النهش علي نعش الشعب السوداني

لم تتركوا على جسد الشعب موضعاً لعضة يا بكري!!!

بعد أكثر من ربع قرن من الزمان ، يخرج علينا النائب الأول ، الذي لم يفارق موقع المسئولية أبداً منذ ليلة الإنقلاب ليحدثنا عن ثلاثة وثلاثين قراراً لإصلاح الدولة تُنفَّذ على مدى ستة عشر شهراً !!!
في قعر أي بئر كُنتُم يا سيدي ؟ وأيُّ خَدَرٍ هذا الذي أذهب عقولكم طيلة هذا الزمان المديد ، والدولة تَفْسُدُ كل يوم أمام أعينكم حتى وصلت مرحلة اللاعودة ؟!!
هذه الدولة ياسيدي لا تحتاج هذا الكمّ الهائل من القرارات لإصلاحها ، بل تحتاج قراراً واحداً هو قرار تفكيك دولة الحزب الواحد وإقامة دولة الوطن التي يتساوى فيها الجميع …. لا يكفي أبداً أن تقف أمامنا في مؤتمر صحفي لأكثر من ثلاث ساعات لتحدثنا عن إلغاء سياسة التمكين ، وعن فك الإرتباط بين المؤتمر الوطني والحكومة ، لأنَّنا نعلم تماماً أنهما كندماني جذيمة ، وأنهما وجهان لعملة واحدة ، وأنهما لن ينفصلا عن بعضهما حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط … كما نعلم تماماً أنَّ هذا الشقي الذي ظلَّ يرضع الدولة حتى جفَّ ضرعها قد فات أوان فصاله وفطامه ولن تُجدي معه كل صرائم الدنيا.
إنَّ الدولة التي يتحدث نائبها الأول بأن ليس لها مصلحة في دعم السكر والقمح ، هي دولة يجب أن تذهب اليوم قبل الغد لعجزها عن إدراك حاجة شعبها لهذا الدعم في الوقت الذي يستمتع فيه الحزب وقادته وعضويته بكل مباهج الحياة من عرق أبناء هذا الشعب الصابر ، وما سيارات الكورولا لطلاب الحزب من الأسماع ببعيد !!!
والدولة التي يتحدث نائبها الأول بأنَّ معاش الناس ( فيه شوية معاناة ومقدور عليه والدولة حاسة ) هي دولة يجب أن تذهب اليوم قبل الغد لعدم إدراكها لعمق المعاناة الطاحنة التي يعيشها شعبها ، ولعدم إحساسها بالمسئولية ، ولفشلها في إيجاد أي علاج ناجع لأبسط مقومات الحياة من ماء وخبز وكهرباء وكساء وصحة وتعليم ، رغم السانحة الزمنية التاريخية النادرة التي أُتيحت لها والتي تمكنت خلالها شعوب كثيرة حول العالم من الخروج من درك الشقاء الي الرفاهية والهناء ، بينما ظل شعبنا يرسف في أغلال التخلف والجهل والمرض ويزداد كل يوم تعاسة وبكاء !!!
والدولة التي يعترف نائبها الأول بأنَّ الفساد سوس يدمِّر البلاد ثم يستدرك ويقلِّل مما يُثار حول تفشي الفساد ويطالب الناس بتقديم الأدلة ، هي دولة يجب أن تذهب اليوم قبل الغد لعجزها عن محاربة فساد تعترف بوجوده وتقيم له الآليات والمفوضيات عديمة الجدوى لمكافحته ، وتخاف على نفسها من فتح قمقمه لعلمها بأنَّها والغة في مستنقعه من كبيرها الي صغيرها !!!
والدولة التي يعترف نائبها الأول بأنَّ ( قروش كتيرة جات من برة راحت ) ثم لا يعرف أين ذهبت ومن الذي أكلها ، هي دولة يجب أن تذهب اليوم قبل الغد ، لأنَّ هذا هو الفساد بعينه الذي يطالبنا نحن بأن نقدِّم أدلته !!!
والدولة التي يتهم نائبها الأول ولاتها السابقين – بعد انفضاض المولد – برفع تقارير كاذبة تعطي الإنطباع بأنَّ العدل منبسط وأنَّ على عمر أن ينام تحت أي شجرة ، هي دولة فاشلة يجب أن تذهب اليوم قبل الغد لأنَّ عُمَرها هذا ليس جديراً بإدارتها وكان عليه أن يتحرى عن تلك التقارير الكاذبة ، وأن يفتح أذنيه التي أصمَّها التعالي ليسمع أنَّات المظلومين والمطحونين والمهمشين التي سمعها كل العالم من حولنا ، وأسمعت كل من به صمم الاَّ عمر !!!
والدولة التي يُخادع نائبها الأول بقوله ( لن تحل البركة في برنامجنا الإصلاحي إذا زدنا تعرفة الكهرباء ) ثم يتراجع في مؤتمره بعد دقيقتين ليقول ستتم زيادة التعرفة على الشرائح المقتدرة ، هي دولة يجب أن تذهب اليوم قبل الغد ، لأنها دولة ماكرة تخدع شعبها وهي تعلم تماماً أنَّ زيادة الكهرباء على أي شريحة ستؤثر تلقائياً على عامة الشعب لأنَّ الكهرباء كمصدر للطاقة تحرك وسائل الإنتاج والخدمات وتتسبب في رفع تكلفة إنتاجها !!!
والدولة التي يكذب نائبها الأول بتقديم أرقام خاطئة بإفادته بأن البلاد تحتاج الي ٥٠٠٠ ميقاواط وأنَّ المتوفر منها هو ٣٠٠٠ ميقاواط ، يجب أن تذهب اليوم قبل الغد لأنَّ حاجة البلاد لا تبلغ هذا الرقم ، وأنَّ المتوفر من الكهرباء ليس كما ذكر ، بل كلاهما دون ذلك بكثير جداً !!!
والدولة التي لا يعلم نائبها الأول ولا وزير ماليتها أنَّ بها ١٧ ألف متحصل يجبون ويسرقون أموالها لمصلحتهم ومصلحة المافيا التي قامت بتعيينهم ، هي دولة فاشلة غاية الفشل ويجب أن تذهب اليوم قبل الغد !!!
هذا الجيش الجرّار من المتحصلين هم الذين قال عنهم رئيس البرلمان ( في موظفين بياكلوا ويدوا الدولة ، ماداير ديل يعملوا لي مظاهرة هنا ويقولوا كنّا بناكل وندي الحكومة ) !!!
رئيس البرلمان يخشى إذا تم فصل هؤلاء من قبل وزارة المالية وأصبحوا بلا عمل ، أن يأتوا اليه بالبرلمان ويتظاهرون ضد حكومته التي قطعت مصدر رزقهم ورزق أولياء نعمتهم !!! لماذا يخاف رئيس البرلمان من شرذمة حصلت على وظائف بغير وجه حق ، وأكلت أموال الناس بالباطل ؟ هل يخاف منها أن ترفع لافتات أمام البرلمان بأسماء الكبارالذين شاركوهم في هذا الإثم ؟
الا يعلم رئيس البرلمان أنَّ دولته الفاسدة هذه هي التي ولدت هذه المحن وأنَّ عليها أن تهدهد صغارها ؟!! الا يعلم رئيس البرلمان أنَّ هذا الجيش الجرَّار هم من محاسيب حزبه والمؤلفة قلوبهم الذين تم تعيينهم في هذه الوظائف دون علم وزارة المالية ، وتم تزويدهم بإيصالات لا تخضع لولايتها ، ثم تم نشرهم في جميع أرجاء الوطن لحلب بقرة الشعب والإرتواء من ضرعها دون رقيب أو حسيب وتم تزويدهم بنصيحة واحدة ( أكلوا وأدونا معاكم ) ؟!!
هذا الجيش الجرار هم الذين قالت عنهم بدرية سليمان نائب رئيس البرلمان ( بجيبوا القروش بالشوالات وما بوردوها وأنا شاهد عيان ) أنت لست شاهدة يا بدرية ، أنت شريك متآمر وضالع في هذه الجريمة لأنَّك عندما كان هؤلاء يسرقون أموال الشعب ، كنت أنت تفصلين قوانين الدولة البوليسية وتُلبسين الرئيس جلباب الديكتاتورية وعمامتها وشالها !!! لماذا عندما شاهدت ذلك بعينك يا بدرية لم تقومي باستدعاء وزير المالية الي البرلمان وسؤاله عن ذلك المال السائب بالشوالات ؟ لماذا لم تقدمي من خلال لجنتك القانونية مشروع قانون للبرلمان يوقف ذلك الفساد والعبث ؟ أنت يا بدرية صانعة الديكتاتوريات لا يحق لك الحديث في هذه الأمور !!!
هذا الجيش الجرار ليس هو الدولة العميقة التي تقاوم التحصيل الإلكتروني بشراسة والتي تحدث عنها وزير المالية ولكنَّه مظهر من مظاهرها …. الدولة العميقة التي تَسُدُّ الأفق هي الإنقاذ كلها بحركتها الإسلامية ومؤتمرها الوطني وجهاز أمنها وجنجويدها ورئيسها ونائبيه ومساعديه ومجلس وزرائه وبرلمانها وخدمتها المدنية التي مكَّنت لها ، ولن يستطيع وزير المالية أن يهزم هذه المنظومة التي هو جزءٌ منها ، لذلك لابدّ من دولة ثائرة يأتي بها هذا الشعب الذي سلبته الإنقاذ كل شيئ وأكلت لحمه عضّاً وكسرت عظمه كدّاً ، لينسف بها تلك الدولة العميقة.
لا ينام النائب الأول في أمان ويظن أنَّ أكاذيب كنوز الذهب التي راجت هذه الأيام ستُحصِّنه ضد الربيع القادم ، فإن فات أهل السودان ربيع فلله أربعاء وأربعة ورباع!!!

هيثم عبدالقادر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..