خواطر حول مسائل «لقوية» «2»

تستهويني اللغة العامية السودانية كثيرا لأنها ? كغيرها من العاميات ? روح عامة الشعب، ومشحونة بخصوصياته وبها تجليات عبقرية تجدها في مفردات وعبارات تخصنا نحن دون سائر الشعوب الناطقة بالعربية، فكلمات مثل هجيج وكترابة وكتاحة وهبوب وهمبريب لا تحتاج الى شرح حتى وأنت تستخدمها في سياقها الصحيح في الوقت الصحيح.
وهناك عدة نظريات لنشوء اللغات ولا يوجد اجماع حول أيهما هي الأدق والأكثر صحة، ولكن من المؤكد أن الكثير من الكلمات نشأت وهي تحاكي «الأصوات» وتسمى هذه الكلمات بالإنجليزية onomatopoeic، وتجدها في العربية الفصحى في مفردات مثل قهقهة وزئير ودمدمة، وهدير ومواء «القط»، وتجدها في عاميتنا في: وقع أردلبوربّة «وتقال عن الطرب الذي يصاحبه رقص»/جقاجق «وهي أكلة من لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي إلا في ظروف اضطرارية تصنع من العناصر اللزجة صعبة المضغ التي تكون ملتصقة باللحوم» .
ورغم السنوات الطويلة التي قضيتها في الخليج إلا أن هناك مفردات وعبارات في العامية الخليجية ما تزال غريبة الوقع على أذني، وأجد بعضها طريفا، ومن أصعب المواقف التي قد يتعرض لها شخص يفد حديثا الى الخليج، أن يسأل تاجر كهربائيات «إذا عنده مكوة»، ويا ويلك إذا طلبت من الجيران مكوة، لأن الكلمة تعني عندهم «الأرداف»، وهم يسمون المكوة «أوتي» والجزمة «جوتي» وخذ عندك: الزهيوي الصرصار، والبلاليط الشعيرية، والسيد الصف/ الطابور، والهواش المشاجرة، والرجلة «بكسر الراء» البربير، والرز عيش، والتيس جدي،و»على الخشم» يعني طلباتك أوامر وعلى العين والرأس، والكشمة النظارة، والخاشوقة الملعقة، والشغاب «الحلق/ قرط الأذن».. ودياية دجاجة، ويعفر جعفر «قرأت في صحيفة الكترونية يمنية، ان شابة رفضت عريسا لأن اسمه جعفر، باعتبار انه اسم بلدي لا يحمله الا شخص ينتمي الى بيئة «متخلفة»».
وعندنا في العامية السودانية مفردات لا أعرف رأسها من قعرها مثل قنب = أجلس، مجهجه «أعاني من التشويش»، الدود= الأسد، أخضر= أسمر، أزرق= أسود «بالمناسبة وصف الإنسان الأسمر بالخضرة وشديد السواد بالزرقة فصيح وورد على ألسنة العرب الأقدمين»، بس لون زينب بمعنى «أخضر» إنجاز سوداني بحت، وفي الخليج تعلمنا ألا نقول لتونسي «يعطيك العافية» لأن العافية عندهم هي النار، ولا نقول للعراقي «أن شاء الله تصير مبسوط» لأن مبسوط عندهم تعني عكس معناها عندنا تماما، وتعني الحالة الشلش والزفت في زفت «عن عبثيات العامية السودانية أن «أبو الزفت» تقال إعرابا عن الإعجاب بأمر ما».
وقرأت في موقع البوابة دراسة حسنة السبك والحبك حول المشتركات بين العاميتين المصرية والسودانية «العامية الحجازية في تقديري هي الأقرب للعامية السودانية» تشير فيها د.هداية تاج الأصفياء إلى، بلاغيات في العامية السودانية، يتم توليدها من كلمة واحدة هي «يد»، فيقال في لغة الحياة اليومية «ايدو طويلة» والشخص الذي يوصف بهذا الوصف في العامية هو الحرامي، السارق، وعلى العكس من ذلك تجد شخصا ما «ايدو لاحقة» دلالة على النفوذ والسلطان، و»ايدو رخية» دلالة على الكرم، والعطاء الكثير، وأيضا «ايدو خضرة» بمعنى أن كل ما يقوم به يعود بنتائج طيبة، وعكسها «ايدو ناشفة» دلالة على وصف الشخص غير الكريم، أو الذي إذا ضرب أوجع
والكثير من مفردات عاميتنا ذات جذور فصيحة.
وللأستاذ عبد المنعم عجب الفيا دراسة تستحق الاطلاع نشرها في فبراير من عام 2006، ما زلت احتفظ بنسخة مطبوعة منها، يتناول فيها بعض أسماء الأعلام في السودان، غير المستخدمة في الدول الأخرى والتي لا نعرف لها معنى، وذلك في مقال بعنوان: « الدلالات الاجتماعية والثقافية لأسماء السودانيين»، جاء فيه أن التاي وهو اسم شائع في منطقة الجزيرة وغيرها معناه «العوض» ? من التعويض -وهناك حكمة أو مثل يقول: «مرضان الرزق بتّايا،ومرضان الفهم ما بتّايا» بمعنى أنّ خسارة المال والعروض المادية قد تعوّض ، ولكن خسارة العقل والفهم لا يمكن تعويضها، ومن ثم يستنتج الفيا أن « التاي « و « تاي الله « و « التاية « تعني على التوالي: « العوض « ، و « عوض الله « و « عوضية
«شقلبة القاف والغين كما في السودان شائعة في جنوب العراق والكويت».

الصحافة

تعليق واحد

  1. ان شابة رفضت عريسا لأن اسمه جعفر، باعتبار انه اسم بلدي لا يحمله الا شخص ينتمي الى بيئة «متخلفة»» ابو الجعافر انت بورت بؤرة السواد

  2. متعك الله بالصحة …. كلام جميل …. لكن المقالان الاخيران نهاياتهم سريعة ومفاجئة كأنو القلم قطع ولا قالوا ليك تعال الغداء….

  3. ان شابة رفضت عريسا لأن اسمه جعفر، باعتبار انه اسم بلدي لا يحمله الا شخص ينتمي الى بيئة «متخلفة»» ابو الجعافر انت بورت بؤرة السواد

  4. متعك الله بالصحة …. كلام جميل …. لكن المقالان الاخيران نهاياتهم سريعة ومفاجئة كأنو القلم قطع ولا قالوا ليك تعال الغداء….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..