دعاية ضد الوطن..!

يتفق السودانيون في شئ، بمثل إجماعهم على أمنية راسخة برؤية السودان في مصاف الدول المتقدمة. ولا يجمعون على شئ سوى على أن بلدهم يملك من المقومات والموارد ما يجعله مؤهلاً تماماً للاصطفاف في طوابير البلدان المتطورة، ذات الاقتصاد الفاعل والمؤثر.

ولكن للأسف هذه الأماني تواجهها عراقيل ومطبات من صنع السودانيين أنفسهم، ذلك أن العقل الجمعي للشعب السوداني استكان لبعض الموروثات التي تثبط الهمم وتعوق التقدم، وخاصة بعدما أصبحت قاعدة يؤمن بها كثيرون. فمن ينظر إلى الأمثال التي يتداولها الناس كموروث شعبي، يجد فيها كثيرًا من العبارات الهادمة لأي همة وأي طموح، بل ربما يجد فيها ما يتعارض مع تعاليم الدين أحياناً.

وظني، أن خطورة تلك الموروثات الشعبية تكمن في أنها حقنت العقل الجمعي بأنزيمات لا تشجع على الإنتاج ولا تحفز على الأداء، وكثيراً ما كرّست لثقافة الكسل، أو الإنفاق دون تدبُّر، وهو ما كان له تأثير سلبي على عجلة الإنتاج وعلى الاقتصاد. ولذلك لا أرى أي مبرر للثورة على من يشير إلى أن مشكلة السودان تتمحور في أن الشعب لا يجيد ولا يعرف التوفير، لأن تلك مقولة صائبة بدرجة كبيرة. صحيح أن إطلاق الأحكام وتعميمها يقود إلى دمغ كثيرين بما ليس فيهم، ولكن هناك قطاعات واسعة من الشعب السوداني تنفق بصورة لا تخلو من تبذير.

والمحزن في هذه القصة، أن الحكومة نفسها تعد أكبر المبذِّرين في هذه البلاد المنكوبة والمنهوبة، فقد برهنت تقارير المراجع العام والتقارير الرسمية الأخرى، على أن هناك نافذين وجهات مؤثرة وسيادية تنفق المال العام بطريقة عبثية، لا تخلو من سفه، وربما هذا ما جعل القيادي السابق في حزب المؤتمر الشعبي أـحمد الطاهر حمدون ينادي ? في سالفات الأيام – بتنفيذ الحجر على الحكومة، بعدما قطع بأـنها أضحت سفيهة تنفق المال العام في غير أوجهه، وتصرفه في غير الضروريات وفي ما لا طائل أو فائدة منه. طبعاً هذا قبل أن يعود حمدون نفسه ويندغم في الحكومة التي وصفها بالسفه ذات يوم. و وددت لو لقيته لأسأله هل تركت الحكومة صرف المال بسفاهة وتبذير؟ أم أنه أضحى من مناصري السفه في التعامل مع المال العام. خاصة أن حمدون تحدث ? يومها ? بان الحجر هو واحدة من الطرق المشروعة للتعامل مع من ينفق المال كما يجب أو في غير أوجهه.

ومعلوم أن الحكومة درجت على الصرف البذخي في كثير من المؤتمرات والفعاليات التي تقيمها، لدرجة أن الناس أـصبحوا يسخرون ويتنّدرون من الفواتير الخرافية التي يتم تضمينها في التقارير الختامية. وكثيراً ما حدثنا عارفون بأن فاتورة الشطة في بعض المناسبات تأتي بالملايين، وهذا يعني أحد أـمرين إما أن الحكومة تصرف المال العام بسفه شديد، أو أن أكل المال العام ونهبه في هذا الزمن لم يعد أمراً غريبًا، بل مشاعاً طالماً أن الشطة والكاتشب يتم شراؤهم بالملايين لمناسبة قد تكون محدودة العدد.. اللهم لطفك.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..