نحن من السودان بلد العدل والمساواة

ما أثار حفيظة الجمهوريين ليس تلك الرسالة التى بعث بها الرئيس نميرى لبعض مؤيديه يتامر فيها عليهم انما بسبب خطأ ارتكبه نميرى فى كتابة ان شاء الله التى جاء بها متصلة “انشاء الله” و خطأ آخر فى كتابة التاريخ الهجرى “1304 هـ ” بدلا من 1404 هـ و قد بادروا برد قوى و فوري جاء فيه (هكذايخطئ إمام الدجالين في كتابة إن شاء الله، وفي التاريخ الهجرى مما يدل على جهل إمامهم المطبق )حقيقة مثل هذه الاخطاء سواء كانت املائية او نحوية هى اخطاء ظلت و لا تزال معيبة فى وسط نخبة المثقفين فى السودان (بالطبع كاتب المادة الضعيف مجرد مجتهد ولا يحسب نفسه منهم) مثل هذه الاخطاء غير مسموح بها بين النخبة السودانية كما قلت وقد يجد مرتكبها عاصفة من النقد و الاستهجان و طبعا يظل فى قلب هذه النخبة قضاتنا الاجلاء “ناس مولانا ” الذين ظلوا دائما بجانب حفظهم للقران الكريم، يحافظون على لغتهم الرصينة فى كل منطوق احكامهم.
على اليوتيوب فديو منتشر لقاضى مصرى كبير يقرأ حكم بطريقة تدعوا الى الشفقة فالرجل بجانب قراءته الخاطئة لايات القران الحكيم لم ينطق كلمة واحدة صحيحة لقراءة نص هو كاتبه ( [url]https://www.youtube.com/watch?v=gfMY8U9fu6c[/url] ) قراءة القاضى ذكرتنى بما قاله الاعلامى “وائل الابراشى” على الهواء بان بعض زملاءه من الصحفيين يكتبون كلمة لكن باضافة الالف “لاكن”.
وفى مقال “الرعاع” للمتحدث العسكري المصرى السابق العميد محمد سمير تضمن مقاله “الرعاع” الذي قامت بنشره جريدة اليوم السابع المصرية، يوم 18 مايو 2017، استهزاء بمن وصفهم كاتب المقال بأنهم رعاع، وهم نتاج منظومة التعليم في مصر، والتي وصفها العميد محمد سمير في مقاله بالفاشلة، وقد اتهم العميد محمد سمير هذه الطبقة بأنهم هم من يتسبب في إثارة الفوضى في البلاد، وتأخر حال المجتمع المصري.
هذا الامر جعلنى انحنى احتراما لقضاة السودان جميعهم بلا استثناء الذين لا أظن ان اصغرهم سنا و اقلهم خبرة يمكن ان يرتكب مثل هذه الاخطاء، و هذا ليس تحيزا لقضاة بلادى بقدر ما هى كلمة حق يجب ان يعرفها هذا الجيل، ان قضاتنا العظام كانوا قد غزوا افريقيا بأدبهم وعلمهم و ثقافتهم حتى تطور الامر ليصبح مولانا “عوض محمد احمد ” قاضى لقضاة شمال نيجيريا اى وزير عدل لها بمفهومنا الحالى.
أسس الاساتذة السودانيون اول مدرسة شرعية لا زالت نيجيريا ودول افريقية عدة تنهل من غرسها الطيب، فيما تمكنت البعثات السودانية التى اتسمت بالنبل والعطاء والطهر والنقاء من ادخال طرق التعليم الحديث لدول افريقية عدة و أدت مهماتها التعليمية فى افريقيا بنجاح وقد وجدت الترحاب والحب والاحترام من اهل نيجيريا و من كافة شعوب افريقيا، وبسبب الطباع و الاخلاق السودانية السمحة تواصلت البعثات السودانية استجابة لمطالب بعض حكومات دول القارة وفى مقدمتها نيجيريا ، و قد أوفى اهل السودان حينها و أوفدوا بعثات سودانية مستنيرة قوامها اساتذة اجلاء و قضاة شرعيين منذ سنة 1934م وتواصل ارسال البعثات السودانية الى نبجيريا ووغيرها من دول القارة لتؤدى مهامها التنويرية بنتهى الاخلاص و التفانى حتى سنة 1966م، وقد كانت أول تلك البعثات السودانية تتكون من اصحاب الفضيلة “البشير الريح” و ” محمد صالح سوار الدهب ” و ” النور التنقارى ” و ” عوض محمد احمد ” وآخرين و كان هؤلاء التنويرين السودانيين جميعهم من خريجى كلية غردون و لقد ادت تلك البعثات مهامها بنجاح واخلاص و تركت ذكرى طيبة وغرست غرسا عطرا من العلم والمعرفة ظلت شعوب نيجيريا و شعوب افريقية اخرى تقطف من ثمره و تشرب من نبعه الطاهر الى يومنا هذا، وكانت الشعوب الافريقية الى وقت قريب تلهج بذكر اولئك الرجال من اهل السودان و تثنى عليهم وتعترف بفضلهم.
كان يجب ان تؤسس تلك البعثات السودانية العظيمة لوحدة افريقية حقيقة لولا ابتلاء السودان بعاهات ثلاثة لها طموحاتها الخاصة، أطاحت باحلام شعبه العظيم، ولا زالت تحد من طموحه، تلك العاهات معروفة هى “الاخوان و الانصار و الختمية” و بسبب هذه العاهات ظل السودان بعيدا عن بيئته الحقيقية فى افريقيا فيما ظل البيت العربى بعيدا عن عروبة السودان الزائفة.
فى ذلك الزمن الجميل تم اختيار مولانا ” عوض محمد احمد “و هو واحدا من اعظم قضاة السودان ليصبح قاضى لقضاة شمال نيجيريا و هى دولة افريقية لها وزنها.
لقد اقام المعلمون والقضاة السودانيون فى مدينة كانو النيجيرية أول مدرسة للتعليم الحديث تدرس فيها بجانب العلوم العصرية، اللغة العربية والشريعة الاسلامية وعلوم الدين و كانت هذه المدرسة بذرة سودانية خالصة وطيبة لمدارس افريقيا الحالية، و بفضل مدرسينا الاجلاء و قضاتنا الفضلاء اصبحت مدينة كانو النيجيرية مركزا تنويريا و ثقافيا يؤمه طالبى العلم و المعرفة و يتم فيه تعليم وتخريج مدرسين و قضاة لكافة دول القارة.
نعلم ان فى عهد الانقاذ اصاب مؤسستنا القضائية ما اصاب العديد من مؤسسات الدولة من امراض و بلاوى لا حصر لها، لكننا لم ولن نفقد الامل فى مؤسستنا القضائية مهما حدث، و نحن على يقين ان هذه المؤسسة تحديدا تستطيع ان تطهر نفسها و تصحح مساراها بسرعة البرق فى حال تنسمها نسايم الحرية و ساعة وجودها فى جوء ديمقراطى حر.
كل الاحترام لهذه المؤسسة القضائية وندعوا الله ان يزيل الغمة التى نعيشها وتعيشها وان ياتى يوما عندما يسألنا فيه احد من اين انتم؟ نقول ( نحن من السودان بلد العدل و المساواة و بلد المؤسسة القضائية الاعظم فى العالم ) و مثل ما اننا اليوم نشعر بالفخر بان قضاتنا قد تولوا مناصب نافذة فى افريقيا نتمنى ان يمتد هذا الفخر لاجيال المستقبل بان اجدادهم قد حققوا العدالة الكاملة.

عبدالعزيز عبدالباسط
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..