قصة سياسية..!

يُحكى أن رجلاً يعتمر عمامة خضراء على رأسه، جاء إلى أحد تجار الذهب، ودنا منه وهمس في أذنه قائلاً: “السلام عليكم.. أنا الخضر الرجل الصالح”.
ويُحكى أن التاجر قال له: صحيح أن وجهك فيه سيماء الصلاح والتقى، لكن الخضر لا يأتي لمن هو مثلي”. وفي هذه اللحظة دخل رجل وزوجته إلى المحل واختارا سواراً من الذهب، وطلبا من التاجر أن يقوم بوزنه، ثم فجأة تعثر الزوج بعدما اصطدم بالرجل صاحب العمامة الخضراء، وهنا ثار تاجر الذهب في الرجل صاحب العمامة الخضراء وطلب منه مغادرة المحل، واعتذر إلى الزوج وزوجته، ولكن المفاجأة تمثلت في أن الزوج استغرب من حديث التاجر، وقال له مع من تتحدث ومن الذي طلبت منه أن يغادر المحل، فهل تقصدني أنا، فقال التاجر: لا بل أقصد الرجل الذي أمامك. فقال له الزوج أين هذا الرجل الذي تتحدث عنه أنا لا أراه..!
هنا كانت دهشة التاجر شديدة، وظل صامتاً إلى أن قام ببيع أسورة الذهب إلى الزوج وزوجته، وعندما غادرا التفت إلى الرجل ذي العمامة الخضراء، وقال له ما الذي يحدث.! فأجابه قائلاً: كما قلت لك أنا الخضر ولن يراني أحد سواك.
وبينما هما على هذه الحالة، فإذا بشاب وخطيبته يدخلان المحل، ويحدث معهما ذات ما حدث مع الرجل وزوجته، ليتيقن بعدها التاجر بأن الرجل ذو العمامة الخضراء لا يراه أحد سواه. وبناءً على ذلك صدّق أنه الخضر، وعندها قال له الرجل ذو العمامة الخضراء: “أنت ابن حلال.. خذ هذا المنديل وامسح به وجهك ليزداد رزقك”، ففعل التاجر، وإذا به يسقط مغشياً عليه بسبب مخدِّر تم وضعه في المنديل، وعندها جاء الرجل وزوجته والشاب وخطيبته وقاما بأخذ ما خفّ وزنه وغلا ثمنه من الذهب والمجوهرات، بعدما اتضح أنهم شركاء الرجل ذي العمامة الخضراء.
المهم أن التاجر قام بإخطار الشرطة التي وعدته بالقبض على الجناة، بعدما أخبرته أن هذه الظاهرة ظلت تتكرر كثيراً. ومرّت أيام طويلة دون أن تتمكن الشرطة من القبض على الجناة. وفي أحد الأيام وبعدما استعاد التاجر عافيته وتضاعف رأس ماله، إذا بعربة الشرطة تقف أمام المحل، وينزل منها ضابط ومعه عدد من الجنود يمسكون بالرجل ذي العمامة الخضراء، وسألوا التاجر: هل هذا هو الرجل الذي سرق الذهب منك”، فأجاب والفرح يرتسم على وجه “نعم.. إنه هو.. كيف تم القبض عليه.. إنه محتال ولص ذكي”.
فأخبره الضابط بأن الشرطة تمكنت من توقيفه بعد مجهودات مضنية، وقال له سوف نقوم بتمثيل الجريمة، وبعدها سوف نقتاد هذا المحتال لتسجيل اعتراف قضائي بالحادثة. وهنا التفت الضابط إلى الرجل ذي العمامة الخضراء، وضربه بالكف على وجهه، وصبّ عليه وابلاً من السباب والشتيمة، وطلب منه رواية القصة، فحكى ما حدث بالتفصيل. وبعدها سأله الضابط أين المنديل الذي قمت بتخدير التاجر به وكيف حدث ذلك، فقال له: “أعطيته المنديل وقلت أنت ابن حلال.. خذ هذا المنديل وامسح به وجهك ليزداد رزقك”.
وفي هذه اللحظة أخذ الضابط المنديل وأعطاه للتاجر وقال له: “الآن قم أنت بتمثيل ما فعلته بالضبط”، فقام التاجر بأخذ المنديل ومسح به وجهه، فإذا به يسقط مغشياً عليه. وعندها قام الضابط والجنود بأخذ ما خفّ وزنه وغلا ثمنه من الذهب والمجوهرات، بعدما اتضح أنهم شركاء الرجل ذي العمامة الخضراء، وأن القصة كلها عبارة عن مسرحية جديدة انتحلوا فيها صفات رجال الشرطة.
عزيزي القارئ.. إذا وجدت عشرية الإنقاذ الأولى في الحكي عاليه، فهذا من خيالك. أما إذا وجدت العشرية الثانية فهو من خيالك أيضاً. ولكن إذا عرفت كيف يضيع المال العام، وكيف يتم حبك المسرحيات لاستغفال الناس، فلست معنياً أو مسؤولاً بما توصلت إليه..!
الصيحة