أساطير الآخرين

على مدى نحو قرن من الزمان كان رائجا في ديار النوبة في شمال السودان القصيّ، أن هناك مجموعة «دقر» وتنطق بالضمة الخفيفة في حرفيها الأولين dogor موطنهم جزيرة ناوا، وترجم الناطقون بالعربية الاسم الى سحار وجمعها سحاحير، عدوانيون يفتكون بالناس ويلحقون بهم أذى جسيما هذا إذا لم يقتلوهم، وبالتالي كنا نخاف الاقتراب من النيل ليلا، لأن سحاحير ناوا كانوا بالستيينballistic، عابرون للحدود بسرعات مذهلة، ولو تركوا حب الأذية واشتركوا في بطولات سباحة دولية، لصار السودان رقما ذا شنة ورنة في المنافسات الأولمبية، فحسب الأسطورة فقد كان السحاحير ينزلون النهر في ناوا ليلا ويقطع الواحد منهم مئات الكيلومترات سباحة حتى يصلوا الى أقاصي ديار الماسِكّي «التي يسميها غير أهلها بديار المحس».
وكانت هناك مخلوقات شرسة أخرى تعيش في حقول الذرة في ديار النوبة اسم الواحد منها سرنق جَدِّي، وسرنق هي الأنف وجد/ جدي تعني يرضع / يشفط، يعني كانت تلك الكائنات تمسك بمن يشق حقول الذرة وتشفط محتويات رأسه عبر أنفه الى ان يموت بسبب فقده لمُخِّه، هذا طبعا غير الجن الذين كانوا يقيمون حفلات راقصة في مواقع كثيرة في منطقتنا، ويا ما انجذب بشر كثيرون لتلك الحفلات ثم فروا بجلودهم بعد ان انتبهوا الى أن ارجل الراقصين في واقع الأمر حوافر حمير.
وقبل سنوات راجت حكايات عن جماعة من غرب أفريقيا يتجولون في شوارع العاصمة السودانية ويمدون أيديهم لمصافحة الرجال، ثم يكتشف كل من صافحهم أنه فقد أعضاء ذكوريته، ولم يكن أفراد الجماعة يفعلون ذلك حبا في «الأذية»، بل كانوا يبتزون من جردوهم من فحولتهم بإعادتها إليهم نظير دفع مبلغ مالي كبير، وتناول الموضوع كتاب صحفيون وباحثون اجتماعيون وفقهاء، وأذكر أنني ادليت بدلوي ونصحت بني السودان بسد الذرائع، بالتوقف عن مصافحة من لا يعرفونهم باليد لأنه قد يصعب التمييز بين ابن البلد والغرباء، ولابد أن سودانيا يعمل في صحيفة هيرالد الاسترالية قرأ مقالي ذاك، لأنه كان يتابع «الحكاية» ولكنه لم يفهم ما أرمي إليه، وجاء في تقرير مطول عن تلك الحكاية إنني نصحت بني قومي بعدم تبادل التحية بالمصافحة تفاديا لفقدان أدوات الرجولة، ونقلت لوس أنجلوس تايمز «نصيحتي» تلك نقلا عن زميلتها الاسترالية، مع جرعة ذكية من التريقة على شخصي بوصفي عويرا يصدق مثل تلك الخزعبلات.
وكما هو معتاد في الأساطير الحضرية والريفية من تلك الشاكلة، لم يقدم شخص ما دليلا واحدا على أن فلان بن فلان المعروف لدى الجميع تعرض لهجوم من سحار من ناوا او أن قريبه فلان الفلاني مات بعد أن فتك به السحار أو شفط ال»سرنق جدي» مخه، وبالنسبة لضحايا الغرب أفريقيين كان «الدليل» أيضا ? بين أهل أم درمان مثلا ? أن شخصين في حي السجانة والديوم في الخرطوم كانا من الضحايا بينما كان الدليل عند سكان الخرطوم أن عدة أشخاص في بانت والعرضة والثورة الحارة الساتة وأم بدة راحوا فيها.
فكما في الخزعبلات التي يروج لها بعض كاوبويات الطب الشعبي، فإن المستفيد او المتضرر دائما شخصية غير معروفة، يتم نسبتها الى جهة بعيدة الى حد ما عن المكان الذي يتم فيه تداول اساطير آخر الزمان «أساطير الأولين كما هو معروف وردت في وصف المشركين لما جاء في القصص القرآني، والأساطير في بعض معانيها تعني «الأباطيل»:( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) سورة الأنعام، الآيتان 26-

الصحافة

تعليق واحد

  1. هههههههههه يا ابو الجعافر والحقيقة انا جدى من ناوا واسمه ابنعوف صائد التماسيح وكلها اشاعات بان اهل ناوا من السحاحير وبحكم ان اغلب اهل ناوا صيادين فلذا كانوا بخوفوا الناس عشان ما يقربوا جنب البحر ويزعجوهم ويزعجوا الاسماك وشتتوها ولا يفلحوا فى الصيد

  2. رب رمية من غير رام اهو اشتهرت ولوس انجلوس تايمز جابت اسمك ..عوير عوير ومالو ؟ احسن من الفالحين الكملوا الفلاحة وما مذكورين حتي في جرايد الحائط المدرسية

  3. وأزيدك من الشعر بيت يا كاتبنا الجميل ابو الجعافر…

    لا يوجد جن ولا سحر ولا سحرة ولا يحزنون بالمفهوم الميتافيزيقي الذي راج حسب الاساطير بما فيها اساطير الأديان.

    بدليل أنه لا يوجد أي شخص في عالمنا المعاصر يستطيع اثبات هذا الزعم بطرق علمية وتجارب عملية بحتة.

    كل ما في الأمر ألعاب خفة وقدرة على الإيهام والتحكم في التفكير كما يفعل الساحر ديفيد كوبر فيلد.

  4. هههههههههه يا ابو الجعافر والحقيقة انا جدى من ناوا واسمه ابنعوف صائد التماسيح وكلها اشاعات بان اهل ناوا من السحاحير وبحكم ان اغلب اهل ناوا صيادين فلذا كانوا بخوفوا الناس عشان ما يقربوا جنب البحر ويزعجوهم ويزعجوا الاسماك وشتتوها ولا يفلحوا فى الصيد

  5. رب رمية من غير رام اهو اشتهرت ولوس انجلوس تايمز جابت اسمك ..عوير عوير ومالو ؟ احسن من الفالحين الكملوا الفلاحة وما مذكورين حتي في جرايد الحائط المدرسية

  6. وأزيدك من الشعر بيت يا كاتبنا الجميل ابو الجعافر…

    لا يوجد جن ولا سحر ولا سحرة ولا يحزنون بالمفهوم الميتافيزيقي الذي راج حسب الاساطير بما فيها اساطير الأديان.

    بدليل أنه لا يوجد أي شخص في عالمنا المعاصر يستطيع اثبات هذا الزعم بطرق علمية وتجارب عملية بحتة.

    كل ما في الأمر ألعاب خفة وقدرة على الإيهام والتحكم في التفكير كما يفعل الساحر ديفيد كوبر فيلد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..