ألا يستحق هذا الأب التكريم؟

الأخ الكريم أحمد المصطفى إبراهيم أرجو أن تطّلع والقراء الكرام على هذه التجربة الفريدة، وأن تضيف علامة استفهامات إلى استفهاماتك الصّادقة الهادفة.
الأخ محمد حامد بلول خرّيج جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد سنة 1983م. وساقه طموح الشباب إلى أن يغترب ويعمل محاسباً في مدينة خميس مشيط بجنوب المملكة العربية السّعودية لمدة «13» عاماً. ولكن حدثت له ظروف أُسريّة قاهرة اضطرته للعودة إلى السّودان وتحديداً إلى بادية الكبابيش، وادي الملك، المكب، ليكون بجوار أمّه التي هو بارٌّ بها.
وكان للأخ محمّد بنتان صغيرتان إحداهما أكملت الصف الأول الإبتدائي والأخرى أكملت الصف الثّاني الإبتدائي بالسعودية. ولما ناقشناه في تعليم البنتين قال لنا وهو يضحك: إنّ بنتيّ هاتين سوف أقوم بتدريسهما بنفسي. وبالفعل قام بشراء الكتب والكراسات والمذكرات كما قام بإلحاق الصُّغرى بالكبرى لتكونا في صف واحد وشمّر وشمّرتا. وكانت وظيفة البنتين بالنهار جلب الماء من الآبار وإحضار الحطب للوقود والاهتمام بالبهم ومساعدة والدتهما في غير ذلك من شؤون البيت، وذلك من الثالث أساس حتى الثالث الثّانوي. أما الأب فيكون أول النهار مشغولاً بأعماله اليوميّة كالسُّقيا في المشرع أو في الخلاء بحثاً عن الضائعة أو جَلْباً للقش للضعيفة، وتكون الدراسة غالباً بعد العصر وفي المساء بلمبة الجاز أو البطارية الجافة.
وكنت أساعده بمدّه بنسختين من امتحانات المجلس الإفريقي للتعليم الخاص الفصلية والنهائية وأجوبتها النموذجية «وأنت تعلم يا أخ أحمد مدى جدّية وشمولية وصدق امتحانات المجلس الإفريقي للتعليم الخاص لمرحلتي الأساس والثانوي». وكان الأب «المعلّم» لا يفتح ظرف الأسئلة إلا بعد أن يُنهي المقرر الدراسي لابنتيه ويراجعه لهما ثمّ يمتحنهما ويُصحّح لهما على ضوء الأجوبة النموذجية المرسلة له. ويعتبر نجاحهما في كل امتحان انتقالاً إلى الصف التالي.
واستمر الحال هكذا عاماً بعد عام إلى أن وصلت البنتان إلى الصف الثامن. وقُبيل نهاية العام الدّراسي أخذهما أبوهما إلى سودري لتسجيلهما للحصول على رقمي جلوس يمكنانهما من الجلوس لامتحان شهادة الأساس ولكن مديرة مدرسة البنات للأساس رفضت ذلك بحجّة أنها لا تعلم إن كانت البنتان قد درستا بالفعل قبل الصف الثّامن أم لا؟ ومعها حق. وتدخّل الإخوة في مكتب التعليم بسودري وتم تسجيلهما وأُعطيت البنتان رقمي جلوس وسُمح لهما بالامتحان، وعندما ظهرت النتيجة كانت المفاجأة أنّ إحدى البنتين كانت الأولى على مستوى المركز بنين وبنات وشقيقتها الثانية.
هل توقف الأب «المعلّم» هنا؟ لا. نصحناه بأن يُلحق البنتين بأية مدرسة ثانويّة في أم درمان. والبنتان مُرحّبٌ بهما في أي بيت من بيوت أهلهما بأم درمان ولكنه رفض وواصل معهما في المرحلة الثّانوية. وكنت كالعادة أمدّه بصورتين من جميع الأسئلة الفصلية والنهائية للمجلس الإفريقي مع أجوبتها النّموذجيّة.
ورغم أن الطّلاب في منطقتنا عندما يصلون إلى الصّف الثاني الثانوي يدرسون المواد الأدبية فقط لعدم وجود معلمين للمواد العلميّة، قام الأخ محمد حامد بتدريس جميع المواد الأدبية والعلمية لابنتيه رغم ما لاقاه من مشقة في الفيزياء والكيمياء والأحياء وهو رجل أدبيّ.
وفي هذا العام 2013م جلست البنتان لامتحان الشهادة السودانيّة من منزلهما كالعادة «حصلتا على رقمي جلوس من مدرسة حكومية بأم درمان، اتحاد معلمين» وكانت رغبتهما ورغبة أبيهما قبل الامتحان وبعده في الجامعة الإسلامية بأم درمان. وبعد ظهور النتيجة حصلت إحدى البنتين على «81.3%» والأخرى على «79.3%» وحقّقت كلّ واحدة منهما رغبتها الأولى ودخلت الكلية التي تريدها. الأولى كليّة أصول الدين والثانية كلية التربية، قسم اللغة الإنجليزية. وهكذا أخذ هذا الأب ابنتيه من باب الصف الثّاني أساس إلى باب كل من كلية أصول الدين وكلية التربية، قسم اللغة الإنجليزية بجامعة أم درمان الإسلامية. أفلا يستحق التكريم؟
أحمد صالح محمد عبد الله
مدير المرحلة الثانوية بالمجلس الإفريقي للتعليم الخاص.
> تعليق الاستفهامات:
يا شيخ أحمد صالح إذا ما سُئلت رأيي يكرم هذا الأب من عدة جهات وأولها أن تقبل الطالبتان مجاناً بالجامعة الإسلامية وليس ذلك بالمستحيل ومديرها البروف حسن عباس ذلكم الرجل الفاضل. ولم يكلف هذا الأب الخزينة العامة تعليم بناته ألا يستحق أن يرد جميله. وكل ذلك كرم من الله لبره بوالدته.
لله دركم أهل شمال كردفان!
 شكرا جزيلاً أيها البروف حسن عباس:
والشيء بالشيء يذكر نشرنا قبل يومين موضوعاً بعنوان ( الا يستحق هذا الاب التكريم) ذكرنا فيه قصة الأخ محمد حامد بلول الذي جاء من الاغتراب برا بوالدته وعلم بنتيه في البادية حيث تنعدم معظم مقومات الحياة درسهن المرحلتين ودخلن بنسبة 81 % و79% جامعة ام درمان الاسلامية. وناشدنا الأخ مدير الجامعة الاسلامية أن يقدم لهن على الأقل القبول مجاناً .بالأمس اتصل علينا الأخ البروف حسن عباس مدير الجامعة الاسلامية مشكورا مستجيبا لما طلبنا وزاد كيل بعير وكل ما نقترح هو مستعد له. ( أمانة ما بلد فيك خيرون او كما قالوا بلد الخير والطيبة). وننتظر عون الصندوق القومي لرعاية الطلاب ووعدوا خيراً جزاهم الله عنا كل خير.
ومازال الباب مفتوحا ، وهذه من عندي ولم يطلبها مني الاستاذ احمد صالح كاتب الموضوع ولا والد الطالبتين ، كل من يرى أنه يمكن ان يكرم هذا الاب فليفعل ولو بإدخال الكهرباء والماء لتلك البقعة من بادية الكبابيش. وذلك قبل أن نرى سقيا شمال كردفان قاطبة من النيل الأبيض. أسأل الله ان يمد في ايامي الى ان أرى هذا حقيقة ماثلة للعيان. هل طلبنا مستحيلاً يا أحمد هارون؟؟؟؟
20/8/2013
 ابلغني اليوم 20/8/217 الاستاذ احمد صالح تخرج بنتي محمد حامد بلول بتفوق وامتياز وعلى القائمة بدرجةالشرف وبامتياز. الحمد لله رب العالمين
استفهامات
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الله يحفظهما ويستر عليهما نعم الابناء والله لقد اثلجو صدورنا وهذا الاب لقد كرموه بناته بتفوقهن وحسن تربيتهن جزالك الله كل خير وزادك من فضله.

  2. الله يحفظهما ويستر عليهما نعم الابناء والله لقد اثلجو صدورنا وهذا الاب لقد كرموه بناته بتفوقهن وحسن تربيتهن جزالك الله كل خير وزادك من فضله.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..