وسقطت العاصمة الإلكترونية..!

يوسف الجلال
مع أن الصفحة الرسمية لمجلس الصحوة الثوري على موقع “فيسبوك”، تبنّت الهجوم الإلكتروني على بعض المواقع الحكومية، ولا سيما موقع وزارة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات، إلا أنني لا أميل لتصديق وجود علاقة بين “الهاكرز” الذي تمكن من اختراق الموقع، وبين “حرس الحدود” ومجلس الصحوة الثوري بزعامة موسى هلال.
والراجح عندي أن “الهاكرز” الذي تمكن من اختراق موقع وزارة الاتصالات، أراد أن يستثمر في الأزمة والتصعيد الكلامي الحاد بين زعيم قبيلة المحاميد موسى هلال، وبين الحكومة، وبناء على ذلك قام ? أي “الهاكرز” ? بتسمية نفسه بـ”حرس الحدود”، سعياً وراء تحميس الخلاف بين الحكومة وهلال. أو ربما يكون الشخص الذي اخترق موقع الوزارة، قد انتهج نهج كثير من “الهاكرز” الذين يميلون إلى استلاب أسماء من مسرح الحياة السياسي والاقتصادي والأمني، ويطلقونها على أنفسهم. وما يدعم هذه الفرضية هو أن اسم “حرس الحدود” أكثر شيوعاً هذه الأيام، وخاصة بعد موقف موسى هلال بالاندماج في الدعم السريع الأمر الذي رفع من احتمالية المواجهة العسكرية، ولو بعد حين.!
ولكن أياً ما كان الأمر، فإن أجواء الحرب لم تغب عن حادثة اختراق موقع وزارة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات، وهو ما ظهر جلياً في البيان الذي أصدرته الوزيرة تهاني عبد الله، حيث جاء البيان طافراً بمفردات حربية أكثر من كونها لغة إعلامية أو تقنية.
وربما لن يصدِّق كثيرون أن الوزارة أعلنت الاستنفار في بيانها، وتحدثت بطريقة أعادت إلى الأذهان سنوات الإنقاذ الأولى، وتحديداً حينما كان يتم تجييش الشباب وتدريبهم لخوض غمار الحرب في جنوب السودان ضد الحركة الشعبية.
ويبدو أن وزارة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات، تأثرت بالإفادة المنشورة بالصفحة الرسمية لمجلس الصحوة الثوري على موقع “فيسبوك”، ولذلك احتشد بيانها بلغة قتالية، وغابت عنه اللغة العلمية والصحفية الرصينة التي يتطلبها مثل هذا الموقف، لتحقيق الإيضاح والإبانة.!
بل إن البيان خلق مناخاً أوحى للبعض كما لو أن هناك هجمة منظمة تشرف عليها تنظيمات سياسية وعسكرية مناوئة للحكومة، حتى ظن كثيرون أن البيان سيقول في واحدة من فقراته “إن الهجوم تم من ثلاثة محاور، واستخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والمدافع الرشاشة”، على نحو ما يحدث في البيانات الصحفية التي تصدر من القادة العسكريين أو المتحدثين باسم الجيوش.
وظني، أن وزارة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات أرادت أن تداري الفضيحة الكبيرة، بعدما تم اختراق موقع الخاص بها، لا سيما أن “تهكير” موقعها يدلل بصورة عملية على أن أنظمة الحماية في أجهزة الحكومة هشة ورخوة.
وقناعتي، أن اختراق موقع الوزارة شائنة ومذمّة كبيرة، لجهة أن الوزارة معنية بحماية مواقع الوزارات الأخرى، ومسؤولة من حراسة بوابة الحكومة الإلكترونية. وربما لذلك تذكر الناس مقولة “باب النجار مخلّع”، وطفقوا يسخرون من وزارة الاتصالات، ومن فكرة الحكومة الإلكترونية التي تنتوي السلطات جعلها منهاجاً في السودان.
المثير للسخرية، هو أن وزارة الاتصالات بمثابة العاصمة في مملكة الحكومة الإلكترونية، كما أنها تضم المركز السوداني لأمن المعلومات، وهو المعني بحماية السودان من حرب التكنلوجيا، وأيضًا تضم مركز البيانات الوطني، وهو بمثابة عقل الحكومة التقني والإلكتروني. وبالتالي فإن سقوط تلك الوزارة في أيدي “الهاكرز” يشابه سقوط العاصمة في حروب المشاة. فهل هناك أسوأ من هذا..!