السلطة والنفوذ لمن؟

السلطة والنفوذ لمن؟
السلطة والنفوذ هما قيمتان تعطيهما الشعوب لمن يدير مصالحها وشئون حياتها قي كل جوانبها في ظل النظام الديمقراطي حتى يحقق لها الرفاهية والتقدم والنهضة. وهي قييم تعطى من الشعوب الى الاشخاص الذين يتحلون بالكفاءة والمعرفة والصلاح الانساني, ليكونوا قادة قادرين على تحمل مسئولية هذه السلطة وهذا النفوذ وحتى يتعاملوا معهما باشكال وطرق ونظم تخدم مصالح شعوبهم وتقودهم الى الرفاهية والحياة الكريمة.
والكفاءة تحتاج الى التدريب والممارسة والتي تقود الى الخبرة والتمرس على طرق الادارة. والمعرفة تحتاج الى المثابرة على العلم وطريقة التفكير العلمية. والصلاح الانساني يحتاج الى التحلي بالصفات الانسانية الرفيعة المستوى حضارياً ولفهم معاصر لطبيعة السلوك الانساني وطبيعة التعامل معه ذاتياً واجتماعياً.
اذن القائد المناسب للتحلي بقيمتى السلطة والنفوذ هو القائد الذي يحمل فهم مناسب للحياة الانسانية وفهم صحيح لمفهوم المسئولية ونظرة تقدير نحو شعبه في ظل فلسفة او رؤية معاصرة للقضايا الانسانية بشكل يحمل الكفاءة التنفيذية والمعرفة العلمية والصلاح الانساني بداخله.
الفوضى التي تحدث الان في العالم العربي والافريقي بشكل خاص ظهرت بمساعدة الدول العظمى للجماعات الاسلامية والجهادية والدكتاتوريين والرجعيين الغير مؤهلين من ناحية الكفاءة التنفيذية او المعرفة العلمية او الصلاح الانساني للحصول على قيمتى السلطة والنفوذ. فهم يحملون مفاهيم واتجاهات ورؤى تاريخية متخلفة تماماً عن عصرها للتعامل مع واقعهم الحال, فالدول العظمى قصدت تحميل مسئولية الحكم لحثالة المجمعات وجعلتهم يحصلون على قيم لا تناسب مؤهلاتهم نهائياً لضمان ولائهم اليهم, فكان من الطبيعي ان يقودوا هؤلاء الحثالة شعوبهم الى الدمار والتخلف في كل نواحي الحياة واتجاههم نحو التمسك بالسلطة والنفوذ والاخلاص لمن ساعدهم. وهؤلاء الحثالة يعلمون في قرارة انفسهم انهم لن يحصلوا على قيمة النفوذ والسلطة في ظل نظام ديمقراطي طبيعي. فهم في ظل النظام الديمقراطي الطبيعي والمعافى مكانهم قاع المجتمع الى ان يجدوا الفرصة من شعوبهم لمعالجة مشاكلهم الفكرية ومشاكل نقص كفاءتهم ومشاكلهم في التحلي بالصفات الانسانية الفاضلة بدلا عن تركيبتهم النفسية المريضة.
العامل الداخلي الذي سهل على الدول العظمى مساعدة هولاء الحثالة لتولي زمام الامور و الوصول الى السلطة والحصول على النفوذ هو القيادة التي حكمت في ظل النظام الديمقراطي او الدكتاتوري الذي سبق حكم هؤلاء الحثالة.
فالقادة والسياسيين الذين تولوا الحكم في عهود الديمقراطية او الدكتاتورية كانوا غير مؤهلين بنظرتهم الفوقية نحو شعبهم وبفهمهم المغلوط لمعنى قيمة النفوذ والسلطة. فهم يتعبرون ان النفوذ و السلطة ليس مقابل تحمل مسئولية تقدم ورفاهية شعبهم بل هي في نظرهم حق وراثي يتوارثونه ابً عن جد وبالتالي هم يرون انهم حصلوا على قيمة السلطة والنفوذ من خلال تاريخهم الاسري ومن خلال بطولات اجدادهم التاريخية وبالتالي يجب على شعوبهم ان تظل تقبل أياديهم وتدين لهم بالطاعة والاخلاص والولاء فهم اصحاب سلطة جاءتهم من الاجداد والاباء وليس للشعوب حق في هذه السلطة, هنا يظهر الفهم المعكوس لمعنى او قيمة السلطة و أيضاً لمعنى المسئولية عند هذه النخبة المتخلفة سياسيا وفكريا وذاتياً. فهم بهذه الحالة سهلوا للحثالة امر الوصول الى الحكم ومن ثم الحصول على السلطة والنفوذ بتراخيهم في حماية الديمقراطية وبعبثهم بها تماما اثناء توليهم زمام الامور فساعدوا في رسم صورة ذهنية مشوهة عن النظام الديمقراطي في اذهان شعوبهم و جعلوا شعوبهم لا ترى جدوى من هذا النوع من الحكم رغم ان الديمقراطية بريئة منهم ومن افعالهم تماما بل لو سنحت لها فرصة للوصول الى فترة اخرى من الحكم بها لما وجدت هذه النخبة الفاشلة موطئ قدم بها وهم يعرفون ذلك تماما ولهذا تأمروا عليها بالتراخي في حمايتها لحظات احساسهم بزوال سلطانهم في وعي الشعب.
هناك ايضاً عوامل اخر ساعدت هولاء العظماء العالميين وهولاء النخبة الفاشلة والحثالة وهو الجهل والامية المتفشية والتخلف الثقافي والمعرفي عند الشعوب والتي تؤدي الى جعل الشعوب تخطأ في تحديد من هو صالح للحكم وللحصول على قيمتي السلطة والنفوذ. وفي تحديد من هو جدير برعاية مصالخها وإدارة شئون حياتها بكل تفاصيلها المتشعبة. فالشعب الجاهل عدوا نفسه والإنسان الجاهل غير واعي لطبيعة التعامل مع قضاياه ومدمراً لذاته.
ومن العوامل الاخرى القوى التقدمية والضعف الذي يعتريها فكرياً وتنظيمياً والذي ساعد على تشويه الديمقراطية وعدم المقدرة الفعّالة على التعبئة والتنوير وذلك سهل للحثالة الحصول على السلطة واستمرارهم بها.
اذن لتغير الاوضاع يجب العمل على إزالة كل هذه العوامل السابقة من الحياة السياسية ومن حياة الشعوب وذلك بنشر التنوير بالمفاهيم العصرية للحياة الانسانية وبتوطين المعرفة العلمية وبإيجاد الرسالة الانسانية المعاصرة والبديلة والعمل على اثبات الكفاءة التنظيمية والتفيذية للجهات المصارعة من اجل رفعة شعوبها, فهذه هي مفاتيح المستقبل ولا حل من دونها. فهذه المسئولية اتجاه التغير تقع على عاتق الجميع أفراداً وجماعات . فالذين سبقونا حضارياً سبقت نهضتهم الحضارية الحالية عصر من التنوير الفكري والمعرفي لشعوبهم وعصر من الصراع لتصحيح المفاهيم الثقافية التي كانت لديهم وعصر من المعارضة الجسورة من أجل إحلال مفاهيم وقيم ورؤى النهضة مكان التخلف السائد ان ذاك وكل ذلك في النهاية قاد الى ظهور الحضارة المعاصرة بكل مقدراتها ورونقها وبهائها.وهذا هو المطلوب منا مع اختلاف المحتوى وتشابه الاتجاه نحو التنوير وإحلال التوجه العصري محل التخلف الحالي. ومن يثبت جدارته في هذا الصراع هو من يستحق التحلي بقيمة السلطة و النفوذ ويستحق تولي مسئولية إدارة حياة شعبه في المستقبل, فالمستقبل للأجدر كفاءة ومعرفة وصلاح انسانياً. والنفوذ والسلطة تكون لخدمة الشعوب ولنهضتها ولتقدمها ولرفاهيتها وليس لغير ذلك أبداً.
معاذ عمر حمور
[email][email protected][/email]