نحن والقنبلة الموقوتة: “أكياس البلاستيك”

لعل أول ما يستقبل القادم للسودان عن طريق مطار الخرطوم تلك الكمية الهائلة من أكياس البلاستيك ذات الألوان المتعددة والعالقة بالأسلاك الشائكة حول المطار وهي ترفرف مع الرياح بطريقة ملفتة للنظر. وربما كانت هذه هي طريقة حكومة الخرطوم في استقبال القادمين لعاصمة البلاد من الضيوف الأجانب والمواطنين السودانيين العائدين من الخارج أو القادمين عن طريق الجو من ولايات أخرى. ولا يخفى هذا المنظر بالطبع على أصحاب السيارات الذين يستعملون شارع عبيد ختم المسمى على واحد من أوائل شهداء الإنقاذ. وقد يكون من المدهش أن أول استعمال على مستوى العالم لأكياس البلاستيك التي لم نعد الآن في غنى عنها كان في عام 1977.
لم تعد أضرار أكياس البلاستيك خافية على أحد ، فقد وضح أن لهذه الأكياس مضار بيئية عديدة سواء في البحار والمحيطات أو على اليابسة. وقد وجدت بعض أسماك الحوت النافقة بسبب ابتلاعها كمية من هذه الأكياس. وتشير المعلومات العلمية إلى أن البلاستيك يظل على حاله لمدة سبعمائة عام على الأقل قبل أن يبدأ في التحلل ، وأنه يتحلل بصورة كاملة بعد مرور ألف عام ، وحتى بعد هذه السنوات الطويلة فإن مخلفات البلاستيك تظل محتفظة بالمواد الضارة لفترة قد تطول.
بالأمس بدأ سريان قرار منع استعمال أكياس البلاستيك في كينيا بعد مهلة ستة أشهر للتخلص من العادة. أصرت الحكومة الكينية على موقفها بالرغم من الضغوط التي تعرضت لها من جهات عدة على رأسها بالطبع شركات تصنيع الأكياس. غير أن المحكمة العليا وقفت إلى جانب القرار الحكومي بالرغم من أن القرار سيؤدي إلى فقدان ثمانين ألف وظيفة كما تشير المعلومات ، وسيجعل المواطنين في حيرة من أمرهم فيما يتعلق بكيفية حمل مشترياتهم ، خاصة وأن أكياس البلاستيك كانت تقدم من جانب المحلات دون مقابل مادي. وتقول الاحصائيات أن الكينيين يستعملون أربعة وعشرين مليوناً من أكياس البلاستيك في الشهر الواحد.
لا نشك في أن الأضرار التي تلحق بالمواطن والبيئة في السودان لا تقل عما أشرنا له أعلاه ، ولكن السؤال الذي يبقى هو هل تجرؤ الحكومة على وقف استعمال أكياس البلاستيك كما فعلت الحكومة الكينية ، أم أنها ستخضع لضغوط شركات انتاج هذه الأكياس وغيرها من مراكز القوى في هذا الجانب وتغض النظر عن الأضرار البالغة التي تصيب الإنسان والبيئة من جراء استعمال هذه الأكياس.
نرجع للقفه وأخواتها.
نرجع للقفه وأخواتها.