متاهة الحكومة بين أكبر مخدم وأكبر مسبب للعطالة وأخريات

بسم الله الرحمن الرحيم
متاهة الحكومة بين أكبر مخدم وأكبر مسبب للعطالة وأخريات
لا أظن أن حكومة ما مرت بالسودان أو غيره تقع داخل مثل هذه المتاهة.. فهي أكبر مخدم في الدولة ..ولو كانت كما وسابق عهد السودان تخدم الناس في مؤسسات كبيرة ورابحة مثل مشروع الجزيرة والسكك الحديدية والبريد والبرق..لكان الأمر مقبولاً..لكنها وضعت نفسها في هذه الخانة بعد تدمير هذه المشاريع الرابحة . وبنت استراتيجيتها في البقاء على سدة الحكم على القوة واحتكارها..وهكذا بنت القوات والمليشيات التي تولت التعيين فيها والصرف عليها واضطرارها بمرور الزمن لتمييز الميليشيات .
في نفس الوقت أصبحت أكبر مسبب للعطالة في الدولة ليس بسياساتها الاقتصادية فحسب ، بل بسوء التخطيط للسياسة التعليمية كغيرها من المجالات .التي كان للسيطرة على عقول النشئ قسم كبير منها..وهكذا ضخت في الشارع مئات الآلاف من الخريجين الذين لم تعد لهم ولم تخطط لاستيعابهم ..وظنت أن أوهام خلق جيل (رسالي) ستنتج غير متطرفين قلوبهم نحو سير سلف يتم اجترارها أو على العكس تماماً منصرفين إلى استهلاك ما تنتجه الثقافة الغربية ، والنتيجة آلاف المنتظرين للدولة لتضمهم إلى وظائفها وهي لم تغرس فيهم غير روح انتظار الوظيفة الحكومية..فأوصلت مؤسسة الأفندوية إلى أسوأ مراحلها.
كان من الطبيعي إزاء هذا الوضع أن تحاول لملمة أطرافها..فأصبحت في كل ميزانية تعين آلاف الخريجين . وتعجز عن ضمهم إلى كشوفات الرواتب لأكثر من عام ..فلا يدخل المعينون في الكشوفات الرسمية إلا بتعيين غيرهم..ومعظمهم في قطاع الخدمات التي لم تتمكن من توفير المعينات له.وهكذا تحول الآلاف إلى بند العطالة المقنعة.
ولا ادري إن كانت تتحسب لكم الرواتب التي ستدفعها دون وجود مداخيل حقيقية غير الجباية ..فأصبحت عاجزة عن دفع الرواتب..والمنح التي أقرتها..فولايات لم يصرف العاملون فيها منحة عيد الفطر..وها هو عيد الأضحى على الأبواب بنهاية الشهر. والحكومة تحتاج إلى توجيه من رئيس الوزراء بصرف الرواتب قبل العيد..فأين وزير المالية المركزي والولائين ؟ أما منحة العيد فقد أجل الحديث فيها لما بعد العيد!! وهذا هو الجزء الطافي من جبل الجليد..أما ما لا تتحدث عنه نقابة العاملين ، فمليارات من استحقاقات فروقات الترقيات والعلاوات والأجر الإضافي ..فهي تموت في أضابير وزارات المالية الولائية.وهكذا أصبحت أكبر عاجز عن دفع الرواتب والاستحقاقات .
وليت الأمر توقف عند هذا الحد.فهي أكبر عامل لجعل الوطن طارداً . ولا أظنني محتاجاً للتفصيل..وأكبر عامر نزوح . وأكبر عامل لموت الملايين في الحروب . وأكبر مشوه لصورة الإنسان السوداني ووطنه. وحولت الشعب إلى اكبر بهلوان بائس يتدبر حياته بين هذه المصائب . بإيجاز اكبر كارثة لم يتخيلها أكثر المتشائمين. في يوم من الأيام.

معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..