رجال أعمال في طائرة البشير

حينما أطل ترامب من طائرته الرئاسية التي حطت في الرياض لم تكن بصحبته عائلته وبنته التي شغلت الإعلام فقط بل كان داخل الطائرة مستشارون كبار ورجال أعمال أمريكيون أيضاً لذلك عاد ترامب من الرياض محققاً لكل ما تريده الولايات المتحدة سياسياً واقتصادياً من تلك الزيارة وبامتياز.
والملك سلمان نفسه في زيارته إلى ماليزيا في مارس الماضي اصطحب عدداً كبيراً من رجال الأعمال السعوديين وكذا يفعل كل قادة الدول الطموحة التي لا تعاني من عقدة العلاقة بين السلطة وأهل المال والأعمال وبين القطاع العام والقطاع الخاص الوطني الذي صار ليس فقط قطاعاً مطلعاً على جميع أهداف وغايات سياسات وخطط بلاده الاقتصادية بل شريكاً حقيقياً حتى في صنع القرار الاقتصادي بشكل كامل .
لكن حكومتنا وبرغم شعارات الخصخصة التي تثقب بها آذاننا، لا تزال تمارس نوعاً من الوصاية الكبيرة على القطاع الخاص الوطني وتعزله تماماً عن مطابخ خططها الاقتصادية .
ولا تزال رحلات وجولات السيد رئيس الجمهورية تتشكل وفودها المصاحبة من وزراء وموظفين.
لا تزال علاقة الحكومة برجال الأعمال الذين يقودون القطاع الصناعي ويتوقون لإنعاش القطاع الزراعي من جديد هي علاقة على أفضل التوصيفات لها أنها علاقة غير صحية تماماً .
لا نزال نضيع فرصاً اقتصادية واستثمارية كبيرة في زيارات القيادة للدول الصديقة لذلك تجد أن معظم الاتفاقيات والمشروعات الاستثمارية التي تتم في تلك الزيارات عبارة عن وثائق تنازلات رسمية للمستثمرين العرب والأجانب كي تسمى بقواميس الإعلام فتوحات واختراقات استثمارية كبيرة، في حين أنه كان من الممكن أن تتم اتفاقيات حقيقية مفعلة من لحظتها الأولى بشراكة مع القطاع الوطني وندية وتبادل استثماري ينعش الاقتصاد السوداني بأقل فواتير التنازلات والامتيازات التي نمنحها للآخرين ونحرم منها أهل الوجعة من رجال الأعمال الوطنيين الذين يتم إهمالهم تماماً ويعانون بشكل مستمر من منهج (زامر الحي الذي لا يطرب) ..
وفوق كل هذا ترخي الدولة أذنها في الكثير من الأحيان للاستماع لأقلام نوع من الصحافة التي تمارس دور (ديك العدة)، فاقدة للوعي الاستراتيجي وتسيطر عليها شهوة الابتزاز والارتهان لأجندات الاقصاء وحرب السوق.
لماذا لا تنتبه الدولة لهذا القصور الكبير وتصحح الوضع بدءاً من زيارة السيد رئيس الجمهورية القادمة إلى روسيا ليكون هناك وفد من رجال الأعمال الوطنيين في المجالات المختلفة بصحبة الرئيس وفي المقاعد التي يشغلها من يريدون التقاط صور سيلفي مع جليد موسكو.
لن تتحقق أية نهضة اقتصادية في السودان ما لم يحدث تطوير وتصحيح في خطوط الإنتاج وقطاعه وتعد الثقة المحفزة للعمل وتتم شراكات ذكية بين قطاع الأعمال السوداني والمستثمرين الأجانب .
الدولة التي ترفع شعار الخصخصة يجب أن تعطي مجالاً أوسع للقطاع الخاص الوطني في جميع مراحل التخطيط الاقتصادي لتصنع شراكة تكامل بين الدولة ورؤوس الأموال الوطنية من جهة، وتتيح فرصاً أكبر لتنمية هذا القطاع عن طريق الشراكات الكاملة والانفتاح الخارجي الذي يساعد في تطوير ذهنية هؤلاء ويرفع من كفاءة الأداء وبالتالي من كفاءة الإنتاج .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالي