السودان … الخيارات الاكثر تعقيداً في ظل ازمة الخليج وتمديد

السودان … الخيارات الاكثر تعقيداً في ظل ازمة الخليج وتمديد قرار رفع العقوبات الامريكية المفروضة عليه.
مصطفى كرار
تتضاءل الخيارات المتاحة امام الحكومة السودانية وتزداد صعوبة في ظل الازمة السياسية التي تعيشها منطقة الخليج وقرار تأجيل رفع العقوبات الامريكية المفروضة على البلاد والسارية منذ حوالي عشرين عاماً. عوامل سوف تلقي بظلالها الكثيفة على المشهد السياسي السوداني المتأزم اصلاً وتزيد في تعقيد فرضيات التعامل معه. حيث ما فتئت عملية تحسن العلاقات السودانية الخليجية التي ظل يشوبها الكثير من عدم الاستقرار لفترة من الزمن، الى ان ظهرت الازمة السعودية الايرانية الاخير والتي كانت بمثابة الفرصة الذهبية التي لم تتردد حينها الحكومة السودانية في اقتناصها من اجل فك عزلتها الخارجية التي ازدادت بعد ارتباطها بأيران والتي تعاني من العزلة اصلاً.
كانت الازمة السعودية الايرانية الاخيرة نقطة التحول الجوهري والاهم في مسار العلاقات السودانية مع دول الخليج بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة، حيث كانت الاجراءات التي اتخذتها الحكومة السودانية والتي تمثلت في اغلاق السفارة الايرانية والمراكز الثقافية التابعة لها كفيلة بتحسين مسار العلاقات بين الطرفين والتي تطورت بشكل كبير بعد انضمام السودان لعملية عاصفة الحزم في اليمن وارساله جنود من الجيش السوداني للقتال على الارض. تطورات راى فيها البعض ربط مباشر بعملية الرفع الجزئي للعقوبات الامريكية المفروضة على السودان بأعتبار الدور الكبير الذي يمكن ان تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الإطار، وقد كانت الحكومة السودانية تمني النفس بالرفع الكامل للعقوبات في الموعد المحدد لها وان تمضي قدماً في تطوير علاقتها بدول مجلس التعاون الخليجي والتي رأت فيها منفذاً لفك عزلتها الخارجية.
لقد جاءت الازمة الخليجية الاخير في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لتطورات الاحداث في السودان وموقفه من اطراف الازمة والتي تربطه بها مصالح تكاد تكون متساوية من حيث الاهمية الآنية والبعد الاستراتيجي الامر الذي قد يتطلب قدراً من الحياد في التعاطي مع الأطراف او لعب دور الوسيط والذي سعت الحكومة السودانية الى لعبه منذ بداية الازمة الا انه لم يجد القدر الكافي من التفاعل او حتى مجرد قبوله كدور قد يسمح للحكومة السودانية بكسب طرفي الازمة او عدم خسارتهما في نهاية المطاف.
ان مؤشرات الاحداث تشير الى ان الوقوف على بعد مسافة متساوية من أطراف الازمة امر يصعب تحقيقه في ظل عملية الاستقطاب وحشد التأييد الذي تقوم به دول الحصار نتيجة لما تملكه من قدرة على التاثيرعلى بعض الدول وهو ما لوحظ من خلال قيام بعض الدول التي لا تربطها كثير من المصالح مع دولة قطر بقطع علاقتها معها الامر الذي قد يطلب من الحكومة السودانية فعله وهو ما ذهب اليه السفير السعودي في الخرطوم فعلا حين دعا الحكومة السودانية الى اعلان موقف واضح حيال الازمة والذي عده البعض تدخل في شئون السودان الداخلية.
ان البقاء في المنظقة الرمادية قد لا يكون مرضياً لكلا الطرفين في الوقت الحالي كما ان مسافة العودة للحلف الايراني باتت بعيدة ومكلفة بعد ان احرقت الحكومة السودانية سفن العودة اليه الامر الذي يجعل من الخيارات المتاحة أكثر تعقيداً.

مصطفى كرار
[email][email protected][/email] كاتب سوداني مقيم بالنرويج

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..