إنها المواجهة ولا شك..!

تأسفت على اللسان واللغة اللذين تحدّث بهما موسى هلال وهو يرسل نقداً حارقاً نواحي نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الله. وتعجبت كيف كان هذا الرجل نائباً برلمانياً ومستشاراً لرئيس الجمهورية..! ولكن حينما تأملت سيرة الإنقاذ ومسيرة المؤتمر الوطني، هدأ روعي وزال حنقي، فقد ثبت لي ان هذا العهد الذي نعيشه حفل بكل عجيب، واحتشد بكل غريب..!
ولا أخفيكم أن صدمتي كانت كبيرة، ليس بسبب النقد الذي وجهه هلال لنائب رئيس الجمهورية، ولكن بسبب تصرفات الحكومة التي انتهجت نهجاً شاذاً وسخيفاً، وهي تخلق أجساماً سياسية وعسكرية موازية للأجسام السياسية والعسكرية التقليدية، وذلك في عراكها السياسي والعسكري مع المعارضة.
ولا أظن أن رجلا عاقلاً كان يتصور أن تصل الخصومة بين الحكومة وبعض حلفائها إلى هذا الحد.! ولكن لأن هذه التحالفات قائمة أصلاً على المصلحة، فأن انهيارها في أي لحظة يظل وارد الحدوث، بل أنه لا غرابة في أن تأتي ردود الأفعال المترتبة عليه كبيرة وفاجرة في الخصومة، ذلك أنه كل ما كان الفعل مفارقاً، كان رد الفعل مفارقاً وغير متوقع..!
قناعتي، أن الحكومة لم تتعظ من التأريخ ولم تدرسه جيداً، فهو يحفل بخلاصات لو تدبّرها الحاكمون لما وقعوا في مثل هذه الفخاخ بسذاجة، ما أظنها تليق بمن يبتدر حياته السياسية، دعك ممن أمضى في الحكم ثلاثة عقود.!
ولست في حاجة إلى التذكير بأن أي تحالف قائم على المصلحة سينتهي، متى ما زالت المصلحة وعلائق المنفعة. ومن هذا المنطلق وحده، تبقى الخصومة الفاجرة بين موسى هلال وبين الحكومة واردة الحدوث بشدة، وربما مبررة بحسابات العلوم السياسية والعسكرية.
يقيني أن البلاد موعودة بحرب عنيفة ربما تكون مترتباتها أقسى مما حدث في حرب دارفور إبان اشتدادها، فالحكومة ستواجه هذه المرة خصماً يملك أدوات تبدو مختلفة عن أدوات الحركات المسلحة الدرافورية، فموسى هلال كان رجل الحكومة ويدها الباطشة في دارفور، وهو من يعلم خبايا وأسرار الحرب هناك. بل أنه كان عند الحكومة في سنوات حرب دارفور الباكرة، في مكانة لا تقل عن مكانة محمد حمدان دقلو الشهير بـ”حميدتي” عند الحكومة حالياً. ولعل ذلك أحد أسباب تفجر الصراع الحالي بين هلال والحكومة وبين هلال وحميدتي، فرجل قبيلة المحاميد يشعر كما لو أن الحكومة باعته واشترت أحد خُلصائه السابقين.
قناعتي، أن سيناريو المواجهة بين هلال والحكومة اقترب بصورة كبيرة. وظني أن ما يبطئ من تصاعد عجلة الحرب بينهما، هو أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي، لا يبدو راغباً في خوض أي مواجهة مع هلال. وذلك ما يمكن استخلاصه من حوار حميدتي مع قناص الحوارات الصحفي المميز عبد الرؤوف طه، والذي تم نشره بصحيفة الصيحة الأسبوع الماضي. فقد قال حميدتي بالحرف، “لا نرغب في مواجهة موسى هلال عسكرياً”. وظني أن هذا الموقف لا يبدو عابراً عند حميدتي، فقد سبق أن أشار الرجل في حواره مع الإعلامي الطاهر حسن التوم بقناة سودانية 24 إلى أن ما بينه وموسى هلال أكبر من الخصومة، بل أن حميدتي قال بالحرف: “أنا وموسى أخوان أولاد عم.. ومافي خلاف بيناتنا.. وما ح يكون”.
وهنا نخلص إلى سؤال ختامي: “ترى ما هي البندقية التي سوف تواجه هلال، وخاصة بعدما أكد حسبو أنهم سيواجهون رجل مستريحة إذا اضطروا لذلك”.
الصيحة