سحر الأمكنة (5)

سحر الأمكنة # 5 #
لعل سحر الأمكنة هذه المرة كان طاغياً للحد الذي جعلني أمتطتي صهوة الطائر الميمون دون خشية من ساعات الطيران الطوال المتواصلة التي تتعدى نصف يوم ، فحلق بي بعيداً فوق أعالي الفضاء ، الى أن أرخى جناحيه هابطاً بأرض الغطاء النباتي الكثيف ، الذي يزين مشارف مدنها و يحتضن مناحيها و شوارعها الفسيحة بالخضرة الزاهية التي لا يمسها الذبول و لا تتساقط أوراقها و تستحيل أغصانها عيداناً يابسة كما هو الحال في أمريكا ببعض الولايات الواقعة في أقصى الشمال ، خلال فصل The Winter الذي يغطي The snow عبر موسمه ، الشجر و المدر و سقوف المنازل و الأرصفة و الشوارع و السيارات ؛؛؛؛؛؛
بينما تظل Malaysia ذات الفصل الواحد بأمطاره الدائمة التي لا تنقطع
طوال العام ، مخضرة زاهية تسر الناظرين ؛؛؛؛
و الأمطار هنا تغسل الأسفلت و لا تلوثه كما هو الحال في معظم الأقطار العربية ….
إرتحلت من أقصى الغرب الأمريكي من ولاية California الى جنوب شرق آسيا ، حيث مجموعة من الجزر تتكون منها دولة Malaysia التي تقع على أرخبيل المحيط الهندي و تضم 13 ولاية و 3 أقاليم إتحادية
* * *
تكتظ تلك الجزر بالأمكنة الساحرة ،
أينما ذهبت تجد ما يبهرك ….
بدءً من حاضرة البلاد Kuala Lumpur و إنتهاءً بجزيرة
Langkawi
و لعل ما يجتذب السواح و لا سيما العرب منهم ، الذين يتدفقون صوبها ، أرهاطاً و وحداناً في شكل Tours بسبب ما يميز هذه العاصمة و المدن التي حولها، من الجمال الباهر و التنسيق المتجانس و النظافة البراقة و الشوارع الفسيحة المحفوفة بالأشجار الفارهة الطول و الكثيفة الأفنان و المتنوعة الفصائل ، إحاطة السوار بالمعصم ؛؛؛؛؛
فضلاً عن الأبراج ذات الطراز الفريد
و الفاتن معاً التي تنتظم Kuala Lumpur
و تجعلها كلها بمثابة Downtown بينما أطرافها تحتشد بالأحياء الشعبية للجاليات العربية و الهندية و الصينية ذات سحر طاغٍ ، آية في الجمال و غاية في البساطة و أنت تتطوف بمناحيها تمتلئ وجداً و تتلبسك حالة من الغواية ، تجعلك رهين التنازع بين Arab street و Little india
و الحي الصيني !!!؟….
مجمل القول إن هذه المواقع تتماهى مع الطراز الحديث من العمران و لا تمثل نغمة نشاز ، بل تبدو كالزخرف الذي يزين إطار اللوحة …..
أما عن المدن الأخرى ، فهي بانوراما تفصح و توضح مكنون خزائن الدر المخبوء بين مفاتن فخامة طراز العمران و الشوارع الفسيحة المنسابة الحركة في سلاسة ؛؛؛؛؛؛
و لا سيما عبر مدينتي Syberjaya و
Putrajaya
و في المدينة الأولى هناك مجمع
The domain
الذي يكتظ بالمقاهي و المطاعم من كل شكل و لون ، مزيج من الأعراق و خليط من اللغات الحية و الرطانات الأعجمية ، فضلاً عن المول الضخم الذي يقترن بالعمارة التي يقطنها أبني أشرف ……
أما المدينة الثانية فهي ذات طابع خاص ، تختص به عن سائر المدن الأخرى لتميز بناياتها بقلة تعدد طوابقها التي لا تتجاوز في معظم الأحوال أكثر من أربعة أدوار، فضلاً
عن شرفات الوحدات السكنية ذات الواجهات المزخرفة و المزينة بالأزهار و الورود و النباتات المتسلقة ……
و في قلب تلك المدينة الساحرة ثمة مول ضخم ، يحتوي جميعه ، على كل ما يتعلق بالأدوات الكهربائية و يُسمى Alamanda
Mall
و عودة الى Kuala Lumpur لرؤية
حديقة الفراشات butterfly park ،
هنا بين الأقبية و المجاري المائية و الشلالات و البرك و الأشجار الكثيفة و المتشابكة الأغصان و السامقة الأطوال بفصائلها المتمايزة ، التي تظل مرتعاً للفراشات الملونة ، تتنقل حول أفنانها ، لترسم لوحة تشكيلية مبهرة بفرشاة الطبيعة المبدعة !!…
فضلاً عن متحفها الذي يحتوي على ممالك الفراشات و فصائل شتى من قبائل الحشرات !!!؟…
أمضينا نهارية ذلك اليوم و نحن نجوس داخلها تمتعاً بمخايلها ….
* * *
لا زال سحر الأمكنة في Malaysia
يثير في النفس الكوامن التواقة للتمتع
بالمناظر الطبيعية ، فظل يرمي بي ذات اليمين و ذات اليسار ؛؛؛؛؛
و لعل إختيار جزيرة Langkawi من بين المناحي الفاتنة ، كان إختياراً صائباً ….
فهي حقاً ظل جنة الله في أرضه ، تتمتع بكل ما لا يخطر بالبال من سحر الطبيعة و ما يضيفه الإنسان المبدع بفطرته لمفاتنها المشعة كالشهب ، رجوماً للشياطين !!؟…
فتبدو كالمجذوب تأخذك أخذاً تلك البؤر المغرقة في البهاء و الإشراق ، فلا تملك سوى الإندفاع صوب مكامن السحر فيها ، إندفاعاً نزقاً !!؟؟…
و لعل الأمكنة السياحية المعدة للقادمين من أصقاع الدنيا تتباهى زهواً في مناظرة حامية الوطيس مع
منتجعات الطبيعة (البراوية) !!؟…
( المحميات ) ؛؛؛؛؛؛
ضربة الفرشاة الأولى على فضاء اللوحة التشكيلية لجزيرة Langkawi
كانت في منتجع الأكواخ حيث الإبهار
المتمثل في مفردات الطبيعة البكر التى تحف بالأكواخ من كل جانب ، فالطيور المغردة و الأسماك الملونة و القرود التي تملأ المكان نسنسةً و تتقافز من غصن شجرة الى أفنان الأشجار الأخرى …..
كل هذا يُعطي منتجع الأكواخ خصوصية و تفرد و تميز و مفراقة للسائد و المعهود و لسبب ما ، سرعان ما إنتقلنا الى فندق Simfoni Resort
حيث الغرف أوسع و الخدمات أفضل
و عبر موقعنا ذاك شرعنا في تنفيذ الخطة التي وضعناها لزيارة أكثر الأمكنة سحراً !!!….
بدءً بحديقة الفواكه Fuirt Park
وهي ماتعة لحد كبير ، لا سيما من خلال the tours الذي تقوم إدارة
الموقع بتهيئته للزوار ؛؛؛؛؛
عبر ساعة كاملة يدور بنا المرشد السياحي المتسم بالظرف و خفة الدم على مركبته ذات النوافذ المتعددة حول مناحي الحديقة و صوباتها الزجاجية ، لنشهد كيف تتم حماية الثمار من وهج الشمس وهي في أفنانها ، و لأول مرة لدهشتي أرى أن ثمرة الأناناس تنمو و تنضج داخل التربة مثلها مثل البطاطس و البصل و الفجل ، و عقب نهاية التجوال ،
تتم إستضافتنا تحت مظلة ليُقدم لنا كل أنواع الفواكه التي لم نرى مثيلاً لها من ذي قبل و تُزرع في هذه الحديقة ذات التنوع و التمايز ؛؛؛؛
و عبر طريق العودة ، تختلف المناظر الأولى و تتغير المشاهد بتنوع ، فصائل الأشجار و ثمارها و تتعددها و ربما يسودها في معظم الأحيان أشجار Coconut التي تماثل أشجار النخيل عندنا في الطول و الإعتدال و الجريد
* * *
و لعل ما يميز Beach أرخبيل المحيط الهندي إمتداده على طول الساحل و إكتظاظه بكل فنون البحر من التزلج عل سطح الماء و التسابق باللنشات و الفلوكات و غيرها ….
و كانت خاتمة المطاف بين أرجاء حديقة الحياة البرية The Wild Life حيث أمضينا وقتاً ماتعاً بين أقفاص الغزلان و البرك التي يسبح
فيها البط و الأوز و طيور أخرى برمائية . بجانب العصافير الملونة التي تلتقط الحب من بين أيدي الزوار ، فضلاً عن طائر الببغاء بألوانه الزاهية الذي يخاطبك بلغات متعددة ، و يضربك بأجنحته إذا إمتلكت الجرأة على مسه !!؟….
و هناك العديد من المناظر الخلابة و الشلالات و الأحراش و الأحياء البرية بأشكالها الغرائبية التي لم نحظ برؤيتها من ذي قبل ؟؟!!…
أليس كل هذا الجمال و ذاك السحر قادراً على أن يأخذك أخذاً و يحملك حملاً ، و يجعلك مفتوناً بسحر الأمكنة ، مهما بعدت و تناءت ، حتى لو كان دونها خرق القتاد !!؟….
فيصل مصطفى
[email][email protected][/email]