الاضينة

بسم الله الرحمن الرحيم
الإضينة
1
السودان ” بلدنا الـ فيه اتولدنا” ، قبل ان تعمل فيه مشارط التقطيع ـ منها ما انتهى من عمله ، ومنها من لايزال يعمل ـ كان حتى عشرينات القرن السادس عشر الميلادي مجموعة كيانات متفرقة . انقلاب تم من الداخل أقام مكانها في سنة 1521 السلطنة الزرقاء أو سلطنة سنار أو سلطنة الفونج، كلها مسميات لكيان واحد .
بعد ثلاثمئة سنة من الحكم قضى على هذه السلطنة ، الفتح التركي في سنة 1821 . للستين سنة التالية رزح الناس تحت حكم فاسد أذاقهم الظلم والهوان وعسفا لم يعتادوه . حتى كانت سنة 1881 ، اندلعت ضد الطغيان والفساد في البلاد ثورة بقيادة الإمام المهدي وانتهت في سنة 1886 بالانتصار وعتق الناس وخلاصهم مما عانوه من عسف وفساد . استمر ثوار المهدية في حكم السودان حتى إذا كانت 1898 عاودت تركيا غزو السودان مرة اخرى . هذه المرة جنودها المصريون استبدلت قيادتهم التركية بقيادة بريطانية ـ الأمر الذي مكن لبريطانيا ان تدعي شراكة في الفتح توفر لها مشاركة في حكم البلاد. هذه الشراكة حمت الناس مما جربوه من حكم الأتراك السابق ، وانشأت لهم خدمة مدنية ممتازة ، ويسرت لهم في ما بعد النجاة من التاج المصري حين ادعاه المصريون على السودان. غزو البلاد تجده في كتب التاريخ موصوفا بـ “إعادة فتح السودان”. الفتح الأول كان من الاتراك هم فقط فقدوه فقدا مؤقتا والآن استعادوه . كلمة “إعادة ” تشي التكرار وليس فيها ما يفيد إنشاء الفعل ، ووصف غزو السودان بأنه إعادة فتح أكسب البريطانيين خلافهم مع الفرنسيين في ما عرف بحادثة فشودا وكفى البلاد شر التقطيع المبكر.إن إعادة فتح البلاد كانت شأنا تركيا لا يغير في حقيقته ان علم مصر كان مرفوعا على السارية المجاورة للعلم البريطاني .إذن لا نصيب لمصر في إعادة فتح السودان وأجر”المناولة “الذي اطلعت به لا يؤسس لها حقا .
حكم السودان في الفترة 1821ـ 1886 وفي الفترة من 1889 إلى 1954 كان للترك ، وللتمييز بين الفترتين اعتادت الناس ان تشير الى الفترة الأولى بالتركية السابقة . في التركية الجديدة كان للبلاد حاكمان ولكنما أساءالناس أن احد الحاكمين ” كافر” . لئن هتف ثوار 1924 بحياة مصر وحاكم مصر فإن السحيمي وود حبوب لم يكونا في شيئ من ذلك ، والدم الذي بذلوه لم يضاهيه ما بذله ثوار 1924 ، رحمهم الله جميعا .
ثم بدأ الكفاح غير الدموي لاجلاء الحاكم الأجنبي واسترداد حرية البلاد ، وانقسم الناس إلى فريقين : فريق يريد الخلاص من كلا الحاكمين الأجنبيين وفريق يريد الابقاء على احدهما تحت عدد من الذرائع والمسميات .فزعت مصر لتأييد هذا الفريق -“حلاقيم” ذات اصوات غليظة وعالية ، ومزاعم عن القربى والدم ووو….وذهب المعز. ولكن كل ذلك لم يجد نفعا ، فأجمع السودانيون على استقلالهم ونالوه .
كل ذلك ? باختصار شديد – عن سودان ما بعد الميلاد ، ليس فيه حميمية مع مصر، فماذا عن سودان ما قبل الميلاد؟
(إضاءات: أضّاق عضة الدبيب يخاف من جرة الحبل ،إذن فلنذهب للتحكيم مع إسرائيل اما مع السودان الشقيق!! فهي… هُررركم.)
الإضينة
2
في سودان ما قبل الميلاد، شرقه وغربه وجنوبه كانوا خارج اللعبة فلم يرد لهم ذكرمع مصر ولم تعرف لهم صلة بمصر .
الشمال كان دولة حدود اقليمها امتدت حتى اسوان اليوم- الامر الذي يعني ان حلايب وشلاتين كانت ارضا سودانية منذ فجر التاريخ. الشمال كانت له امبراطورية امتدت حتى رفح مما يعني ان مصر كانت من ضمنها ، كما كان له فراعينه وكانت لهم اهراماتهم تراها في البجراوية في منطقة شندي، وفي البركل في منطقة مروي . هذا ما أبانته كتابات لبعض الباحثين في تاريخ السودان القديم من كتاب التاريخ السودانيين . واليوم تجري تنقيبات في الآثار كشفت ان فراعنة السودان وأهراماتهم كانوا اقدم مما في مصر، وان ما في مصر كان امتدادا لهم ، لكن كتاب مصر بسبقهم الثقافي كانوا أقدر على تصوير الامر على غير ماهو ، واليوم?ربما- تخوفا مما قد تكشف عنه الحفريات الجارية، انطلق بعض اعلام مصر يردح كما تفعل عوالم مصر في حواري القاهرة.
السودان قديمه وحديثه تربطه بمصر الجغرافيا كما تربط مصر بغزة من شرقها وليبيا من غربها فما ذا اجدى الربط الجغرافي كلا من غزة وليبيا ؟ غزة تحت وطأة حصارمصريخانق ، وليبيا تحت وابل قنابل طائرات مصرالتي تفتك بالبشروالزرع والحجر . مصر تفعل ذلك لأن لها فيه مصلحة ، تصرح بها أحيانا وتخفيها أحيانا أخرى فيكشفها المحللون للأخبار والمعلقون عليها . إنها المصلحة وليست قرابة الجغرافيا.
مع السودان، فإن جمعت الجغرافيا بينه وبين مصر، فإن الذي يجمع ويفرق بينهما هو المصلحة ، وهي لمصر بأكثر مما هي للسودان . المصلحة كانت وتد علاقة مصر بالسودان . السودان الإضينة عند مصر شأن للمخابرات المصرية العامة . منذ استقلال السودان كان سفير مصر للسودان يُختار من بين العاملين في المخابرات العامة واستمر الحال كذلك حتى عهد مبارك. بعد احتجاج خافت من حكومة السودان أوقف التقليد ولكن ظلت للمخابرات الكلمة في من يُختار للسودان .لأن مصلحة مصر – في رأي حكامها – تقتضى تقزيم السودان، دأبت المخابرات المصرية العامة “تصوت” في السودان في شماله وفي جنوبه للنيل من شماله . ولم تغادر الجنوب حتى بعد استقلاله، فلقد ظلت تعمل منه. ما يجري في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق إنما ينطلق من الجنوب ، واليوم ثبت اننشاطهم يتمدد من الجنوب إلى الغرب ـ أي دارفور . مصر تمدهم بالمال والسلاح وربما بالرجال ومما لا شك فيه بالخبرة والتوجيه ، كل ذلك والإدعاء اننا إخوة وأبناء النيل وو لايتوقف. إخوة! ام هو “الإضينة دقو واتحضر ليهو”.
سياسة مصر المقررة في تحجيم السودان كشفت عنها صحيفة بديعوت أحرنوت الإسرائيلية في مقال نشرته في يناير الماضي(من هذه السنة 2017 ) وقام بترجمته الصحفي أسامة الزعاترة . الصحيفة كشفت من وقت مبكرعن مساعي مصر لئلا ترفع عن السودان العقوبات التي فرضها عليه مجلس الأمن ـ الأمر الذي تحقق بتصويت مصر اللاحق ضد رفع العقوبات ، ولان السودان إضينة زاره وزير الخارجية المصري بعد ذلك وكأن شيئا لم يكن واستقبل بكل اريحية وترحاب .ولأن السودان إضينة تقطع مصر أطرافه وتقتل أبناءه وتطردهم للموت في الصحراء عطشا وهي مطمئنة لأن الإضينة هو من في الطرف الآخر، الصحيفة الإسرائيية كشفت عن ضيق مصر بكل من يتعاطف مع السودان بين موظفي الإدارة الأمريكية ومضت تقول ” إن المصريين ظلوا يمارسون سياسة الكبح الاستراتيجي ضد السودان لعشرات السنين وظلوا يشددون عليه التضييق منذ استقلاله حتى لا يخرج من طوعهم خوفا من تطوره وتحقيق معدلات نمو تستهلك كميات اضافية من مياه النيل الذي يعتبرونه نهرهم ونجح المصريون بكفاءة عالية في تطبيق مبدأ كل جار هو عدو محتمل تجاه السودان تحديدا ومنذ استقلاله أعاقوا كثيرا من مشروعاته ونشطوا في تنفير المستثمرين عنه …… وتخشى مصر من تحول الإستثمار الخليجي منها إلى السودان لأن تطور السودان خصم على استراتيجيتها لاحتواء السودان وابقائه تحت سيطرتها.”
وهنا وامام المصلحة ، تسقط كل الدعاوى وأولها دعوى الإخاء . أسقطتها مصر علنا وفي الأمم المتحدة واستبدلتها بادعاء حق الفتح ? أنفال كسبتها بقوة السيف. ولا ندري سيف من كان: تركيا ام بريطانيا؟
صالح فرح / أبوظبي
[email][email protected][/email]




يقول أهلنا ( الإضينة دقو واعتذر ليه)
يقول أهلنا ( الإضينة دقو واعتذر ليه)
“الإضينة دقو واتحضر ليهو” > “الإضينة دقو واتعضَّر لو”
“الإضينة دقو واتحضر ليهو” > “الإضينة دقو واتعضَّر لو”