزرية لم يأت بالسلام والتكامل .. فالانفصال كان انجازا أو استقلالا أحرزه الجنوب وهلل له كاملا غير منقوص باعتراف كل المشاركين فيه .. أما السلام والازدهار الاقتصادي الذي سيتبعه فكانا انجازين مغصوبين من غفلات التاريخ فلذلك أصبحا عصيين على التحقيق وبعيدين عن المنال ودخل شعار ( الجمهورية الثانية ) في زمرة شعارات الاسلامويين العصية على التنفيذ التي استنفذت زمنها بسرعة لتحل محلها حقائق وطبائع الدولة العرقية العروبية خالصة النقاء والسريرة والدين .. وتولدت عن السلام حروب جديدة وأزمات اقتصادية عصفت بالسلام الاجتماعي وكان من نتائجه الباهرة بعد ذهاب ايرادات النفط أن توقف عبور 350 ألف برميل نفط يوميا كأول علاقة تجارية بين الشطرين كان يجب أن تؤسس لعلاقة جادة لحل مشاكل الترسيم والمشاكل العالقة الأخرى وحلت محل السلام والحرب القديمة حروب ب ( الوكالة ) وهي حروب سرية في جوهرها تجنح دائما للاغتيالات والأعمال القذرة والانقلابات كبديل للحروب العلنية التي يتحرج منها الشمال والجنوب لا سيما وأن كلتا الحكومتين تصرحان دائما بأن الحكومة الاخرى إنما تسعى بتعليق المشاكل و ( توتير ) العلاقات للإطاحة بها واستبدالها بمن يكون جديرا بالتعاون معه ودعم اقتصاده في سودان وطني مدني ديمقراطي يسع الجميع ولا يختلف في دستور أو قانون أو توجه ولما كانت الحروب تلد دائما الانقلابات فإن الإنقاذ التي تخصصت في التعيينات الاحادية و( الترفيعات ) الخاصة لمنسوبيها الملتحين في المليشيات المسماة بالأجهزة الأمنية حاولت أن تتجنب تلك النتيجة بقدر الإمكان وتحويلها إلى فائدة تطيل بها عمرها وتتخذها مقدمة لفرض الأجندة وإزاحة المعارضين في الجبهات دون أن ترعي لتبدل الأحوال في السنوات الأخيرة وضيق الخناق حولها مع النكسات العسكرية إلى أن استيقظت لإنقلاب يشارك فيها منسوبوها وكبار قوادها الذين شاركوا قبل وقت قليل في ( هجليج ) .

التغيير والإصلاح وجهان لعملة واحدة ولذلك ترفضهما معا قيادات الإنقاذ بعد أن أصبحا معا من المواضيع اليومية في ذهن المعارضين بل في ذهن قطاع كبير من المنتمين اسميا للحزب الحاكم وخاصة من يتحدثون ويسعون للإصلاح الذي أصبح مقولة ( انقلابية) وليست ( فكرية ) و لا يجدون له أذنا صاغية مما يفسر تجاهل المؤتمر الثامن الاسلاموي لها ولأصحابها .. وأصبح ( التغيير ) ورفيقه ( الإصلاح ) وهما من واجهات المنتفضين من أكثر الأصوات دويا ومن أكثر الشعارات جاذبية بعد انفصال الجنوب والخوف من انفصال أجزاء أخرى لا يعصمها من التشظي عاصم أو ( جيش ) مع ظهور العجز الحكومي الخارجي وارتماء الدولة المذعورة في سياسات ( المحاور) و( النفير ) الإسلاموي الخارجي دون أن يتجرأ حلفاؤها على إرسال ( قبة حديدية ) أو صواريخ ( باتريوت ) لها .

وثيقة البديل الديمقراطي .. وتجهيز الساحة داخليا وخارجيا .. وتماسك المعارضة بشقيها المسلح والمدني رغم ضعفها المرحلي عن إحداث التغيير سيدفع قوة جديدة لانقاذ السودان وسيشجع على قيام انقلابات داخلية وإنتفاضات لا عهد للسودان بها .. وحينما قال السيد الصادق المهدي ” إن أي مسعى لإسقاط النظام بالقوة والصراعات المسلحة سيؤدي الى مزيد من التمزيق والتدويل لقضايا السودان . ” فإنه لم يعن المعارضة المسلحة وحدها وإنما أيضا ( الجيش ) لأنه يعلم أن الانقلابات لا فرصة لها في نظام متشابه وأن الفرصة مواتية فقط لانتفاضة شاملة في القوات المسلحة تجد السند والدعم الجماهيري الفوري والاقليمي والدولي وتجد السند الكامل من دولة الجنوب التي أرهقها الانفصال الإسلاموي وتصبو الى بديل كونفدرالي أو انفصال تكاملي .. كما لاحظ السيد الصادق المهدي أن التمكين والسيطرة المالية هي من أهم معوقات التحول الديمقراطي أو الإصلاح أو حتى التحول الإسلامي الصحيح وذلك حينما دعا الغرب إلى مواصلة منع القروض عن هذا النظام وعدم التدخل لإلغاء ديونه الهائلة وأن نظام الإنقاذ لن يصمد أمام اختبار سودان صاعد لجميع السودانيين ودستور مواطنة وقوانين تتفق مع المعايير الدولية .. فحال الإنقاذ هنا كحال الحركة اللينينية التي استولت على السلطة بالقوة ومارست فيما بعد الاستبداد والقتل وتجريم التفكير والحرية وعندما حاول النظام إصلاح نفسه بالبريستوريكا ( الإصلاح الاقتصادي ) الذي نحن في أمس الحاجة إليه والغلاسنوست ( الشفافية ) التي نفتقدها تماما انهار النظام كله وتحلل ورجع إلى مكوناته الأولى ولذلك ومن عبر التاريخ في أنظمة ( التمكين ) الشمولية فإصلاح النظام من الداخل ? الذي سعى له المهدي من قبل ثم تركه الآن حسب تصريحاته الأخيرة _ مستحيل بلا نتائج كارثية ولم تتبق إلا هبة الجيش الذي يستطيع التوافق مع المعارضة الشعبية والمسلحة من أجل إحداث تغيير شامل .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لم يتبقي رجال وسط الجيش السوداني بدليل هذه الصورة المرفقة مع الخبر التي تحكي حالهم . الدوام لله

  2. اعوذبالله من الشيطان الرجيم يا ناس الراكوب سناء العوض ولا سناء كلاش دة قائدالجيش الى اين??????????????????

  3. الجمعة برنامج عصيدة و ملوحة و قراصة و دامرقه و كسرة و ملاح و لطيم و زيارات و صلة أرحام و إحياء علاقات قديمة و تذكر أيتام وأهل و جيران و من نكدت عليهو بمكالمة و تفرست فيه أرجع أعتذر ليه و جدد علاقاتك الإجتماعية و نشط أفارك فالعقل يأكل و يشرب و يمرض و يموت شوف القراب منك وأسالهم عني و بسألهم عنك و دور عجلة حياتك بقلب كبير و عقل كبير يسع كل الناس. أبقي توب عريان و قدح ضيفان و أخو أخوان.والله معاك.للتواصل ‏[email protected]‏ أو 00249126267120

  4. هذا الموضوع يحتوى على كثير من المغالطات والمتناقضات وكثير من الاخطاء – مثلا اخر حرب خارج الحدود ليست هى حرب الزاكى طمل بل هى معارك الحرب العالمية الثانية في الكفرة وفى كرن . وحقيقة ان الجيش السودانى ليس جيشامهنيا بل ان خبراته منحصرة في حروب داخلية موجهة ضد ابناء الشعب السودانى سواء كان في الجنوب او الغرب او غيره وجميع الترقيات في الجيش ايتم منحها نتيجة لنجازات عسكرية في الميدان . أنا أرى ان الجيش السودانى هو اهم اسباب احباطات الوطن والسبب المباشر في فشل الدولة السودانية بسبب تدخل العسكريين في السياسة في الدبلوماسية – مثال ذلك تعيين عسكرى غبى كسفير في اهم دولتينهما مصر واثيوبيا بينما السودان يعج بالدبلوماسيين المؤهلين .

  5. الله يرحم الجيش السودانى؟!
    مجازا يطلق عليه مفردة
    جيش؟!
    الجيش إنتهى منذ24عاما
    إستباحوه الكيزان وتحول
    إلى مليشيات تتبع لعصابتهم .
    تحول إلى مطيه ودابه
    يركبها الكيزان لبس العمه وربى الدقن وشال السبحه فى يده ودخل سوق نخاستهم؟! خالص
    العزاء لشعبنا فى هذا الفقد الجلل.

  6. ظاهرة فى كل الكيزان ريحتهم النتنة من بعيد تشمها. بس ياناس الناس ماقالوا ناس شريعة وكده وغى الشرع ممنوع الأختلاط بالرجال وكيف الكوزة مخلوطة مع رجال ولا يمكن ده فقه السترة.

  7. أفترضنا حكومة أسلامية وتتحاكم بشرع الله بت رجال كدى تقعد وسط رجال مديهم ضهرها وتشقلب بالسلاح وسط الرجال فعلا زمن الانقاذ الرجال ماتو بقيى النسوان والاشباه يقودوننا النسوان عليكم يارجال الانقاذ بالطرح . وأنا شخصيا أى تغير يأتى من جنرالات الجيش أو الامن لا أوافق أبدا لأنهم كلهم خونة وعملاء لخدمة أنفسهم لاخدمة وطن لاشعب . كل تاريخ الجيش السودانى ملوث زى الزفت لم يتركو لنا حرية كى نعيش ونتقدم للأمام كباقى الامم . عبود نميرى سوار الزفت البشير ضيعو علينا الزمن وبلغنا من الاعمار عتيا تحت جزم العسكر . وجيش الانقاذ عملوها أسلامية وخربو كل البلد رحم الله الجندى المجهول ..

  8. العسكرية السودانية فاشلة فى الحكم وفى الحفاظ على ارضى وسيادة البلد!!!!
    لانها تركت واجبها الاساسى ودخلت فى منافسة المدنيين فى الحكم وبصندوق الذخيرة!!!

  9. الشعب المصري اشعل ثورتين في اقل من سنة وتحدى جلاديه ونازلهم في الشوارع وقدم الشهداء ارتالاً من اجل البلد ولم ينشد السلامة الشخصية او يساوره الخوف والجبن ويتراجع الى الوراء الى متى ونحن خانعون متوارون خلف الاسوار خوفا من الشرزمة التي اعتدت على وطننا بالتقسيم واعتدت علينا كشعب ونحن لم نحرك لا ساكنا…..

    المصريون اليوم يذكرون الشعوب المضطهدة مثلنا انه من الممكن تغيير الحال وايقاف الجلاد في حده بل طرده من القصر الجمهوري واضطراره للهرب بالباب الخلفي والشعب يهتف ضده في البوابة الرئيسية ويتحين الفرصة المناسبة للفتك به……

    الامل موجود والشعلة لا ذالت فيها شرارة قابلة للإشتعال وكل من ظلم لن يفلت من العقاب بل كل مشى مع الظالم فقد اجرم وحق عليه العقاب وانا مع الغد لموعودون……

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..