أبو سنينة وأبو سنينتين .. الحكومة والمعارضة

في الغراء صحيفة آخر لحظة أمس كاريكاتير للفنان فارس يبدو فيه رجل في كامل أناقته وبسطته ، وهو يخاطب مواطنا هزيلا وتعيسا بقوله «لا يوجد من ينافسنا والأحزاب ضعيفة » ، يرد عليه المواطن قائلا « النار تأكل بعضها ان لم تجد ما تأكله » ..وقد صدق فارس فأركان الحكومة وأقطاب حزبها لم يكفوا يوما عن التعريض بالمعارضة والسخرية منها، والتندر بها والتنبر عليها، لانها فاشلة وعاجزة عن تحريك شعرة في رأسهم دعك عن تحريك الشارع، من قبل والآن وفي الغد، وهذا قول لا نستطيع ان نرده او نغالط فيه ولو من باب المكابرة او المكايدة، ولكن الحكومة في زهوها وتبخترها على المعارضة المسكينة لم تقف عند هذا الحد بل مضت على طريقة بخيت الذي حين امتلأ غروراً وخيلاء من الثناء والشكر الذي وجده نظير نظره القوي الذي مكّنه دون قومه من رؤية هلال رمضان، مدّ اصبعه السبابة مشيرا بها إلى السماء مجددا صائحاً في رهطه «داك هلال تاني»، فالحكومة لم تكتف بتحدي المعارضة والسخرية منها و«فل استوب وكان الله يحب الحكومة» ، وانما دفعت المعارضة بيدها جانبا لتخاطب الشعب في عمومه و«عامته»، تقرظه وتمدحه ، فتصفه بأنه شعب واع وصبور ومتفهم ومدرك لاسباب المعاناة التي يكابدها ، ولهذا فهو لم يصرخ في وجهها او يحتج عليها ، ففي اعتقادها ما دام ان الشعب هادئ ومستكين ومتعايش مع المعاناة فهو اذن متقبل لها وواع بها وراض عنها ..ولا شأن لنا بما تعتقده الحكومة فهي حرة في اعتقادها ولها الحق ان تعتقد ما تشاء، ولكن فقط نسألها وهل اذا لزم الشعب الصمت وتحلى بالصبر ازاء مكابدته ومعاناته فإن ذلك يعني انه واع بها وراض عنها ومتقبل لها وحامد شاكر صنيعها ..
لتضحك الحكومة على المعارضة حتى تستلقي على قفاها، ولتقلل من شأنها إلى أي مدى تشاءه حتى لو بدت لها المعارضة في حجم حبة السمسم ، فضحكها على المعارضة لن يزيد عن كونه ضحك ابو سنينة على ابو سنينتين كما في المثل الشعبي، وسخريتها منها لا تعدو كونها سخرية الجمل من طول رقبة الزرافة، فحذارى من الضحك على الشعب بمثل هذه المقولات والاوصاف غير الحقيقية بالمعنى الذي ذهبت إليه الحكومة، فهو ليس طيبان لدرجة أن تأكل الغنماية عشاءه، او ان يلهف البعض حقه ويمسح يده بطرف ثوبه ثم يظل مسكينا مستكينا، ، الأفضل لها ان لا تستكين هي لحكاية واع ومتفهم وصبور، وغيرها من العبارات التسكينية، بل لا بد ان تسعى ما وسعها الجهد لازالة كل التشوهات والقضاء على كل بؤر الفساد وسد منافذ الصرف البذخي واستعدال ميزان الصرف المقلوب رأساً على عقب لصالح الشعب المغلوب على أمره في معاشه وعلاجه وتعليمه، هذه هي التحديات التي يرقب الشعب من طرف خفي ما تفعله الحكومة بشأنها وليس تحدي المعارضة والسخرية منها والهزء بها فكم من ساحر انقلب عليه سحره ?
الصحافة