قاتلها الله

أشرت في مقال الأمس من زاوية ضيقة جداً إلى ضلوع سياسة “التمكين” في تدمير العملية التعليمية، وكيف أنها أحالت المعلمين والتربويين إلى ساسة تحكم طرائق تفكيرهم الطموحات السياسية فانغمسوا في مياه السياسة الآسنة من خلال عمل النقابات وتركوا التربية والتعليم ساحة مستباحة للفوضى والمزايدات السياسية البغيضة…

وحتى لا يفهم أحد أنني أختزل سوءات سياسة التمكين في إضعاف حلقات التعليم فقط، ولأن الشيء بالشيء يذكر لابد أن أشير إلى أن سياسة التمكين اللعينة ليست مسؤولة عن تدهور التعليم فقط بل مسؤولة عن تدمير وتدهور كل المجالات حتى الزراعة والصناعة، والتجارة، وهاكم الدليل:

أولاً: خذ مثلاً الخدمة المدنية، كل الكفاءات والخبرات الفنية، والكوادر المؤهلة المدربة التي صرفت عليها الدولة دم قلبها، هبت عليها عاصفة التمكين فجعلتها كعصف مأكول أو بقايا غثاء أحوى، فشردت الكفاءات ولاحقتها بسيف الصالح العام بتراً وتمزيقاً وتضييقاً، ثم التفت أباطرة التمكين إلى أهل الولاء لملء الفراغات العريضة التي اتسع فتقها على الراتق، فلم يجدوا إلا شوية عيال مراهقين يتدفقون حماساً، وكوادر غير جاهزة للعمل، وقيادات عديمة الخبرة، ومنحتهم السلطة المطلقة، وصلاحيات غير محدودة وغير منضبطة باللوائح والقوانين…

و(الباقي إنتو عارفنو والنتيجة قدامكم أهي )…

ثانياً: سياسة التمكين هي المتهم الوحيد في تدهور كل الخدمات سواء أكانت في مجالات الصحة أوالتعليم او المياه أو الكهرباء وذلك لسبب بسيط جداً وهو أن تدهور الأوضاع في كل مؤسسة خدمية أو أي مؤسسة من مؤسسات الدولة يبدأ بـ” التمكين” والمدخل للتمكين، لا يتم إلا عبر بوابة “الولاء” بمعنى أن معايير الكفاءة والخبرات التراكمية والمؤهلات لا معنى ولا قيمة لها أمام معيار “الولاء السياسي” فكم من”شيخ” أو “مجاهد” كان يدير مؤسسته بـ”الرؤيا المنامية” و”البركة” التي كانت حكرًا على ذاك الصنف من الرجال… وغالباً ما تجد الموظفين الصغار من أصحاب الدرجات الصغرى يديرون المؤسسات بكثير من الزهو والطيش ويرأسون أصحاب الدرجات العليا في تلك المؤسسات ممن ارتضوا الهوان وتصالحوا مع سياسة التمكين وقبلوا بها كواقع تعايشوا معها وإئتمروا بأمرها من أجل لقمة العيش… وصحيح تماماً المعايش جبارة…

ثالثاً: سياسة التمكين متورطة تماماً ومسؤولة عن وضع أفشل القيادات على رأس الإدارات الاقتصادية المتعاقبة على مدى أكثر من ربع قرن من الزمان وهي التي “مكنت” قيادات فاشلة بلا مؤهلات أكاديمية ولا عملية ولا خبرات من الصعود إلى مراكز اتخاذ القرارات وترؤس أخطر الأجهزة الحساسة، السياسية والدبلوماسية، والاقتصادية،

والنتيجة في كل ذلك هو حصاد هشيم تذروه الرياح… اللهم هذا قسمي فيما املك…

نبضة اخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..