قوش بين رشا عوض ونبيل أديب

خالد بابكر ابوعاقلة
كتبت الصحفية رشا عوض عن قوش وجعلته من زمرة الأعداء الذين تدافع عنهم مواثيق الأمم المتحدة وجعلته بذلك مستحقا لعدالة حقوق الإنسان ولمن يدافع عنه كالمحامي نبيل أديب جزاء منكوبي الحروب واللاجئين وهو بعيد جدا من أن يوضع في مصاف الأعداء وقامت من أجل ذلك بفصل ( الحق ) عن ( الجريمة ) لظنها أن الحق يلغي الجريمة و بهذا استطاعت تلميع ( قوش ) وإبرازه في أجمل الملابس التي يلبسها الأبرياء المستحقين لرحمة وعطف مبادئ حقوق الإنسان والعدالة البشرية بمثالية فاتت الحد المسموح به كتبت الأستاذة رشا عوض عن قيم الانسان الحديثة وذلك أن يدافع المحامي نبيل أديب المعروف بوطنيته ودعمه للديمقراطية عن مستورد النفط وباني بيوت الأشباح ( قوش ) ظنا منها أنه إنما يدافع في الحقيقة والجوهر عن حقوق الإنسان وقيم العدالة المطلقة التي تتجاوز المسكين ( قوش ) في الذات والموضوع كأنما ( قوش ) راهب زاهد يعيش في صومعة تحيط بها هالات من النور والملائكة وكأنما الرجل منبع للمثل والأخلاق الحميدة والضمير اليقظ وكأنهم بحثوا في الحراسات والزنازين فلم يجدوا من مجرمي السجون والقتلة والهاربين من العدالة غيره من تتوفر فيه هذه الصفات الإلهية وتلك المزايا العلوية ليكون الدفاع عنه مطابقا ومناسبا لتلك القيم الإنسانية السامية التي يحملها ويدافع عنها المحامي نبيل اديب ومن خلفه الصحفية رشا عوض . إن ( قوش ) بالفعل رجل ثري جدا ولكن تاريخه بالحق فقير لآخر مدي و لا يستحق أن يدافع عنه أي شخص حتى من مجرمي الإنقاذ أو لأي سبب حتى ولو كان لإبراز عدالة القيم ومثالية المبادئ وإطلاقها بحيث لا تميز بين مجرم حقيقي وآخر لم يقتل في حياته ذبابة أو صرصار .ألا يعتقد المحامي النابه نبيل أديب ان ( قوش ) بالفعل قد تآمر على الإنقلاب واغتيال زملائه من قتلة الإنقاذ ؟ هل هذا غريب أو مستبعد أو عجيب في ذهن الاستاذ ( نبيل أديب ) ؟وإن لم يفعل ( قوش ) ذلك وهو ( أمنجي ) معروف لا هم له ولا تفكير غير المؤامرات والاغتيالات والفتن والدسائس فمن يفعل ذلك غيره ؟ كنا نسمع دائما أن المحامي الشاطر الصادق الأمين لا يتولى قضية وهو يعتقد أنها فاشلة أو أن من يدافع عنه هو مجرم بالفعل لا يستحق سوى أن تنتدب له المحكمة أحد الأشخاص ليدافع عنه ويقف بجانبه تحقيقا للعدالة فهل انتدبت المحكمة المحامي نبيل أديب ليكمل نظام العدالة في المحاكم والقانون أم أنه تولى القضية بنفسه لشيء في نفس ( يعقوب ) أو لاعتقاده الجازم الحاسم بوصفه نصيرا لحقوق الانسان ببراءة عبد الله قوش الذي اعتقله سدنة الإنقاذ من بيته ظلما وعدوانا ؟ إن كان المحامي نبيل اديب يعتقد بمثالية تشبه مثالية الاستاذة رشا عوض أن قوش برئ ومظلوم فتلك مصيبة لأن ذلك إنما يعني أن كل المتنفذين في الإنقاذ ابرياء ومساكين مثله .
جرائم ( قوش ) ليست جرائم عادية وإنما جرائم دولة تمس المشاعر القومية والوطنية وتمس مصير الوطن بأجمعه ومصير المواطنين كلهم ولا تنحصر فقط في من قتلهم أو عذبهم كأفراد كانوا لا يدافعون عن حقوقهم الشخصية ومنازلهم وأولادهم وإنما يدفعون عن مثل أكبر من حياتهم وقيم تتجاوز نطاق حياتهم القصيرة الفانية ولذا فإن الدفاع عنه ( حتى ولو كان بريئا ? وهذا ما يستبعده الكثيرون- والدفاع عنه تجسيد لقيم الحق ) يمس أيضا وبضراوة شديدة هذا الإحساس الوطني المجروح وهذا الشعور القومي الذي داسته الأقدام وتشبه هذه القصة قصة ذلك المحامي الذي جئ به ليدافع عن مجرم قتل و اغتصب طفلته ? عيب عليك يا أستاذ نبيل ? لأن هذا الشعور القومي والوطني والذي يشكل هوية ( السوداني ) أكثر مسا بالروح العامة التي توحد الناس وتصنع الإحساس بالأمن بينهم وأكثر إرتباطا بدول ( العالم الثالث ) من منظومة ( حقوق الإنسان ) التي يعتسفها ويزيفها نبيل أديب ورشا عوض كي تكون أداة لتحويل الذئاب الى حملان والقتلة إلى أئمة هدىومنابع للمثل والقيم الإنسانية ولكنهما والحمد لله فشلا فشلا بينا رأيناه في ذلك الاستفتاء من القراء لأن أهل العالم الثالث ومنظريهم ك(رشا عوض) يحاولون في مثابرة أن يصعدوا لحقوق الإنسان ولكنهم دائما يفشلون في الوصول إليها وذلك لأن الوصول دائما مستحيل دون إحترام ومراعاة للمشاعر الوطنية والأحاسيس القومية التي تواضع عليها الناس إذ لا تنفصل حقوق الإنسان عن الإنسان نفسه ولا ينفصل الحق عن مقاصد ومفاهيم الجماعة وإذا حدث ذلك فإنها ( حقوق إنسان ) تكرس للدفاع عن مجرمي الدولة بينما لا تجد منها الجماعة إلا الفتات .
ما هو الأولى في حالة ( قوش ) المعقدة أن يدافع المحامي نبيل أديب عن (مجرم ) فلت من المحاكمة والعقاب من قبل أم أن يتهمه بجرائمه أولا قبل أن يسعى لتبرئته من جرائم جديدة ؟ مقصد القانون العام هو حماية الناس واستتباب الأمن لذلك يتهم ويعاقب المجرم في جريمته التي ارتكبها حتى ولو برئ في جرائم أخرى كما يحدث الآن لحسني مبارك وأزلامه في مصر فلماذا لا ينتهز المحامي نبيل أديب الفرصة حتى يكمل ما نقص من حقوق الإنسان وهالتها المثالية في ذهن الأستاذة رشا عوض ويدخل مظاليم ( قوش ) كما دعا كثير من القراء في القضية لا سيما وأن ( قوش ) الآن بلا سلطة ولا جبروت ولا بيوت أشباح .. مم يخاف الأستاذ نبيل ؟ ولماذا يتردد ؟ هل يخاف من يدافع عن حقوق الإنسان ؟ هل لأن الذين أزهقت ارواحهم في بيوت الأشباح فقراء ومعدمون وأن ( قوش) رجل ثري يملك ما لا يقل عن 50 مليون دولار وله سفن تجوب البحار وتجلب النفط بالمشاركة مع طفيليي الإنقاذ .. كان الأولى بالمحامي نبيل أديب الذي وجد صحفية تدافع عنه باسم ( المثل الفاضلة ) ومبادئ حقوق الإنسان المجسدة في الراهب (قوش) واتساقا مع الشعور الوطني الذي أهانه أن يتهمه بجرائمه التي لم ينسها الناس له بل منهم من كتب أنه يتحين الفرصة لمواجهته في يوم ما ولذلك اتجه القراء لاتهام المحامي نبيل أديب في إحساسه الوطني وفي حقيقة شعوره ودفاعه عن حقوق الإنسان لأنه يدافع عنها في مكان ويتجاهلها في مكان آخر ويتبناها في حالة قوش بينما يتملص منها في أحوال أخرى هي أقرب إلى الأحوال الإنسانية لأن من يحتاجون لتلك الحقوق المدعاة هم ضعاف بلا قوة ولا مال ولا ( سائحين ) ولا يحزنون وظلوا في بيوت الأشباح يركعون ويسجدون حتى خلصهم الموت منها .
عندما اتهمت مجموعة من ( المقالات ) المحامي نبيل أديب في إحساسه الوطني وفي حقيقة موقفه من الديمقراطية وحقوق الإنسان خرجت الصحفية رشا عوض تدافع عنه وهي في الحقيقة بوعي أم بغيره تدافع أيضا عن جرائم المأسور ( قوش ) وتحاول كما تفعل في كل مقالة تكتبها أن تضع عليها بعض المساحيق الأخلاقية التبريرية من قبيل ” إن المحك الحقيقي للالتزام بقيم العدالة هو كيفية التعامل مع ( الاعداء ) ” او ” إن اختبار الموقف الأخلاقي من حقوق الإنسان هو مدى الحساسية تجاه انتهاك حقوق ( الأعداء ) ” ومن يسمع هذا الكلام ولا يعرف صلاح قوش سيظن أن الرجل إنما سقط أسيرا في معركة من المعارك وأن من أسروه سينكلون به بعيدا عن مواثيق الأمم المتحدة وعن مواثيق جنيف ولكنه عندما يعرف أن ( قوش ) سجين في زنزانة وأنه أعتقل لجريمة جديدة تضاف إلى جرائمه السابقة وأن من يدافع عنه محامي بقامة نبيل أديب ومن خلفه صحفية كرشا عوض وأن مولانا القاضي ينتظره في قاعة المحكمة فسيعرف على الفور أن هذا ( القوش ) ليس ب( عدو ) يكرم ويحترم ككل عدو وإنما ( مجرم ) موضوع في زنزانة ومعه اخرون متهمون بنفس جريمته وأن القوانين المعمول بها وليس حقوق الإنسان هي ما يعتمد عليه ويستنزل في حالته وليس أي شئ اخر .
مع تحياتي للأستاذة رشا عوض والمحاحي نبيل أديب .