مخازي الحكومات الولائية..!

لو كانت جماهير السياسة في السودان، تميل إلى ممارسة عادة رمي البيض الفاسد على المسؤولين الفاشلين أو الفاسدين، كما يحدث في دول الديمقراطيات الراسخة، لأصبح سعر طبق البيض أغلى من سعر جرام الذهب. لكنهم لا يفعلون..!
ولو كان المواطنون يمارسون عادة إلقاء المسؤولين المفسدين في الصناديق المخصصة للقمامة، كما يحدث في كثير من البلدان، لكانت مرادم النفايات ملأى بالسياسيين، ولكننا مانزال أكثر تسامحاً مع الدستوريين الذين يهدرون كرامة الوطن والمواطنين، ممن أتت بها الأقدار ليكونوا في موقع المسؤولية والتكليف العام، مع أن سلوك أكثرية المسؤولين يحرِّض على انتهاج ثقافة رمي البيض وصناديق النفايات في حقهم، ذلك أن أخطاءهم تتوالى دون انقطاع، مما أضر بالبلاد والعباد..!
الثابت، أن كثيراً من المسؤولين ظنوا أن صمت الشارع على ترهاتهم، إنما هو دليل على تأييد المواطنين المطلق لهم، ولما يفعلونه في مسرح العبث. بل اعتبروا أن سكوت المواطنين عليهم بمثابة شارة خضراء، للمضي في ما يفعلونه من سياسات هدامة، وما يقدمونه من أفكار غير منتجة..!
الشاهد أن غالبية توليفة الحكومات الولائية التي تم الإعلان عنها مؤخراً، تبرهن ما سقناه في قولنا عاليه، وتؤكده تماما. فالناظر إلى معظم تلك التشكيلات سوف يصل إلى قناعة واحدة، وهي أن القائمين على اختيار الدستوريين في الحكومات الولائية، ظنوا أو ربما توهّموا أن صمت الناس على أخطاء تلك الحكومات، هو تأييد ومباركة لمسيرتها المتخبطة، مع أن غالبية وزراء ومعتمدي الحكومات الولائية، لم يقدموا ما يشفع لهم بالبقاء أصلاً، ناهيك عن الصبر عليهم ثم التجديد لهم لدورة جديدة..!
وظني أن ذلك أمر محيِّر لا يحدث إلا في السودان. فكيف يتم التجديد لمن لم يجد مباركة أو دعماً، حتى داخل الحزب الذي ينتمي إليه. وكيف يتم الإبقاء على من فشل في حصد النقاط المطلوبة للاستمرار في المنصب، ما لم يكن الميزان مختلاً والمعايير مقلوبة..!
وللمفارقة فأن غالبية وزراء الحكومات الولائية لحقت بهم اللعنات السياسية، وطالهم الغبن الشعبي وحتى التنظيمي داخل الأحزاب التي ينتمون إليها، ومع ذلك تجاوزهم سيف الإبعاد والإقالة، بل تم التجديد لهم لفترة جديدة، اتساقاً مع مخرجات الحوار الوطني التي سمحت هي الأـخرى بظهور كثير من النفعيين والانتهازيين في الحكومة المركزية والحكومات الولائية، وخاصة الذين سارعوا لتكوين أحزاب كرتونية لا تملك سوى خاتم و ورق مروس في شنطة رئيس الحزب، ومن ثم اندغموا في الحوار الوطني، وعينهم على المحاصصة والاستوزار. وللأسف هؤلاء كُثر، ومنهم من يتحكم الآن في مصائر الناس والوطن..!
والمؤسف أن أغلب الوجوه التي واصلت في الحكومات الولائية، أو تلك التي لحقت بها، قابلها الناس برفض كبير. والمثير في الأمر أن بعض قادة المكتب القيادي للمؤتمر الوطني رفضوا استمرار معظم الوزراء في الحكومات الولائية، بل إن بعضهم تحفظ على بعض الوافدين الجدد، ولكن مع ذلك تسللوا إلى التشكيلات الولائية، فهل هناك أسوأ من هذا؟..!
الصيحة