فوضى الطرق واجهة قبيحة وخطر حقيقي

يجب أن نقر بدايةً بأن الشرطة في بلادنا لا تزال تمثل صمام أمان لهذا البلد خاصة وأنها تمتلك الخبرة الكبيرة والسجل الناصع من الإنجازات الحقيقية في مجال مكافحة الجريمة ومنع الفوضى وفك طلاسم أصعب الحوادث الجنائية وأكثرها تعقيداً.
وهذا هو الذي يجعل حساسيتنا أعلى تجاه هيبة الشرطة والتي تمثل رمزية لهيبة الدولة..
لم نكن نتخيل في يوم من الأيام أن نشاهد اشتباكاً بالأيدي، مثلاً، بين مواطن مدني ورجل شرطة بالزي الرسمي.. ولم نكن ننتظر يوماً تتحول فيه صافرة رجل المرور إلى مجرد بوق في زحام الأبواق الصائحة في الطريق يفتقد تماماً إلى فعاليته في تنظيم حركة المرور..
وليس من مؤشرات أكثر تأكيداً على فوضى الشوارع في خرطوم اليوم من تجاوز الكثيرين لإشارات المرور الحمراء بشكل سافر.. هذا إن وجدت أصلاً تلك الشارات مضاءة في تقاطعات الطرق، فالواقع يقول إن معظم تقاطعات الطرق خلال الأيام الماضية كانت شاراتها الضوئية لا تعمل، حيث تختنق تلك الطرق ليلاً ونهاراً مع غياب واضح لرجال المرور الذين كانت أعدادهم في الماضي وافرة، وحماسهم عالٍ، وأداؤهم ملموس، وردعهم منتج، لكن شيئاً ما حدث لا ندري بالضبط ما هو، بعده حدث هذا التراجع الواضح..
ولو قمنا بالتخمين بسوء ظن، قد نعتبر أن التعديلات التي تمت في نظام المخالفات المرورية قد تزامنت فترتها مع فترة التراجع الذي حدث في أداء رجال المرور ودورهم في ضبط الطرق..
أما لو أحسنا الظن، فقد نرجح أسباباً أخرى لهذا الإحباط، بأن هؤلاء النظاميين هم في الواقع مثلهم مثل كل الموظفين، يعانون ضغوط الحياة ويتواجهون بما يتواجه به غيرهم من مشاكل الحياة التي تؤثر على كفاءة أدائهم لعملهم.
وهذا يذكرنا بهتاف تظاهرات الثمانينيات أواخر عهد نميري، حين كنا طلاباً في المدارس حين نحاول تحييد موقف رجال الشرطة المكلفين بقمع التظاهرات، فنذكرهم (يا بوليس ماهيتك كم ورطل السكر بقى بي كم)..
وحتى لا نبتعد عن موضوع فوضى الطرق ومخاطر تلك الفوضى التي نشهدها في الخرطوم، فإن أداء شرطة المرور في العاصمة يحتاج في تقديري إلى مراجعات حقيقية تعيد بوصلة النظام القديم في طرق الخرطوم إلى وضعها الطبيعي، فليس من المقبول أن نشهد تراجعاً في الأداء بهذا الشكل في الوقت الذي من المفترض أن نطمح لمواكبة وتطور عن أعلى نقطة كنا قد بلغناها من التنظيم والضبط في سنوات سابقة.
على قيادة الشرطة أن تلتفت لهذا الواقع غير المرضي، وتنتفض بنفسها لإزالة أسباب ضعف أداء شرطة المرور الملحوظ؛ لأن الطرق هي أحد أهم وأبرز عناوين البلد البارزة.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
جمال على حسن
اليوم التالي
ما عندك موضوع وبس
ما عندك موضوع وبس