تداعيات صراعات قيادات الحركة الشعبية

تداعــــــــــيات صراعات قيادات الحركـــة الشعبية
الي أين تنـــــــحدر الأوضاع ؟؟

*منذ التوقيع علي اتفاقية نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية في يناير 2005م , مرورا بالشراكة السلسلة في الفترة الانتقالية والتي تمت فيها تمرير كافة الأجندة والقرارات والقوانين المقيدة للحريات علي صيغة ( خد و هات) بين الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني الصديقين اللدودين تمهيدا لانفصال الجنوب في التاسع من يوليو2011م وفقا لرغبات القوي الامبريالية وخاصة الولايات الأمريكية , ولكن قبيل ذلك أفرزت انتخابات ابريل 2010م واقعا جديدا معقدا في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان , ادي في نهاية المطاف الي انفجار الأوضاع وتجدد الحرب الأهلية في 6/6/2011م في جنوب كردفان وتلحق بها النيل الأزرق بعد ثلاثة أشهر فقط 1/9/211م .
وبعد ذلك جاء القرار 2046 الصادر من مجلس الأمن، بعد إحتلال دولة جنوب السودان لمنطقة هجليج الحدودية الغنية بالنفط لوضع ملامح جديدة لمستقبل البلاد ومن بينها كان الاعتراف لأول مرة للحركة الشعبية / شمال بوضعية متميزة في خارطة الصراع السياسي و العسكري في السودان و فتح لها قناة مباشرة في التعامل مع الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة. كما طالب حكومة النظام الديكتاتوري بالانخراط في حوار مباشر مع الحركة الشعبية استناداً على الاتفاق الذي تم انجازه في وقت سابق ، في عام 2011، بين عقار و نافع والذي رفض من النظام آنذاك
لتبدأ مرحلة جديدة من المفاوضات الثنائية العقيمة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا برعاية أمبيكي ,ولمدة قاربت خمسة أعوام وصلت عدد جولاتها الي {15}خمسة عشر جولة دون الوصول الي نتائج ايجابية لوضع حد لحالة الاحتراب واستمرار معاناة اللاجئين والنازحين , ودون مراعاة الطرفين للأوضاع الإنسانية المـــــــأساوية التي تعيش تحت وطأتها مواطني المنطقتين , وفي ظل استمرارهما في تبادل الاتهامات ومحاولات كل طرف تحميل الأخر أسباب فشل وانهيار كل الجولات التفاوضية تعقدت الأوضاع أكثر علي كافة الجبهات , وكما ضاق مواطنو المنطقتين بالداخل ذرعا من وصاية المؤتمر الوطني ومصادرة حق أصحاب المصلحة في المشاركة الفعلية وليس الصورية , ضاقت ايضا قواعد الحركة الشعبية فيما يسمي بالمناطق المحررة وكذالك قوات الجيش الشعبي من استمرار هيمنة {عقار/عرمان}علي ملف المفاوضات واشتداد القبضة الحديدة لمالك واستبداده واحتكار السلطة والنفوذ لفئات واثنية محددة وتغيب و حرمان أهل الشأن من مجرد التنوير, الي ان بلغ السيل الذبي , وتقدم عبد العزيز الحلو باستقالته بعد فقدانه المصداقية في رفيقيه وفــشله في إعادتهما الي صوابهما ورشدهما ? وتتلاحق الاحداث وترفض مجلس التحرير بجبال النوبة استقالة الحلو? وعلي جبهة النيل الأزرق أخذت الأوضاع منحي دمويا و اشد خطورة حيث دارت معارك عدة داخل معسكرات اللاجئين بين مجموعات أثنية من الجيش الشعبي قبل وبعد التصفية الجسدية المأساوية {لعلي بندر السيسي }احد ابرز قيادات الحركة ونائب عقار والذي ينتمي الي قبيلة {البرون } وتطورت الأحداث بصورة دراماتيكية حيث لم يكن اكثر المتشائمين والمتطرفين يتوقع هذا الانهيار للأوضاع داخل أروقة الحركة الشعبية وتسارع الأحداث المأساوية بهذه الوتيرة التراجيدية بحيث تصل الأمور الي حد التصفيات الجسدية للمناضلين والرفاق و القيادات وإراقة دماء المدنين داخل المعسكرات بصورة اثنية وارتكاب فظائع حسب المعلومات الواردة من داخل المناطق المحررة تندي لها جبين الإنسانية ……
رأفة بالمدنين الأبرياء العزل والأطفال والنساء من كل الأطراف يجب تدخل العقلاء لإيقاف هذه الملهاة والمأساة الإنسانية ? وبعيدا عن الظلال السياسية والأبعاد الأمنية وأسباب الخلافات بين الأطراف وكأولوية لابد من إبعاد المدنين من دائرة ومحيط الصراعات لحمايتهم من ردود الأفعال المتطرفة وعلي الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي التدخل , وداخليا لابد من آلية للتواصل بالتنسيق مع كافة الجهات لتأمين حماية المدنين من حالات الانفلات والانتقام هذا ما يجب تركيز الجهود عليه في هذه المرحلة , لابد من دور فاعل لأهل الشأن أصحاب المصلحة الحقيقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا تتجه الأوضاع تحو الهاوية وبالتالي فقدان السيطرة وعرض وفرض الشروط المذلة والمهينة وتذويب القضية … ومن نافلة القول التأكيد علي ان دكتاتورية القيادة وقيضتها الفولاذية ادت الي هذا الانفجار الداوي للأوضاع والذي مازال شظاياه متطايرا في الأجواء.
فظاعة وبشاعة اغتيال القائد {علي يندر السيسي} واخرين استنادا علي الهوية ومرارة فقدانهم يجب الا يدفع ثمنه الأبرياء العزل والعقوبة والمساءلة يجب ان تقع علي الجناة الحقيقيين .
وفي خضم تلاطم الأمواج و انحباس الأنفاس أعلنت مجموعة من الجيش الشعبي قطاع النيل الأزرق في خطوة جريئة عزل مالك عقار وياسر عرمان من منصبيهما و القبول {بالحلو} رئيسا مؤقتا للحركة الي حين قيام المؤتمر العام لانتخاب الرئيس الجديد , ومع أشداد الصراعات ومحاولات القائدين المعزولين الاستمساك والاستماتة للبقاء في دائرة الأضواء بالجولات المكوكية في عدة عواصم تارة وبالبيانات والتصريحات الإعلامية تارة أخري , وأحدثها ماجاء علي لسان الناطق الرسمي {أردول } في اطار نفيه لتكوين كيان سياسي وعسكري جــــــديد حيث قال {{ ونحن لا نتحدث مطلقا عن تكوين كيان جديد بقدر ما نتحدث عن تجديد الحركة الشعبية لتحرير السودان الشرعية والرسمية والحالية، ونقلها إلى مرحلة جديدة عبر مشاركة واسعة من عضويتها في رسم ملامح المرحلة الجديدة، بمعالجة كل المستجدات في مسيرتنا منذ إنفصال الجنوب الي المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية بالاستناد إلى رؤية السودان الجديد وتطويرها للاستجابة لكل المستجدات مع الاحتفاظ بجوهر الحركة كحركة تحرر وطني ديمقراطي في كامل السودان، منحازة للمهمشين والفقراء والنساء والشباب ولبناء دولة المواطنة العلمانية التي تفصل بين الدين والدولة كمشروع إستراتيجي للحركة الشعبية لتحرير السودان، ……… الخ }}
في ظل مل ذلك تأخذ الأوضاع علي ارض الواقع و ميدانيا علي ما يبدو أبعادا آخري حيث يجري التنسيق بين قطاعات المنطقتين السياسية والأمنية لترتيب الشئون الداخلية لقطع الطريق علي القوي الخارجية التي تحاول جاهـــدة الضغط لإعادة عقارب الساعة الي الوراء .و في هذا الإطار دعا الرئيس المؤقت الحلو 20/7/2017 م الي اجتماع في كاودا يتوقع ان يكون حاسما
*مما لا شك فيه ان انفجار الأوضاع داخل الحركة الشعبية وانفراط عقد المنظومة التنظيمية , احدث دويا هائلا مازال صداه يتردد حتي الآن وبالتأكيد لقد ادت تداعيات هذه الصراعات الي تأزيم الأوضاع أكثر مما كانت عليها , حيث أصيبت مجموعات كانت تعول علي ما يبد و علي الحركة بإحباط شديد وخيبة أمل و توهان , وتراكمت ظلال داكنة علي الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقتين حيث تعطلت عملية المفاوضات لاحلال السلام ,,,, و وبالرغم من اعلان المجموعة عن رغبتها في التصحيح الا ان الغموض مازال يكتنف الأوضاع ومازال مصير عدد كبير من القيادات مجهولا حتي الان , ويبدو هجرت بعضها الي أوربا وأمريكا , وهجران البعض الأخر للحركة واعتكافها, وباستثناء { الحلو / ومكوار } علي الأقل علي جبهة النيل الأزرق هناك غياب أة تغييب لقيادات سياسية ذات وزن وقيمة يمكن الرهان عليها في المرحلة الراهنة الأمر الذي زاد من تعقيدات الأوضاع .
* المطلوب البحث عن قيادات جديدة سياسية وعسكرية متوافق عليها لسد الفراغ وإعادة صياغة برنامج جديد يتوافق مع متطلبات المرحلة ويستند ويرتكز علي وحدة الوطن وقضايا المواطنين في السلام والامن والاستقرار والمساواة والعدالة والحياة الحرة الكريمـــــــة , وليس من المصلحة العامة هذه السيولة والترهل وربما فقدان السيطرة للمقاتلين بمرور الزمن وبالتالي الفوضى التي ستدخل المنطقة في نفق مظلم ودوامة الموت {سمبلة } ….
*وعلي القيادات الجديدة المنتظرة الابتعاد عن النزعات العنصرية وعن استبداد و{ ميكيافلية } عــــــــقار وغطرسة و{ نرجسية } عرمان و{غلو وتطرف} الحلو ووصايتهم المطلقة …يجب الاستفادة من تجارب الاحتراب قبل نيفاشا وبعدها. وجعل التصحيح والتغيير واقعا وليس شعارا …….

عبد الرحمن نور الدائم التوم
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..