أغسلهما لمصلحتك ومصلحتي

الحكومة تقول إن الشعب مسؤول عن الانتشار الوبائي للنفايات، لأنه شعب غير حضاري، وخسارة فيه المشروع الحضاري، ولما الوباء انتشر، وشاع وعم القرى والحضر، تطوع بعض الأطباء ونصحونا بغلي الماء قبل شربه، «إذا لقينا الماء» وبالاهتمام بصحة الجسد من حيث النظافة «هايجين»، ولِنكون واقعيين، علينا أن ندرك أن كل واحد منا «شاة معلقة من عصبتها»، يعني كل واحد يدبِّر أموره ليس لتفادي الكوليرا ولكن لتفادي كوكتيل من الأمراض تتنقل بملامسة ومخالطة الناس.
واقترح تنظيم حملات وطنية للتوعية بضرورة غسل الأيدي بالماء والصابون على نحو منتظم، أخذا في الاعتبار اننا شعوب تستخدم الأيدي للأكل من نفس الصحن، ونحن نعاني من جهل مطبق بأبسط مقتضيات الصحة العامة ابتداء برمي النفايات عشوائيا، «ولا عتب علينا لأن مدننا بأكملها كوشة»، وليس انتهاء بحشر اصابعنا في فتحات انوفنا ل»تسليكها»، ومنا من يغسل يده بعد الاكل وليس قبله، أو يكتفي بمسح يده اليمنى باليسرى، «تيمم بعد الأكل» وهناك من يعقب ذلك بتمرير اليدين على الوجه، وبعدها مباشرة قد يقرر تبادل التحية معك بالأحضان فتحسب انك تحيي رأس خروف متبل ومُبهَّر.
لوحة مفاتيح الكمبيوتر «الكيبورد» بها من المايكروبات ما يفوق ما تجده على مقعد مرحاض، لسبب بديهي وهو ان مقعد المرحاض يخضع للتنظيف ولو مرة واحدة في اليوم، وأزرار التلفون- خصوصا الثابت- سيم سيم?. مستودع ضخم للمايكروبات. أما أقذر الأشياء في المحال العامة فهو السلم الكهربائي «اسكاليتر» فلو أسندت يدك على حافته كما يفعل معظم الناس، فلا تضع يدك في فمك او عينك إلا بعد غسلها جيدا بالصابون، بعد أن ثبت بفحص مئات السلالم الكهربائية أن جميعها ملطخة بفضلات بشرية.. والسر في ذلك ان نحو 40% من مستخدمي المراحيض حتى في بلد مثل بريطانيا لا يغسلون أيديهم وهم خارجون منها.
وفي أماكن العمل والفنادق وغيرها توجد عدة دورات مياه، يتم الوصول اليها من خلال باب مشترك، وقد يحرص كثيرون على غسل أيديهم فور الخروج من المراحيض، ولكنهم لا يدركون ان الباب المشترك الذي يوصل دورات المياه بالممرات لا يقل تلوثا عن باب المرحاض نفسه. سبحان الله فعندما كنا نستخدم صابون حبوبة فاطنة لغسل الملابس والاستحمام، كان ذلك يكفل لنا الحماية من الجراثيم «في قناة ديسكفري رأيت تجربة تثبت أنه عند سحب سلسلة السايفون تتطاير ذرات من المرحاض وتصل الى الحوض الذي فوقه فرشات الأسنان»، وأنت تغادر أي مستشفى،تفادى ملامسة فمك او انفك او عينيك بيديك إلى أن يتسنى لك غسلهما لأن بالمستشفيات أنواع خطرة من الجراثيم «ميرسا» ذات المناعة ضد المضادات الحيوية المعروفة.
وليس من العيب ان يعاف أعضاء الأسرة الواحدة فردا منهم لأنه لا يهتم بنظافة يده وبدنه،ولماذا أسمح حتى لولدي الصغير ان يشاركني صحن الطعام وأنا أعرف ان يده تبقى محشورة في منخاره ثلاث ساعات يوميا على أقل تقدير.. نحن نجامل كثيرا في أمور صحتنا وسلامتنا. مثلا يعتبر البعض أنه من «العيب» الانقطاع عن زيارة قريب ما لأن في بيته شخصا يعاني من مرض معدٍ .. تقول لزوجتك لا تأخذي العيال الى بيت أختك لأن بنتها مصابة بالحصبة او الجدري المائي او الإنفلونزا الفيروسية فتقول إن أختها ستغضب .. تقول لها: إذاً من الأسلم ان نمتنع نحن أيضا عن زيارتها لأننا قد ننقل العدوى الى عيالنا.. فيأخذ الحوار منحى آخر: أنت أصلا لا تحب أهلي.
والشاهد يا اعزائي هو أن غسل اليد بانتظام فيه احترام للذات واحترام للآخرين خاصة إذا كنت ممن يخرجون القدم من الحذاء لتدليكه بالأصابع أو تهرش فروة رأسك، لأن القشرة تسبب لك أكلانا مستمرا.. أما إذا كنت لا تقدر على غسل يديك بعد الأكل واستخدام الحمام فكن خواجة وتبادل التحية مع الناس بطريقة هاي وباي، من بعيد لبعيد
وتذكروا ان مصافحة الآخرين وبخاصة الغرباء قد تكون وخيمة العواقب، وفي الذاكرة أولئك الذين أتوا من غرب أفريقيا وكل من صافحهم فقد مقومات الرجولة، واستردها بعد دفع مبالغ طائلة، وفي الظروف الراهنة لا تصافح أو تلامس البشر ولا الخضروات ولا أي نوع من الطعام او الشراب خارج بيتك، و? للضمان لا تغادر بيتك.

الصحافة